|
بيروت - منير الحافي:
في خضم الأزمة السياسية والأمنية في سوريا تتجه الأنظار إلى المبادرة العربية من جهة وإلى تحركات غربية وعربية في مجلس الأمن لاستصدار قرار يتعلق بسوريا على غرار ما حصل في بلدان عربية أخرى, ما يؤخر صدور القرار بحسب المعطيات وقوف
كل من روسيا والصين ضده عبر حق النقض (الفيتو) الذي سبق أن رفعاه في وجه مشروع قرار غربي.
توجهت ( الجزيرة ) إلى سفير الصين في بيروت للاستفسار منه عن أسئلة تُطرح اليوم عن موقف الصين من الأزمة في سوريا خصوصاً ومن ( الربيع العربي ) عموماً.
يقول السفير ( واو زكسيان ) : تهدف السياسة الخارجية الصينية في الأساس إلى صيانة سلام العالم ودفع لتنمية المشتركة. وتنطلق الصين منهما عند لعب أي دور في القضايا الدولية واتخاذ موقف تجاه المسائل التي يتابعها العالم.
لقد طرحت الصين في العام 1953 (المبادئ الخمسة للتعايش السلمي لمعالجة العلاقات الدولية) وهي:
الاحترام المتبادل للسيادة وسلامة الأراضي وعدم الاعتداء عدم التدخل في الشؤون الداخلية المساواة والمنفعة المتبادلة والتعايش السلمي. واليوم الصين لن تمس بمصالح الدول الأخرى في أي مكان في العالم من أجل مصالحها الخاصة. ولا تتدخل الصين في الشؤون الداخلية للغير وتعارض الهيمنة وسياسة القوة وترفض استخدام القوة أو التهديد بالقوة في العلاقات الدولية.
- ولكن ( لماذا لا تبادر الصين إلى إعلان دعمها للتحركات الشعبية المنادية بالتغيير في بعض بلدان العالم العربي فتكون بذلك قد قطعت الطريق على الولايات المتحدة والدول الغربية وتُثبت بذلك أنها هي أيضاً تؤيد التغيير)؟
يقول السفير: إن (الصين والدول العربية تربطها علاقات ودية تقليدية وقد قامت بتعاون طيب في مجالات عدة. ويتمثل موقف الصين الأساسي اليوم من أوضاع المنطقة في التالي :
التمسك بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية احترام ودعم دول المنطقة في معالجة شؤونها الداخلية بنفسه واحترام الآمال والمطالب لشعوب دول المنطقة. وتأمل الصين من الأطراف المعنية في هذه الدول أن تحل الخلافات عبر الحوار السياسي من أجل استتباب الاستقرار والانضباط الطبيعي في أسرع وقت ممكن. (ونحن على ثقة بأن دول المنطقة وشعوبها تملك قدرة ووسائل إيجاد النظام السياسي وطريق التنمية المناسبة لظروفها الخاصة).
- في الموضوع السوري كيف ترى الصين حلاً للعنف هناك وهل تعتقد أن (الحل الأمني) الذي يعتمده النظام بوضوح سينهي الأزمة؟
يقول: الصين تتخذ (موقفا عادلاً) من قضية سوريا وتدعو دوما الأطراف المعنية في سوريا إلى إيجاد حل عبر إطلاق عملية سياسية شامل ذات مشاركة واسعة. وهذا يعني أن الصين تأمل من الأطراف المعنية في سوريا تسوية الخلافات عبر حوار سياسي لإيجاد مسار الإصلاح والتنمية الذي يناسب ظروفها الوطنية استجابة المطالب والتطلعات المحقة للشعب السوري. ترفض الصين دوما العنف والصراع الدموي ويؤلمها وقوع ضحايا وجرحى وتأمل أن يعيش الشعب السوري حياة طبيعية ومستقرة, وباختصار
«تأمل الصين في إيجاد طريق سلمي لتسوية قضية سوريا).
- هل تعتقد الصين أنه في ضوء ما حصل للمراقبين العرب في سوريا أن مهمة الجامعة العربية في سوريا يمكن أن تنجح؟
يؤكد السفير الصيني أن بلاده (تدعم دور جامعة الدول العربية في حل قضية سوريا). وقد أكد المبعوث الصيني الخاص لقضية الشرق الأوسط (وو سيكه) مرة أخرى على موقف الصين من قضية سوريا، في المباحثات التي أجراها مع الأمين العام للجامعة في القاهرة في 12 كانون الثاني من العام الحالي. والصين تدعم إرسال المراقبين العرب إلى سوريا وهي تأمل أن يواصل المراقبون بذل جهودهم لإكمال رسالتهم وتحقيق الأهداف المرجوة. وتدعو الصين الحكومة السورية والأطراف السورية المختلفة إلى تهيئة الظروف
المواتية لتحركات المراقبين.
واسأل: هل الظروف التي أدت إلى إشهار الصين حق النقض (الفيتو) مع روسيا ضد مشروع قرار غربي يدين حملة الحكومة السورية ضد المحتجين ما زالت على حالها؟
- ترى الصين أن جامعة الدول العربية هي إطار مناسب لحل قضية سوريا. في حال مناقشة قضية سوريا في مجلس الأمن ينبغي لجهود المجتمع الدولي أن تساعد على تخفيض حد التوتر ودفع حوار سياسي إلى تسوية الخلافات والحفاظ على السلام
والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. ويؤكد السفير الصيني أن هذا رأي الخارجية الصينية وكل المحللين الصينيين المهتمين بالمنطقة. وخلاصة ذلك أن الحوار العقلاني هو الخيار الأفضل لكسر الجمود في سوريا. ويتمثل ذلك بنقاط عدة:
1- الخروج من المأزق يتطلب أولا وقف العنف وتجنب سقوط المزيد من الضحايا حيث إن استمرار سفك الدماء في سورية غير مقبول من قبل الدول العربية وشعوبها. والأولوية هي التخلي عن العنف لخلق الظروف الملائمة لتهدئة الوضع.
2- فتح عملية سياسية شاملة وجلوس الحكومة السورية والمعارضة وجها لوجه في أقرب وقت ممكن هو النهج الأكثر واقعية وفعالة للخروج من المأزق. وينبغي أن يستند الحوار على جميع الأطراف في الدولة والمصالح الوطنية. ومادامت المطالب معقولة،
يمكن وضع جميع المواضيع على طاولة الحوار. كما ينبغي أن تكون الأهداف المرجوة من الحوار هو إيجاد حلول تتماشي مع الظروف الوطنية ومصالح الشعب الأساسية. وينبغي على الحكومة السورية الوفاء بالالتزام لتسريع عملية الإصلاح، وإظهار
الإخلاص لاستجابة للمطالب الناس المعقولة. وينبغي على المجتمع السوري والمعارضة المشاركة بنشاط لتخفيف حدة الموقف والعمل معا على لتهدئة الوضع.
3- لا يمكن الاستغناء عن المجتمع الدولي ويجب خلق بيئة خارجية جيدة للخروج من المأزق في سوريا. فسوريا هي مركز العصب في الشرق الأوسط والذي يؤثر على الجسم كله. ويجب أن يكون تعامل المجتمع الدولي مع سوريا حذرا جدا ومدروسا ومتوازنا كما أن عدم نسخ (نموذج ليبيا) والانحياز هو الطريق الصحيح لحل المشكلة. كما أن القيام بالتوازن بين جميع الأطراف في سوريا يساعد على تحسين الوضع في سوريا، واستعادة الاستقرار الاستراتيجي في الشرق الأوسط.
4- تلعب الصين باستمرار دوراً مسؤولا وبناءً في التعامل مع القضية السورية. وسوريا بصفتها، عضواً دائماً في مجلس الأمن ودولة نامية رئيسية، فهي ليست الدولة التي تنضوي تحت لواء الصين. والصين لم تعمل على حماية دولة ما أو ضد دولة ما، بل تقف دائما مع العدالة فقط. وإن استخدام الصين حق النقض (الفيتو) ضد مسودة قرار مجلس الأمن ضد سوريا، لم تركز فقط على سوريا نفسها، بل استنادا إلى السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، والحفاظ على القواعد الأساسية للعلاقات الدولية.
5- الوضع في سوريا على مفترق الطرق. وإن الهبوط الناعم، والاستقرار والوحدة الوطنية في سوريا، وتحقيق مطالب الناس، يحتاج إلى جهود قوية من قبل الطرفين في البلاد، وبحاجة أيضا إلى دعم من المجتمع الدولي. وإن الحوار العقلاني هو
الخيار الأفضل لكسر الجمود في سوريا.
أخيراً، هل ترى الصين خطراً يهدد لبنان، جراء تطورات الأزمة السورية؟ وما هي نصيحتكم لمختلف الأطراف السياسية في لبنان؟
- نعتبر سوريا بلدا مهما في منطقة الشرق الأوسط. لذلك فإن الحفاظ على الاستقرار في سوريا لا يصب في مصلح الشعب السوري فحسب، بل يتماشى مع مصالح دول المنطقة والمجتمع الدولي برمته.