الرياض - خاص بـ «الجزيرة»
أكد مدير المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بحي السويدي بالرياض، الشيخ عبدالرحمن العجلان، أن المكاتب التعاونية تعاني نقصاً شديداً في الموارد المالية؛ لأنها تعتمد فقط على التبرعات النقدية والصدقات والهبات، وأن هذا يؤثر بلا شك في خططها الدعوية؛ لأن الدعم الفردي يتعرض للتوقف أحياناً. مشيراً إلى أن للمكاتب دورها الكبير في التصدي للإرهاب وبيان العقيدة الصحيحة، ومطالباً بالمزيد من التنسيق بين المكاتب لتقوم بدورها. جاء ذلك في حوار مع الـ»الجزيرة»، فيما يأتي نصه:
تعاني المكاتب التعاونية نقصاً في الموارد المالية، وتعتمد في توفير مصروفاتها على التبرعات والصدقات والهبات، ما اقتراحكم لتوفير دعم ثابت للمكتب؟ وكيف يمكن للأوقاف أن تسهم في هذا المجال؟
- مما لا شك فيه أن مكاتب الدعوة تعاني نقصاً حاداً في مواردها المالية، وتعتمد بشكل كبير ومباشر في تنمية مواردها المالية على التبرعات النقدية العامة والصدقات والهبات، ولا ريب أن الدعم المادي من أكبر الوسائل وأهمها في استمرارية رسالة المكاتب الدعوية، ومن هنا لا بد للقائمين على هذه المكاتب أن ينشطوا ويجتهدوا لإيجاد أسس ثابتة لدعمها المادي المتواصل؛ ذلك أن الدعم الفردي الذي يقدمه الأشخاص سيتعرض للتوقف في يوم ما.
ولا يخفى على كل ذي لب أن المال هو عصب الحياة، وعند تعذره ستتعطل كثير من الأعمال الدعوية، وستتعثر بعض الوسائل الدعوية كطباعة الكتيبات والمطويات والأشرطة، إلى غير ذلك، ولن تتمكن من مواصلة مسيرتها الدعوية إلا بالدعم المادي الذي ستسهم الأوقاف فيه بشكل كبير ومباشر إذا استغلت تلك الأوقاف استغلالاً جيداً، ومثال ذلك أن يخصَّص سنوياً لكل مكتب دعم مالي من أغلال هذه الأوقاف على حسب نتاج كل مكتب ونشاطه، وبهذا سيتم القضاء على مشكلة الدعم المادي للمكاتب من خلال إقامة الأوقاف لصالح المكاتب التعاونية؛ ليكون ريعها دعماً لمسيرة المكاتب التعاونية وعطاءاتها المستمرة، وبيع الكتب المطبوعة بسعر رمزي؛ ليكون دعماً لأعمال المكتب، وبيع الأشرطة السمعية لتكون قيمتها دعماً لرسالة المكتب، وتوزيع الكتب والأشرطة التي يصدرها المكتب على المكتبات التجارية والتسجيلات الإسلامية لتساهم في بيعها ونشرها بحكم أن روادها من طلاب العلم وغيرهم كثير، وعقد لقاءات واجتماعات بأهل البذل والثراء في نطاق عمل المكتب وتعريفهم بأعمال المكتب ومناشطه وعدد الداخلين في الإسلام من رجال ونساء واطلاعهم على تقارير المكتب السنوية والإحصاءات الرسمية لما تم توزيعه من كتب ومطويات ومصاحف وأشرطة؛ ليكونوا على علم ودراية بمهام المكتب وأعماله ومنجزاته، ثم بعد ذلك يتم طرح فكرة دعم المكتب بالطريقة التي تناسبهم، سواء كانت شهرياً أو دعماً مقطوعاً أو الإسهام في بناء وقف خيري أو نحوه من مجالات الدعم المتعددة، وطباعة أبواك الاستقطاع الشهري وتوزيعها على رجال الأعمال وأصحاب المنشآت وأهل البذل والعطاء في المجتمع، ويكون ذلك بالتنسيق مع البنك الذي يودع فيه راتب المتبرع.
كان للمكاتب التعاونية ولا يزال - بحمد الله - دور كبير في ترسيخ الوسطية والاعتدال في المجتمع، ومحاربة الإرهاب والتطرف، ما الخطط المستقبلية التي ترون الأخذ بها لتطوير آلية عمل المكاتب في هذه القضايا؟
- انطلقت رسالة المكاتب التعاونية من منطلقات إيمانية وثوابت عقدية ترفض الإرهاب بصورة وأشكاله كافة؛ لأن الإرهاب تخويف للمجتمع كله، وبث الرعب فيه، وهو خلاف ما أمر الله به رسوله عليه الصلاة والسلام، قال تعالى: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً}، وقال صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»، وعلى الجهات الحكومية عامة ومكاتب الدعوة خاصة التصدي للإرهاب والقضاء عليه ومكافحته بكل وسيلة متاحة.
والخطط المستقبلية التي نراها لتطوير آلية المكاتب التعاونية في مجال محاربة الإرهاب والتطرف يمكن تلخيصها في الآتي:
1- البيان الكامل والشامل لأصول الشريعة في المسائل المطروحة، وتكرار التوعية والتوجيه نحوها، وذلك عبر المحاضرات والندوات والكلمات والدروس التي تنظمها المكاتب في المساجد والمخيمات الصيفية لإيضاح الحق وتبيين خطورة هذا المنهج التكفيري والتفجيري على البلاد والعباد في المعاش والمعاد.
2- قيام المكاتب التعاونية بتكثيف جهودهم في طباعة كتب العلماء وفتاويهم تجاه قضايا الإرهاب الخطيرة والقضايا المطروحة، وأن تكون مستوعبة فيها الإيضاح وتوخي المصلحة المستقبلية والاستشهاد بالأدلة الشرعية والحجج العقلية.
3- تأليف البحوث والكتب والرسائل التي تبين الحقائق بأسلوب حواري هادئ يخاطب الناس عموماً، وهذه الفئة خصوصاً، وترجمتها إلى لغات العالم، وتوزيعها على شرائح المجتمع وطبقاته؛ ليعلم العالم أن ديننا الإسلامي دين الشمول والكمال، ودين الرحمة والحنان.
4- تفعيل لغة الحوار والمحاورة والنقاش والإقناع في صفوف الشباب، وهذه هي طريقة الأنبياء مع أقوامهم، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِه لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}، فالأنبياء كانوا يؤثّرون في أقوامهم بالحق وحجج الإقناع بحسب ما يفهمه الناس ويناسب مستوياتهم العقلية والفكرية.
5- إقامة المخيمات الصيفية للشباب ودعوتهم عبر نطاق واسع لحضورها واستقطاب الدعاة المتخصصين في التأثير في فئة الشباب لإقناعهم بالحجج الدامغة والبراهين الساطعة والحوار الهادئ المقبول.
6- زيارة دعاة مكاتب الجاليات المدارس والمعاهد والجامعات وإلقاء المحاضرات والكلمات والندوات على الشباب، وإيضاح المنهج الحق الذي يجب أن يكون عليه المسلم، وبيان أهمية جمع الكلمة ووحدة الصف ووجوب السمع والطاعة لولاة الأمر وخطورة الخروج والافتئات عليهم، وبيان أهمية دور علماء الإسلام ومكانتهم ووجوب الالتفاف حولهم والنهل من معينهم.
7- إقامة معرض دعوي عن خطورة الإرهاب وضرره على البلاد والعباد، واستقطاب المشايخ من هيئة كبار العلماء ومن القضاة والمحاضرين في الجامعات لإلقاء المحاضرات والكلمات بهذا الخصوص.
8- تنسيق سلسلة من المحاضرات العلمية في بعض مساجد كل حي، عن معالجة الغلو والتطرف والإرهاب وكيفية مواجهة المجتمع له.
9- طباعة الإعلانات والصحائف المكبرة التي تحتوي على مقالات هيئة كبار العلماء في حكم التفجيرات والاغتيالات والأعمال الإرهابية وتعليقها في المساجد والأماكن العامة.
تنتشر في المدن والمحافظات كافة المراكز الدعوية والإرشادية، والمكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد، كيف نقوي الدور الاجتماعي لهذه المراكز والمكاتب في المناطق الموجودة بها، وزيادة النشاط الدعوي؟ وما المطلوب لجعل عمل هذه المكاتب عملاً مؤسسياً ومتكاملاً؟
- نعم، يلاحظ كثرة انتشار مكاتب الجاليات في مدن ومحافظات وقرى المملكة - بحمد الله وتوفيقه - إلا أن كثيراً من هذه المكاتب التعاونية في المنطقة الواحدة تفتقر إلى التنسيق فيما بينها عند أداء رسالتها الدعوية، فكيف بين المكاتب في المناطق المتباعدة؟ هذه الفجوة هي سبب ضعف الدور الاجتماعي وضعف النشاط الدعوي وعدم وجود عمل مؤسسي متكامل، والواجب هو تنسيق الجهود وتوحيدها لتخدم المصالح المشتركة لتلك المكاتب. ولا شك أن تنسيق جهود المكاتب وتوحيدها سيكون له دور كبير ومهم جداً في تخفيض مصروفاتها المالية وتوفير جهودها البشرية واختصار الوقت. ولتقوية الدور الاجتماعي وزيادة النشاط الدعوي، ولجعل عمل المكاتب عملاً مؤسسياً ومتكاملاً، نقترح إقامة ملتقيات عامة على مستوى مكاتب المملكة، على غرار ملتقيات المكاتب التعاونية التي كانت تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية مشكورة؛ وذلك للبحث والتشاور في شؤون الدعوة ومناشطها وتلاقح الأفكار وتبادل الخبرات والتجارب في هذا الجانب، وكذلك إقامة ملتقيات خاصة على نطاق مكاتب المنطقة الواحدة فيما بينها، وإقامة ملتقيات مختصرة على نطاق مكاتب الأحياء المتقاربة بحيث تقام على مستوى أربع جهات، فمثلاً مكاتب شمال الرياض تجتمع مع بعضها، ومكاتب جنوب الرياض مع بعضها، وكذا مكاتب شرقه وغربه، وهكذا تتكاتف هذه المكاتب وتكوِّن علاقات واجتماعات وتشاورات فيما بينها لخدمة رسالتها الدعوية، ويكون لها مجلس إدارة وأعضاء ولجنة متابعة، وتصاغ لها محاضر الاجتماعات، وتوزَّع على جميع أعضاء المجلس، وتتابع أعماله ومهامه، وتُعقد هذه الاجتماعات شهرياً، ويستضيفها كل مكتب في الشهر مرة، إضافة إلى تبادل المطبوعات العلمية والأشرطة السمعية بين المكاتب، وعرض ما يستجد منها على البعض، والإسهام والمشاركة في تنسيق الطباعة فيما بين هذه المكاتب؛ لتعم الفائدة، ويقل سعر التكلفة.
هل للمكتب نشاطات دعوية تتعلق بالمرأة والطفل؟ وكيف يتم تنفيذها؟
- نعم، يستعان ببعض الداعيات؛ فالنساء شقائق الرجال، وللمرأة دور كبير في التأثير في بنات جنسها، ومن الضروري جداً أن يفعَّل دور المرأة، وتثرى جوانبه، وتُعزز مكانته، وتُستقطب الأخوات الداعيات ليضعن أيديهن في أيدي المكاتب، وتقوم الداعية بدورها الريادي والقيادي في جانب توعية المرأة ودعوتها وإحاطتها بمسؤوليتها في الأمة ومكانتها في المجتمع؛ كل ذلك لأنها اللبنة الكبرى والنواة الأولى التي يقوم عليها عمود الأسرة؛ لأنها نهضة الأمة وبناء حضارتها، كيف لا وهي الزوجة الحنون المؤنسة والأخت الكريمة السارة والبنت اللطيفة البارة بل هي المدرسة الحقيقية لإعداد الأجيال وصناعة الرجال، وصدق من قال:
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعباً طيب الأعراق
وهناك مقترحات لتفعيل دور الجانب النسائي في الدعوة إلى الله من خلال تخصيص أقسام نسائية في مكاتب الجاليات؛ لتتولى الإشراف على الأنشطة النسائية حسب الاختصاص، وإشرافهن على استقبال الجالية النسائية المسلمة الجديدة، ودعوة الباقيات للدخول في الإسلام، وإيضاح أحكام الدين لهن، ومتابعتهن للمسلمات المستجدات، وإمدادهن بالجديد والمفيد من الكتيبات والمطويات والأشرطة بعد أخذ صناديق البريد الخاصة بهن؛ لتتم مراسلتهن عن طريقه، مع إقامة المحاضرات النسائية باللغة العربية لنساء الحي على مستوى نطاق المكتب، واستضافة الأخوات الداعيات القديرات المؤثرات في العنصر النسائي، وإقامة المسابقات النسائية والبرامج الصيفية والدورات الشرعية التي تفقِّه النساء في عقيدتهن وأمور دينهن.