الشيطان عَدوٌ للإنسان، حذرنا الله من إغوائه وإضلاله في حياتنا؛ فهو يدعو المتحزبين معه والمتبعين له إلى مَلاذّ الحياة الدنيا وما فيها من فتن الشبهات المضلة، وفتن الشهوات الآثمة، قال جل ذكره: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: 6] فالشيطان يسعى إلى إفساد الدين والعقل؛ حتى يفضي بالإنسان إلى الهلاك.
) ومن إغوائه الذي حذرنا الله منه في كتابه أنه يَصدُّ عن ذكر الله الذي به حياة القلوب، وصلاح الأحوال في الدنيا والآخرة، ويَصدُّ عن الصلاة التي هي عماد الدين، وفي أدائها تزكية للنفس وتطهير للقلب.
) ومن صفات إبليس التي أخبر النبي- صلى الله عليه وسلم - عنها «يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة مكانها، عليك ليل طويل فارقد. فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدُه كلها فأصبح نشيطًا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان».
) فالشيطان يُزيّن للإنسان التأخرَ عن الصلاة، خاصة صلاة الفجر التي يسبقها النوم، وهذه العُقد التي يَعقدها الشيطان كأنها من باب عقد السواحر، فشبه فعل الشيطان بالنائم بفعل السواحر، وذلك أن النائم كلما أراد أن يقوم ليذكر الله أو يصلي غره الشيطان، وخدعه وسَوَّل له، بأن يقول له: عليك ليل طويل فارقد، فيزين له أن ما بقي من الليل يجعله يأخذ راحته من النوم، فيُصغي لذلك، ويرقد، ثم إن استيقظ ثانية فعل به ذلك، وهكذا في الثالثة، فلا يستيقظ إلا وقد طلع عليه الفجر فيفوته ما كان أراد من قيام الليل وصلاة الفجر.
) وفي أيام الاختبارات تقوى الهمة، وتتحرك الإرادة لدى الطلاب، ويجتهد أولياء أمورهم في تنظيم الوقت وترتيبه، خاصة في الاستيقاظ المبكر، حرصًا منهم على أداء الاختبار في وقته، وخشية فواته، والأولى في حق المسلم أن يكون على هذه الصفة في كل حياته ليتغلب على وساوس الشيطان.
) ولا ينجو الإنسان من اتباع خطوات الشيطان إلا بالمداومة على ذكر الله، والمحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، والاستعاذة بالله من شره.
) فإذا استعان العبد بربه وعَوَّد نفسَه على الاستيقاظ المبكر فإنه يألف العبادات، ويحرص عليها، وتذهب عنه مشقتها، ويعاتب نفسه إذا فاته شيء منها، وحينئذ يصبح الإنسان نشيطًا لما يَرِدُ عليه من عبادات أُخَر من صلوات وغيرها، «طيب النفس» لرجاء ثواب ما فعل ولانشراح صدره فيما يستقبل.
) ومن لم يكن كذلك واستسلم للشيطان، وتغلبت عليه لذته، فكما أخبر النبي-صلى الله عليه وسلم- «وإلا أصبح خبيث النفس كسلان»؛ فقد حمله تفريطه على أن فاته الحظ الأوفر من قيام الليل ومن أداء صلاة الفجر في وقتها، وأصبح كذلك متثاقلًا عن فعل الخير، وربما حمله ذلك على تضييع بعض الواجبات.
) فالمسلم يجاهد نفسه في التخلص من عُقد الشيطان، بقوة إيمانه، وطاعته لربه، ومداومته على ذكره في كل أوقاته وأحواله، ليعصمه الله من شره وإغوائه كما قال الله تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل: 99].
والله ولي التوفيق.
*وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية