الذين يشبهون دودة القز هم أولئك الذين يفرطون في حب الدنيا حبواً وسيراً وركضاً ولهثاً ومزاحمةً وبوتيرة عالية من أجل جمع المال واستكثاره وحفظه وكنزه وسد منافذ الخروج والضوء عليه بإحكام تام،
دون أن يكتفوا بأي قدر، فكلما وصلوا مرحلة من الكسب معيّنة بحثوا عن أخرى لكن بوتيرة أكثر حدة وأكثر جشعاً ونهماً وبشاعةً، يعملون على هذا المنوال وهذه الشاكلة حتى يوافيهم القدر المحتوم فيغدون إلى مآلهم دون أدنى فائدة تُذكر سوى الشقاء والتعب وعدم المسرّة وقد يتورطون ويتورمون في الآثام والذنوب والخطايا، وقد يكتسون خبث النفس والبعد عن المسرّة وحلاوة السلام والوئام والود والرخاء والأريحية والسخاء، إن للذين يشبهون دودة القز صفات وسجايا وشراهة كبيرة في الجمع والكنز والحفظ والإغلاق، تؤدي للتكلس في المشاعر وتحجر في الأحاسيس والمشاعر، نتيجة حب المال الجم الذي سيتركونه لا محالة بعد حين للحادث والوارث دون أن ينتفعوا به أو يستمتعوا به أو يفرحوا، وهذا هو الخسران المبين، إن هؤلاء الذين يشبهون دودة القز التي كلما زادت في القز كانت أبعد من الخروج حتى تموت، يتهافتون على جمع المال بأي صورة وبأي شكل وبأي لون وبأي طريقة ويقبضون عليه بقبضات حديدية صلبة ويحرسونه بيقظة عالية حتى يوافيهم الأجل الحق، إن لهؤلاء صوراً باكية محزنة وكئيبة ليست نضرة ولا مريحة ولا تسر الناظرين، إنهم حتماً لا يشبهون انبلاج الصبح، ولا تراتيل الفجر، ولا تهجد الليل، ولا فاتحة النهار، ولا فعل السخاء، ولا القصائد الخجلى، ولا الحضور المميّز، وليسوا كالشمس أو القمر أو ظلال النخيل وتفاصيل الحب، ورحابة الدار الكبيرة، وعناوين الحياة المجيدة، وليسوا كبراهين المعرفة، أو جزئيات التأمل، ولا مؤشرات الارتياح، ولا مثيرات النصوص، إنهم قلوب من سخام، وأفواههم باردة، وخطابات تشبه الدخان، دماؤهم راكدة، وأرواحهم تشبه الخرائب العتيقة، أرواحهم غبشة، وحداؤهم أصوات مريعة، يرفلون بالوهم الوفير، ويركضون في مدارات الرماد، إنهم مزحومون بالتعب الكبير، ومزكومون بالتوتر، ومحاطون بذرات القلق ودوامة التفكير، لا هم حنفية ماء، ولا كوز عافية، ولا ظل سنديانة، ولا ضفائر شمس، ولا البياض يسيل من تكويناتهم، إنهم مثل الحديد والأسمنت والخشب العتيق والمراكب القديمة والصدأ والخراب والحجر الصلد ولون الغبار والسواد والجذع الأحدب، والنشيد الممل، والنهايات الحزينة.
ramadanalanezi@hotmail.com