الكثير منا في هذه الحياة تعرض لصدمات (فراق) مؤلمة وموجعة في نفس الوقت, والقليل (الذكي..) فقط استطاع أن يخرج من تلك الصدمات بأقل الخسائر النفسية والجسدية..
القلة القليلة تلك هي من استطاعت أن تتغلب على أحزانها بسلاح (العقل والمنطق) عكس الذين غرقوا وأغرقوا من حولهم في مُستنقع الأشجان ولم يستطيعوا الخروج منه لأنهم وبكل سهولة استسلموا (لعاطفتهم) وأفنوا حياتهم يبكون على فراق لم ولن يعود مرة أخُرى!
ومما لا شك فيه بأن للفُراق أشكال مُتعددة ومُختلفة فهناك فُراق الحبيب لحبيبته، وفُراق الزوج عن زوجته، وفُراق الأب عن أطفاله، وكذلك فُراق الصديق عن أحبائه وأصحابه، وهنا أحببت أن أركز على شكل من أهم أشكال الفُراق وهو مُنتشر وبشكل كبير في أوساط مجتمعنا وتكمن رغبتي في التركيز عليه لما له من أعراض خطيرة أثبتتها الدراسات الطبية الحديثة وهو فراق (الزوجة عن زوجها)، فقد حذرت دراسة سويدية طبية من أن الزوج الذي يفقد زوجته ويبقى من دون زواج لسنوات يكون عُرضة للإصابة بمُشكلات صحية ونفسية.. وكشفت تلك الدراسة التي أجراها فريق من العلماء السويديين على (691) أرملاً ممن فقدوا زوجاتهم بسبب وفاتهن متأثرات بإصابتهن بالسرطان حيث لوحظ أن هؤلاء الأزواج الذين نجحوا في العثور على شريك آخر في غضون ما بين 4 إلى 5 أعوام من رحيل زوجاتهم كانوا أكثر نجاحاً في التغلب على المُشكلات النفسية التي واجهوها نتيجة فقدهم زوجاتهم.. بالإضافة كذلك إلى أنهم كانوا أقل عرضة للمُشكلات النفسية والصحية من أقرانهم الذين واصلوا الحياة دون العثور على شريكة ورفيقة حياة ليُكملوا معها الطريق وفقاً لصحيفة (الشروق المصرية)..
والفائدة العظيمة التي نجنيها من هذه الدراسة أحبتي هي ما تحدثت عنه في بداية مقالي بأنه يجب علينا أن نكون من الفئة القليلة التي أشرت لها في بداية حديثي والتي تفكر (بعقلها) لا (بعاطفتها) وأن نخرج بأقل الخسائر من صدمات (الفُراق المُر) لأن الاستسلام له سينعكس بشكل سلبي ومؤثر على حياتنا بمختلف مناحيها وسنظل مساجين خلف قضبان الفُراق ننتظر الموت متى يأتي ويأخذنا معه لننهي من حياتنا جحيم ولوعة الفراق الذي يأكل من أعمارنا ونحن لا ندري.
كلمات لك أنت.. يا من تُفكر بعاطفتك ولن تتزوج وستعيش على حد تعبيرك (اليتيم) على ذكرى زوجتك تتذكرها صباحاً على صوت فيروز وفي عتمة الليل على أنغام أم كلثوم.. أو أنك لست مُتخيلاً نفسك أن تعيش تحت سقف واحد مع امرأة أخرى غيرها! اعلم بأن الحُب والعشرة لا يتوقفان عند امرأة مُعينة وقد تجد في المرأة الأخرى التي ستسكن حياتك من جديد صفات لم تجدها في زوجتك السابقة ليس تقليلاً من شأنها وإنما هي حكمة الله في خلقه بأن جعل في كل امرأة صفات ومميزات تختلف عن الأُخرى..
اجعل واجعلي.. شمس الحياة تُشرق على أيامك من جديد وتغلب على عاطفتك لأنها العاطفة هنا (مُهلكة ومميتة) وسارع وسارعي.. من الآن في البحث عمن تشاركك ويشاركك ما تبقى من عمرك لتعيشا سوياً تحت سقف واحد تملأه السعادة والبهجة والسرور.. وتذكر دائماً قول الرسول صلى الله عليه وسلم (الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة) صدق رسول الله.