الدول التي سعت وبذلت جهوداً كبيرة من أجل أن تعيد لليمن استقراره وتجنبه -والمنطقة- مخاطر التقسيم وتوسيع نفوذ قوى إقليمية ودولية طامعة في ثروات المنطقة، لا يمكن أن تسمح هذه الدول باستمرار العبث والقيام بمناورات وأفعال لا يمكن أن تعد عملاً سياسياً ولا تصرفاً لأشخاص وأحزاب ومؤسسات يفترض بها ألا تغامر بمصير اليمن ووحدته وأمنه وأمن المنطقة من أجل الإبقاء على مراكزهم ومصالحهم التي لا تعدوا عن كونها مصالح شخصية ضيقة حتى وإن حصلت على غطاء حزبي.
ما معنى أن تستباح مدينة «رداع» في محافظة البيضاء، وما معنى أن يسيطر الحوثيون على محافظة صَعدة ويسعون إلى ضم محافظة «حجة» إلى دويلتهم الطائفية؟!
وما معنى أن تختفي القوات المسلحة وأجهزة الأمن والوحدات العسكرية من مدينة «رداع» ليدخلها مقاتلو القاعدة ويعلنونها «إمارة» على غرار إمارات طالبان مثلما فعلوا في زنجبار وقبل ذلك في «شبوة»..؟!!
ما معنى أن يُمكّن الحوثيون من الاستيلاء على محافظة صعدة ويزحفون إلى محافظة «حجة» للحصول على منفذ على البحر الأحمر..؟!!
ما معنى كل هذا؟ وهل تخلى الجيش اليمني عن حماية الوطن وتركه ليتقاسمه المتطرفون من تنظيم القاعدة والطائفيون من الحوثيين..؟!!
هل انحصرت مهمة الجيش بتنظيمات الحرس الجمهوري والأمن الخاص وسلاح الطيران وفرقه المتعددة في حماية الرئيس المُسلِم صلاحياته إلى نائبه، وتلقي الأوامر من قياداته لينسحب من محافظات البلاد وتركها للمتطرفين والطائفيين حتى تُنفّذ شروط الرئيس..؟!!
هل توّزع الجيش اليمني وقسّم ولاءه؛ فقسم يتبع تعليمات وأوامر رجال الرئيس علي عبدالله صالح، وقسم آخر يتبع قائد الفرقة الأولى اللواء الأحمر، وكل منهم لا يهمه أن يُقسم اليمن بين تنظيم القاعدة وبين الحوثيين؟!
روايات وأحاديث كثيرة تؤكَّد بأن «رداع» وقبلها «صعدة» سُلمتا بتواطؤ من الجيش، بل إن تنظيم القاعدة وقبله المتمردون الحوثيون حصلوا على مساعدات مالية ومادية من أسلحة ومعدات سهلت لهم الاستيلاء على رداع وصعدة، وأن كل ذلك يخدم مخططات شخصية سواء لغرض مطالبات الرئيس علي عبدالله صالح أو مساومات اللواء الأحمر. أما مصلحة اليمن، فهي آخر ما يفكر به المتقاتلون في البلد الذي كان سعيداً فحولوه إلى بلد تعيس..!
jaser@al-jazirah.com.sa