انطلق قطار تأنيث محلات بيع الملابس النسائية تنفيذاً للقرارات الملكية الكريمة ضمن الحلول العاجلة قصيرة المدى والحلول المستقبلية لمعالجة تزايد أعداد الخريجات من الجامعات، ووفقاً للضوابط المحددة بشأن زيادة فرص ومجالات عمل المرأة السعودية في الأماكن والمحال التجارية التي تناسب عمل وطبيعة المرأة. وستمضي مراحل هذه الخطوة بإذن الله، بعد أن أضيفت إلى شرايين وقنوات توطين الوظائف المناسبة للمرأة السعودية وفق الضوابط الشرعية والإجراءات التنظيمية المحددة والواضحة، بل سيتسع هذا الرافد الجديد ليشمل مجالات أخرى ذات صلة بالمرأة في المرحلة الثانية كمجال بيع أدوات التجميل وما قد يتبعها لاحقاً من مجالات أخرى عامة مناسبة لطبيعة المرأة وبيئة عملها بما يحفظ لها كرامتها، وهو ما أعلنه معالي وزير العمل المهندس عادل عمر فقيه عن وضع نظام خاص بتأنيث سعودة الوظائف الصناعية المناسبة للمرأة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتأنيث وسعودة وظائف مصانع الأدوية العاملة في المملكة بعد حصولهن على التدريب اللازم، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتأنيث وسعودة وظائف بقية المصانع التي لديها خطوط إنتاج، وتعيين مواطنات بعد حصولهن على التدريب اللازم للقيام بالأعمال التي ستناط بهن في تلك المصانع.
وما يميز القرار الخاص بتأنيث هذه الوظائف هو الضوابط المنظمة للعمل وضمان الحقوق، والإجراءات المتعلقة بالمظهر العام لمن يعملن في هذه المجالات.. ومن هذه الإجراءات التي حددتها الوزارة: أن يحظر على صاحب المنشأة التي تبيع المستلزمات النسائية حجب رؤية ما بداخل المحل إن كان مخصصاً للعوائل، فيما ستعمل على إلزامه بالحجب إن كان مخصصاً للنساء فقط، على أن يمنع الرجال من دخوله، لافتة إلى أن المحال المقصودة بالقرار هي كل المراكز التجارية المغلقة وعليها حراسات أمنية عامة، أو في أخرى مفتوحة، أو كانت محالا قائمة بذاتها. وأيضاً منع صاحب العمل من توظيف عاملين وعاملات معاً في محل واحد، مستثنياً من ذلك المحال متعددة الأقسام، شريطة ألا يقل عدد العاملات في المحل عن ثلاث عاملات خلال الوردية الواحدة. ومن الضوابط المهمة للعاملات أن تلتزم العاملة في محال البيع بالحشمة في زيها أثناء عملها، بما في ذلك التزامها بضوابط الحجاب الشرعي وأن يكون في جميع الأحوال محتشماً وساتراً وغير شفاف.
إن مزايا قرار توظيف المرأة في محلات بيع الملابس النسائية هي مزايا كثيرة، وطالما حافظ الجميع على أهداف القرار وما يرمي إليه للصالح العام، وطالما التزم الجميع بالضوابط والإجراءات المحددة، وطالما تعاونت المراكز التجارية وأصحاب المحلات في دعم توفير البيئة المناسبة فإن النفع عميم بإذن الله في استقرار العاملات في هذا المجال وعددهن كبير حيث قدرت وزارة العمل عدد طالبات الوظائف بنحو 5 آلاف فيما قدرت الوزارة أكثر من 10 آلاف طلب توظيف خلال عام واحد ناهيك عن الطلبات النسائية للتوظيف عن طريق الغرف التجارية.
ولا شك أن استقرار هذا العدد من الفتيات والنساء في أعمال مناسبة لهن يعني زيادة القدرة الاقتصادية لآلاف الأسر بما يحقق لها الأمان المادي خاصة مع تحديد الحد الأدنى للراتب بثلاثة آلاف ريال فأكثر، ولنتصور أهمية هذا الرقم في حركة الأموال داخلياً ورفع القدرة المعيشية للعاملات وأسرهن سواء كن متزوجات أو غير متزوجات، خاصة في ظل أعباء متزايدة وغلاء لا يتوقف، كما أن تشغيل آلاف الفتيات سنوياً يخرجهن من الفراغ القاتل والذي يسبب كدر العيش والقلق والآفات الاجتماعية.
ومن الإجراءات المهمة تحديد ساعات العمل للمرأة في هذه المحلات وليس بدوام مفتوح لا نراه في معظم دول العالم خاصة المتقدمة منه، فالمشكلة أساساً أن الدوام المفتوح لأسواقنا ساهم فيه غياب تنظيم واضح للأسواق، كما أن الدوام المفتوح في مصلحة أصحاب المحلات وأيضاً العمالة الأجنبية الذكورية التي معظمها أصبح يمتلك النشاط في المحلات تحت التستر ويجنون أموالاً طائلة وهو الهدف الذي جاءوا من أجله، فلا التزامات اجتماعية عليهم ولا شيء يشغلهم غير الاستفادة من هذه المشاريع التي يديرونها من الباطن، ولعل الإجراءات الجديدة تصحح الكثير من هذه الفوضى وتعزز معالجة البطالة النسائية وفق الضوابط واجبة الاحترام والتقيد التام بها وهو ما يستوجب المتابعة في التنفيذ حتى لا يبدو التطبيق وكأنه سلبياً. وهنا تأتي أهمية الجدية في التنفيذ والمتابعة والتعاون بين مختلف الوزارات والأطراف المعنية والمراكز التجارية والعاملات أيضاً لإنجاح قرار مهم كهذا سيعود بالخير على بناتنا والمجتمع، والله الموفق.