القاهرة - سجى عارف:

أصبح التعليم هاجسا يجتاح العقول وأصبح الاستثمار التعليمي هو الأساس الذي تبنى عليه الأمم وتعول عليها الحضارات في زمن اختلفت فيه العقول وتساوت فيه المرأة بالرجل، حيث نشهد في الآونة الأخيرة كثرة الحديث عن الميزانية التي سنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - لدعم العملية التعليمية وتوثيق البنية التحتية للمملكة فمن بنى في العلم قويت عوامده وتوثقت أساسياته وارتقى بمجتمع مثقف طامح يسعى لإشراقه وحضارة اجتازت حضارات قد أرست قواعدها لمئات السنين.. (الجزيرة) سلطت الضوء على جزء بسيط يدور في سياق التعليم يؤسس ليصنع حضارة ويبني ليحقق مجداً يسعى إليه ملك وضع كل ثقته ومجهوداته وطموحاته في بناء كيان دولي قوي غير مهتز منذ نعومة أظفار أطفاله وقوة أبنائه وثقافة شعبه بلقائها بمدير المركز الوطني للتعليم الالكتروني والتعليم عن بعد الدكتور عبدالله بن محمد المقرن ليرسم لنا خارطة طريق التعليم الالكتروني بالمملكة.

* د. عبد الله المقرن بداية أود أن تسلط الضوء على أهم المشكلات التي تواجه جميع طلاب التعليم الإلكتروني بلا استثناء وهي خلل النظام المستمر الذي يعوق العملية التعليمية في شتى مراحلها؟

- الطالب أو الطالبة دائما ما يكون مكلفا بأداء أعمال وأنشطة وأعباء دراسية يعتمد فيها اعتمادا كليا على النظام المخصص له عبر الجامعة فيكون من الصعب عليه العمل إذا ما كان النظام لا يعمل، لذلك كان علينا اتخاذ وسيلة لمراقبة أي خلل قد يصيب النظام فأنشأنا وحدة مراقبة الشبكة داخل المركز حيث إننا كنا معتمدين على الشركة المزودة للشبكة، ويؤسفني أن تكون هذه إحدى المشاكل التي تواجهنا وهي موجودة بشكل عام في مزودي الخدمة بالمملكة على مستوى استخدام الشبكة لكل القائمة الخاصة بالمزودين على الرغم من الضغط المستخدم على الشبكة إلا أنهم لم يصلوا إلى ما يحقق الاحتياج والطلب من قبل المواطن وهذا نوع من التعليم الذي ننشده ونتمناه.. والآن هناك تنسيق بيننا وبين الإخوة في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لتدشين وإطلاق مشروع الشبكة السعودية للتعليم والبحث العلمي قريبا وهي مساندة للشبكة القائمة حالياً، فالأخيرة عليها ضغط كبير وفي كثير من الأوقات يكون هذا الضغط نتيجة للاستخدام العام الذي لا علاقة لها بما يدعم العملية التعليمية أو البحثية فكانت هذه الشبكة الأخرى الخاصة فقط بدعم العملية التعليمية بكل جوانبها لتهيئة الربط المستقل والتي بدورها ستقلل الكثير من المشاكل التي تعتري عملية الاتصال، وبالمناسبة هذه المشكلة تواجهها الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبريطانيا حيث أنشأوا بدورهم شبكات أخرى كشبكة كناري وانترنت 2 وجانيت وغيرها من الدول وبالطبع البرتوكول في هذه الشبكات المساعدة هو برتوكول مختلف تماما عن برتوكول الشبكة الأولى فهو رابط فقط لدعم مراحل التعليم منذ مرحلة رياض الأطفال إلى المراحل الجامعية التعليمية ولعله حل لمشكلة الشبكة وانقطاعها المستمر..

* ما هي المعوقات الأخرى التي تواجه المركز وتشكل تحديا له؟

- واحد من أهم المعوقات هو ما يسمى بالتنسيق.. التنسيق على كل الأصعدة سواء المؤسسات المزودة للعملية التعليمية أو كل ما له علاقة بالعملية التعليمية فالمملكة بها ثلاثة مستويات تدير العملية التعليمية بشكل عام وهي المستوى الأولي المعروف بالتكوين التأسيسي وهو وزارة التربية والتعليم التي ترعى التعليم العام كله منذ رياض الأطفال إلى آخر المرحلة الثانوية، كما أن هناك وزارة التعليم العالي المعنية بكل ما له علاقة بالتعليم الجامعي من كليات وجامعات، ولدينا كذلك مؤسسة التعليم الفني المسئولة عن التعليم الفني المقدم من خلال المعاهد والكليات الفنية والتقنية المعنية والمركز الوطني للتعليم الالكتروني والتعليم عن بعد هو مركز تابع لوزارة التعليم العالي وهو بدوره يمد جسور التواصل مع المؤسسات الأخرى كوزارة التربية والتعليم ومؤسسة التعليم الفني للمشاركة في تذليل الصعوبات وتبادل النجاحات وإضافة قيمة لما يوجد لدى الآخر من جهود وذلك منذ انطلاق المركز 1427هـ، ووجدنا أن كل ما نقدمه بالمركز قابل جدا للمشاركة مع جميع القطاعات وليس فقط القطاعات الحكومية بل حتى القطاعات الخاصة والأهلية، وهذا ما نتمناه لأن عناية القطاع الخاص يعد أقوى القطاعات المنتجة على مستوى المنطقة العربية.

* كيف تكون مشاركة القطاع الخاص؟

- لو نظرنا للدول الأخرى لوجدنا أن القطاع الخاص هو ممارس فعلي ومنتج في دعم التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد فهو يمارسه لمصلحته وفائدته عبر تقديم كل منتجاته في أغلب الأحيان مجانا ونظير ما نسميه بحراك المسئولية الاجتماعية المعروفة لمؤسسات التعليم بشكل عام وعادة ما ينتج أشياء ذات جودة عالية، ومن الصعوبات هنا التنسيق مع هذا القطاع فعلى سبيل المثال لدينا بالمملكة ما يعد على الأصابع وهم 3 شركات ويمكن أن نقول شركة أرامكو وما سار على طريقها كسابك وغيرها من الشركات التي استفادت من منظومة ارامكو، ونحن نعلم أن الأولى قد قطعت شوطاً كبيراً جداً وقويا في مجال بنية التعلم الالكتروني لمنسوبيها ولكل من له علاقة باستدامة العملية التعليمية في مؤسسة تريد أن تتحول لتكون مؤسسة تعليمية في الوقت الذي نحن نريد أن نحيل المجتمع إلى مجتمع متعلم لذا نسعى لمثل هذه الشراكة فنحن نعد لسوق العمل وسوق الحياة لما بعد العملية التعليمية..

* كيف يعود ذلك على مخرجات سوق العمل؟

- خريجونا يجدون وظيفة في البنوك والمصانع وفي كل مؤسسات الإنتاج المنطوية تحت القطاع الخاص من شركات ومؤسسات خدمية ونحن نأمل من مثل هؤلاء، وأيضا أن يكون الحراك والإعداد والتأهيل منصبا على مؤسسات التعليم العام أو التعليم الجامعي أو الفني بل نأمل منهم أن يكون لديهم الآن ممارسات ولديهم وسيلة مثل التطبيقات الحاسوبية بل إننا دائما نتوق في العملية التعليمية لدراسات الحالة فمثلاً دارس المحاسبة الذي سيعمل في بنك نتمنى أن يثري السنوات الأربع في البكالوريوس بدراسات لحالة الواقع السعودي لأننا في كثير من الأحيان نستنسق دراسات الحالة من التجارب الأجنبية والتي قد لا توائم بيئة العمل أو التعامل في محيط أو اختصاص المحاسبة في المملكة، مثل هذه الحالات يتم إعطاؤها لنا لنستفيد منها ونحن دائماً ما نطلب إعطاءنا أشياء عامة مثلا تجربة في اكتشاف الشيكات المزورة فقد وجدنا العديد من الجامعات تخصص كورسات إثرائية لطلاب المحاسبة في هذا المجال حيث إنني قد وجدت في إحدى المرات محاكاة في هذا المجال فيعيش الطالب عبره بيئة افتراضية فيتعلم كيف يمكن أن يكتشف أساليب تزوير الشيكات بشكل عام، ويعيش معه في بيئة فعلية محاكية للواقع، كما لو كان بالفعل قد تعرض التزوير لمثل هذه الشيكات ليعرف كيف يتعامل مع المجرم وكيف يتحايل عليه بعدة وسائل ثم يتدرج بالعملية عبر مستويات متعددة قد يدرسها الطالب خلال سنتين إلى أربع سنوات إضافة إلى تحديات التأهيل والتدريب وغيرها من التحديات التي تواجه المركز الوطني والعملية التعليمية.

* هناك العديد من المشاكل التي تواجه الطلبة في التعليم الالكتروني والتقنية كيف يمكن علاجها؟

- نقر أن التقنية والبرمجيات فيها العديد من المشكلات فمثلاً لو استخدمنا نظام ميكروسوفت أوفيس أو غيره من البرامج سوف نجد أن به مشاكل كثيرة وهو من شركة ميكروسوفت التي تعد اكبر وأهم شركة برمجيات في العالم وهذه واحدة من ضريبة استخدام التقنية، شركة ابل ومشاكل الآي باد، أن تسمح للمستخدم بشكل متواصل أن يكون هناك رد فعل فوري لحالات الإشكال التي تواجه التقنية لكن أن تترك الناس مع التقنية يتيهون فهنا المشكلة، أنا أطالب على المستوى الوطني أن نأخذ بنموذج سليم بوجود وسيلة لدعم مستخدمي التقنية بشتى صورها وألا يترك الطلاب على حالهم يصدمون ويصطدمون

* كم عدد الطلاب الذين ساهم المركز في تدريبهم وتخرجهم؟

- المركز الوطني منذ بدأ وحتى الآن تمكن من أن يخرج ما يقارب 7000 متدرب على مستوى المملكة في أكثر من 20 ورشة تدريبية تعقد في الفصل الدراسي الواحد، والآن بدأنا ندرب عن بعد مع زيادة الضغط علينا كما أننا نعتبر أن كل طلاب المرحلة الجامعية هم عملاء لنا ونحن نقوم على خدمتهم فكل جامعة استفادت أو تبنت تطبيقات المركز نعتبرها من مسئولياتنا الكبرى لذا نحن نتحدث هنا عن مئات الألوف من الطلبة والطالبات، على سبيل المثال جامعة جازان تحتوي على نصف مليون طالب وطالبة وما نتحدث عنه هنا هو المستخدم النشط سواء كان عضوا لهيئة التدريس أو المتلقي للعملية التعليمية وهو ما نطلق عليه «طالب».

* هناك من يعتقد أن الدراسة الإلكترونية أصبحت تلقن الطالب أكثر من كونها عملية تبادل خبرات ومعلومات؟

- ما يعمله المركز الوطني هو إزالة الحواجز والناس دائماً ما ينحصرون بحالة الزمان والمكان لذا نريد أن نزيل حواجز العملية التعليمية وطرق الاتصال بها والذي يحدث الآن أن نسبة عالية من الاتصال تحدث من خط واحد أي من عضو هيئة التدريس إلى الطالب إذن أين التفاعلية هنا؟ للأسف محدودة لذا نتمنى انه في يوم من الأيام يتحول عضو هيئة التدريس إلى متعلم من قبل طلابه. إن الحراك في العملية التعليمية الحاصل افتراضيا خلف الآي دي والباسوورد لا يعطيني كعضو هيئة تدريس تلك الانطباعات عندما تكون بداخل الفصل وأمام الطلاب وللمكان والظهور هيبتهما بل أزيحت تلك الحالة وأصبحنا سواء نزيل كل العقبات ونزيل كل الحواجز ونتساوى في المعادلة، فأنت في الانترنت عبر الفيس بوك أو التويتر تتحدث مع كل الشخصيات تتحدث مع مديرك أو عامل لديك تتحدث مع عالم أو مهندس تتحدث مع أي شخص آخر دون حواجز أو قيود تعبر عن رأيك بحرية هنا الأمر سيان والكل يكشف عن نفسه وأنت ترى كيف استطاع هذا الشخص علاج مثل هذه المشكلة بل كيف قدمها لك دون عيوب وبأسلوب راق، وكيف يختزل هذه المعلومات الغنية بشكل رائع.. فكيف لا نستفيد من جمال وتنوع هذا العالم الرائع والغني في خدمة العملية التعليمية، بل إننا نتمنى على أعضاء هيئة التدريس أن يأتي اليوم الذي يقولون فيه بالفعل جنينا قيمة علمية من خلال هذه الشعبة أفضل من طلابنا عن كل فصل وهذا هو المقصود من العملية التعليمية فعملية التلقي أو التعلم المحصور بما أملكه أنا وحدي وفي ذهني لم يعد كافيا وأنا بالفعل أجد أن الجو الحميمي والودود والمنافسة الشديدة واللجوء إلى المعلم شيء أساسي وهو ما نأمله في القريب العاجل من خلال العملية التعليمية.

* أين هم الأطفال من هذا كله هل هم من اهتمامات المركز الوطني؟ ألا ترى أنه من المفروض تأسيس الجيل الذي سيواكب هذا التطور؟

- الإخوة في وزارة التربية والتعليم مهتمون برياض الأطفال ولديهم الآن مشروع تطوير وتحريك واهتمام وتحول إلى رقمنة المناهج وتوظيف العالم الافتراضي والشبكات وتقنية المعلومات والاتصالات إلى دعم التعليم بشكل عام وفي الحقيقة هذه ليست مسئولية شخص أو وزارة بعينها بل هي مسئولية مجتمع بأكمله، في الولايات المتحدة كنت أرى المطورين للاستفادة من توظيف القراءة الاليكترونية أو ما يدعم القراءة المشتركة حتى لا نقول: إننا في يوم من الأيام سنزيح الكتاب المطبوع من أيدي الطلاب فنحن لا نحفز هذا الأمر بل نرى أن هذه مشكلة كبيرة جدا فالإمساك بالكتاب والورقة والقلم شيء هام وأساسي في التعليم، إن سهولة الرقمنة الآن والتحول إلى الوسائل المعينة كالآي باد لها أعراضها السلبية بشكل عام وأنا قد وجدت أن القطاع الخاص في الولايات المتحدة له دور هام وقوي في دعم العملية التعليمية فشركة أمريكان اكسبريس لبطاقات الائتمان قد أنتجت مناهج متكاملة تدرسها مجانا وقد حصلت في إحدى المرات على باكدج لتعليم الأطفال عالم المال وهم في بداياتهم وقد كانت مدعمة ب سي دي وبحجم ضخم مع المنشور المطبوع والألوان التي يحلم بها الطفل والأقلام وجميع الأدوات التي يحتاجها وكانت توزع مجانا في المدارس على الأطفال رغم أن هذه الأشياء مكلفة وتكلف مئات الملايين من الدولارات لذا لا يجب علينا أن نحمل الدولة والقطاعات العامة كافة المسئوليات، هناك مسئوليات تتحملها وزارة التربية والتعليم وهم يقومون بجهدهم لكني أتصور أن الاحتياج كبير لذا علينا جميعا أن نتكاتف كأسر وعائلات ونهيئ مثل هذه الأمور ومثل هذه الأجواء التعليمية لأطفالنا فالطفل الذي يحضر للدراسة في عمره الخامس لرياض الأطفال في علم النفس يقال: انه متأخر جدا حيث يأتي ليواجه عالما جديدا عليه تماما لذا ارجو أن يكون هناك نزعة ومسئولية في جميع أفراد المجتمع ابتداء بالأسرة التي ينشئ بها الطفل.

* هل يجب أن تنحصر العملية التعليمية بزمان أو مكان لتصح مخرجاتها؟

- العملية التعليمية يجب ألا تنحصر بزمان أو مكان بل يجب أن تكون موجودة في كل زمان ومكان أنا أريد من الذي يذهب إلى البنك أن يتعلم، أريد من الذي يذهب إلى الأسواق وما أكثرها في بلادنا وتدر أرباحاً على ملاكها أن يتعلم أيضا، يجب على صاحب المحل أو التاجر أن يوجد البيئة التي تعين على العملية التعليمية فنحن نتعلم بأسلوب قديم جدا وهو أسلوب التجربة والخطأ حيث نشتري البضاعة ثم نعيدها..

* لماذا لا يوجد شركات للبيع والتي تشارك في تنوير المشترين وتعلمهم في بلادنا؟

- العديد من الشركات العالمية التي تحرص على التوعية والتعليم عبر موقعها الالكتروني وفروعها الموجودة في كل مكان تحرص على تعليم العميل الذي يتعامل معها كيفية شراء الملابس وكيف يمكنه معرفة المقاس المناسب كيف يستفيد من وقته في الشراء والعديد من الأمور الأخرى عبر بوابتها الالكترونية وهذه أمثلة لذا يجب أن يكون هناك فرص تعلم في كل مكان كالمطارات والبنوك والمحلات وغيرها وليس من الضروري أن تكون العملية التعليمية مرتبطة بالشهادة لأنها مرتبطة بالقدرة والكفاية بأن يكون لديك المهارة والتطوير، فالشهادة هي حالة معينة للإعلان عن حد معين من التعليم وديننا الحنيف ينصحنا بأن التعليم يجب ألا يتوقف فقال تعالى: وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114) سورة طه، وقال: وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76) سورة يوسف، إذن العملية التعليمية مستمرة حتى تنتهي الدنيا وتتوقف الحياة إلا أننا منهجناها في منهجية التمدرس هذه التي يحياها الطالب من رياض الأطفال إلى الجامعة نحن نريد أن نطلق العنان لكل فرص التعلم ونؤسس لها.

* ما المشاريع الجديدة التي يدعمها المركز الوطني لتقوية مثل هذه الطموحات وتبني مثل هذه الأفكار؟

- لدينا مشروع من أنجح المشاريع التي قدمناها ضمن الخطة الوطنية للاتصالات وتقنية المعلومات، مشاريع الحكومة الاليكترونية، مشروع المركز الوطني للتعليم الاليكتروني والتعليم عن بعد إضافة إلى مشاريع المركز القائمة الآن عدا عن الحلول التقنية والتدريب، لدينا موضوع التعليم عن بعد والتحول من حالة الانتساب القديم إلى حالة أفضل في توفير العملية التعليمية ضمن حدود أو قيود ووضعنا لائحة للتعليم عن بعد وقواعده التنفيذية، المركز أيضا يفخر بأنه من أنضج فكرة الجامعة الإليكترونية التي توجت بموافقة سامية في رمضان الماضي، ونأمل بأن تكون ولادة واعدة إضافة إلى أن المركز لديه الحلول مثل المركز السعودي للدعم والإرشاد «سنيد» والذي نحاول أن نقدمه كإطار عملي لكل ما يهم المملكة وطلابها وشبابها حيث يوجد ما يسمي بالخط الساخن الذي يدعم كل راغب في الاستفادة والإطار اكبر من أن نعرضه الآن كفكرة على الخطة الوطنية والتي عرضناها على الإخوة رغبة في التطوير فنحن نأمل أن يكون هناك نوع من المشاركة والشراكة القوية من جميع أفراد وقطاعات المجتمع.

* ماذا عن المكتبة الرقمية ودورها في خدمة الطالب ومدى حاجة التعليم بالمملكة لها؟

- المكتبة الرقمية وجدت ليستفيد منها الطلاب وهي واحدة من الخدمات التي نقدمها ونسعى عبرها للتنوع فهي مرجعية رقمية من المراجع المطبوعة التي في النهاية تتحول إلى كتاب جديد، العالم الرقمي قد يشكل أبعاداً لا حدود لها، الكتاب الرقمي يمكن الوصول إليه بكل الوسائل الاليكترونية من الحاسب المكتبي إلى اللاب توب ومنه إلى الجوال فهو متحرك متعدد ليس فيه انحصار بلونين فقط الأسود والأبيض، وقد أطلقنا في المرحلة الأولى ما يزيد عن 120 ألف كتاب ونحن الآن شرفنا على الانتهاء من المرحلة الثانية حيث يمكن لعضو هيئة التدريس أن يقرر على الطالب كتاباً رقمياً كاملاً أو فصلاً في كتاب أو عدداً من الفصول في عدد من الكتب، وبالتالي يسهل على كل طلاب التعليم عن بعد الوصول إليها فهي نسخة واحدة إليكترونية قابلة للدخول إليها في أي وقت ومن أي مكان في العالم.

* في اعتقادك هل ظهور رقمنة الكتب قد تؤدي إلى اندثار أو إلغاء الكتاب المطبوع؟

- رقمنة الكتاب أصبحت عالمية، العام الماضي حضرت معرضاً دولياً يحوي على ثلاثين مليون كتاب مطبوع متفرد لكن اقل من مليون ونصف كتاب رقمي موجود الآن، النسبة والتناسب هنا تشير إلى أننا سنظل بحاجة ماسة إلى الكتاب المطبوع لكن نحن هنا نتحدث عن مدى قربه للطالب ومرونته وتعدد وسائل عرضه وآفاق التحكم به، فالطالب يمكن أن يفتح الكتاب الرقمي الذي قد يحوي رسمه ما يمكنه أن يحركها كما يريد ويتحكم بها وينقلها كما يشاء لذا أتمنى أن تفيد هذه المكتبة الرقمية الطالب في المرحلة التعليمية إضافة إلى المكتبة الرقمية، لدينا المكنز السعودي للوحدات الرقمية الذي يحوي أكثر من مليون وحدة رقمية وهي مكونات تعليمية مسبقة الصنع أو يمكن إضافة قيمة من قبل مستخدمين على مستوى العالم والمكنز عضو وشريك مع 12 مكنزا عالميا آخر.

* كيف تفرق بين المرجع الرقمي والمقرر الرقمي؟

- نحن نفرق بين المرجع الرقمي والمقرر الرقمي المرجع الرقمي يدعم الكتاب الرقمي لكن المقرر الرقمي هو محتوى أو نشاطات تعليمية تخدم مادة ما وتبنى بناء سليماً حسب أصول التصميم التعليمي ويثرى بمثل الكائنات التعليمية التي يمكن أن يربطها عضو هيئة تدريس في منتدى كمنتدى نظم إدارة التعليم، وبالتالي يمكن أن يعطى المجموعة الطلابية الافتراضية كواجب ناقشوا هذا الكائن التعليمي؟ حتى أن ما يقرر من وقت لهذه المادة مطروح للنقاش معه ومن خلال المنتدى..

* أين وصل التعليم الإلكتروني في المملكة وهل يلبي احتياجات الطالب في ظل سوق العمل؟

- التعليم العالي بشكل عام شهد خلال السبع سنوات الأخيرة تطوراً ونهضة في دعم العملية التعليمية في أطوارها المتنوعة وإطارها الاعتيادي وجهاً لوجه وفي بناء الجامعات الحديثة المنتشرة على مستوى المناطق والمحافظات وفي إيجاد تنوع بالفرص ليس فقط في الجامعات الحكومية بل والأهلية، وكذلك في كليات المجتمع، التعليم الاليكتروني يدعم العملية التعليمية التي تحدث وجها لوجه يثريها وينقلها ويحرص المركز أن يستفيد من النجاحات من الداخل والخارج ثم يبني عليها ويؤسس ويدعم الجامعات الناشئة في هذا المجال، وقد قطعنا شوطاً كبيراً في مدة بسيطة في مجال صناعة التغيير في كل ماله علاقة بالموارد البشرية نحن لا نتحدث عن سيارة أو حاسب وتغيرها نحن نتحدث عن بشر عن عقول حتى أعضاء هيئة التدريس ليس من السهل إدارة التغيير معهم كيف يقتنع كيف يتحول كيف يتخلى عن بعض من التقليد السابق كيف يتخلى عن أسلوب المحاضرة التي تعطيه هيبة وقوة وتحولها بأسلوب آخر.

* كيف تقيم أداء الجامعات مع النظم الإليكترونية المطروحة لهم؟

- حقيقة نحن قدمنا تقريراً ونأمل أن يصبح سنويا ولم نرد الإعلان عنه وأرسلناه للجامعات وهو عن حالة التعليم الاليكتروني في الجامعات بشكل سنوي ونسعى لأن يكون هذا التقرير بمثابة مقياس في هذا الشأن حتى تعرف الجامعات كيف تقيس نفسها بمقدار الفاعلية والتحقق منها وقد وجدنا أن العديد من الجامعات وأعضاء هيئة التدريس قد تفاعلوا معنا وتميزوا في هذا المجال وفي الحقيقة المؤتمران اللذان عقدناهما الأول والثاني واللذان استضفنا فيهما ثلاث مائة متحدث عالمي على مستوى العالم اثنوا كثيرا على ما نقوم به في المملكة من مجهودات بعد أن اطلعوا عليها وعلى الجامعات والوزارة والمركز والمجهودات المبذولة في هذا المجال، وهذا مؤشر على أننا على الطريق الصحيح لكن ما زال المؤشر وما زالت الفجوة كبيرة وننشد أن نصل إليها حتى ولو بالشراكة مع المؤسسات الأهلية.

* ما مدى التعاون والشراكة بين المركز الوطني والجامعات الأخرى؟

- المركز الوطني رغم حداثة عمره إلا أنه وجد من التواصل الكبير مع الجامعات في كل نشاطاته والتي تكون في شكل عقود أو بشكل مذكرات تفاهم وفي عدد من المرات مجرد استضافات لأفراد متميزين في هذا الأمر أو مؤسسات، وقد حققنا الريادة في هذا الأمر لكن ليس نظير ما ننشده أو نطمح إليه.

* ماذا عن تجارب المملكة في التعليم الإليكتروني منذ 2007م؟

- هناك حقائق وأرقام مطروحة موجودة في موقع المركز حيث قدم المركز العديد من الإنجازات ضمن خطته الموضوعة وفي مرات كثيرة قد ترى هذه النجاحات خارج المركز، قد يكون العمل غير المباشر من خلال عضو هيئة تدريس أو الطالب أو تبادل آراء الطلاب مع بعضهم بعضا، العملية التعليمية بطريقة نمطية مختلفة هنا قد لا تقاس الجودة فيها بالكم لكن بالكيف الذي يظهر على المدى البعيد فالعائد من الاستثمار لا يظهر مباشرة في هذه المعطيات فالطالب السعودي على مستوى التعليم في مراحل التعليم الالكتروني أحسب انه قد وجد بيئة غنية من التعليم الافتراضي المختلفة تماما عن البيئة التي قد يجدها في الفصل ووسائل للتواصل والتعبير والتفاعل والقرارات ومستوى التفاعل فيها اكبر من الأسود والأبيض، وسائل لقياس التحسس فهو يستطيع أن يعرف ويرصد من وقت دخوله إلى نظام التعليم الاليكتروني فلا ننسى أن هذا يفيد في إعادة هندسة العملية التقيمية التي تحدث عادة كنشاطات فعلية واختبارات نهائية.

* ألا ترى أن طالب التعليم الالكتروني قد يخسركثيراً أمام هذه المغريات؟

- إذا وجد معلم متفهم لطبيعة توظيف تقنية الحوسبات والاتصالات في دعم العملية التعليمية وطالب مهيأ لهذا الأمر ومحتوى ثري ووسائل تقنية ميسرة وغير معقدة فلا أعتقد ذلك، لكنني بالتأكيد معكم انه في العديد من المرات الكثيرة إذا ما جنحنا لاستخدام التقنية قد تشطح بنا وتصبح معقدة وتصبح سليطة، وهذا ما يسوؤني فعندما جاؤوا بفكرة تعليم الجوال قالوا إننا سنلاحق الطالب أينما كان، فالعملية التعليمية ليست ملاحقة بل فرص موجودة أينما كنت، فأنت الآن في كل وقت وكل دقيقة وكل ساعة تبذلها في حالة تعلم تضيف قيمة وترفع من قيمتك بين الناس، وفي الحديث الفكري وتبادل الناس بمستوى فكري ذي ثقافة عالية يرفع من شأنك ومن شأن بلدك لكن يجب ألا يطغى جانب على جانب ففي يوم من الأيام كان المحتوى التعليمي والمعرفي بسيطا إلى حد ما فما يولده الانترنت الآن من حراك معرفي كبير مختلف تماما عما كنا نقول: إننا في يوم من الأيام الحصة التعليمية والكتاب والدفتر فقط هي كانت أساليبنا وهذه واحدة من التحديات التي واجهها التعليم الإلكتروني أمام التعليم الاعتيادي، إن إعادة هندسة العملية التعليمية وجعلها تتمحور حول المتعلم على مستوى العالم هذا ما نريده أي أن نتأقلم مع حالة الانفجار المعرفي الموجودة اليوم، مثلا كوريا التي خرجت من حرب الكوريتين ثم يخسف بها اقتصاديا لتعود قوية وعملاقة حيث أصبح المنتج الكوري له قيمة في السوق وهنا التميز وهنا ما نشعر أن الأمر فعلا يستحق وحتى على المستوى الفردي يجب أن نستشعر أن 1+ 1= 2،3، 10، 100 ومليون أي أن عقلا وعقلا وعقلا نصبح كلنا نتاجا للوطن. بالمناسبة الصدام الحادث بين الذكر والأنثى وبين تكوينات ثقافية في مجتمع موحد ومتقارب هل يمكن للعملية التعليمية أن ترقيه؟

بل يمكن القول: إن العملية التعليمية تعتبر سرا من أسرار هذا الصفاء والالتقاء فعندما نبذر شيئا ذا قيمة إنسانية ننتج ما يستحق ليصبح في النهاية اعتناق بعضنا لبعض للأقوى والأقرب والأكثر عودا بالنفع على المجتمع.

* ماذا عن دعم خادم الحرمين الشريفين للتعليم الاليكتروني والتعليم عن بعد؟

- إنه الداعم الأكبر فالخطة الوطنية للاتصالات وتقنية المعلومات خطة آفاق هذه كلها كانت بتوجيه مباشر من خادم الحرمين الشريفين وهذه ما أثمرت عن سلسلة نجاحات بالمركز أقصد أن المباركة كانت قوية جدا منذ أول برقية تسلمناها لتأسيس المركز الوطني إلى كل البرقيات التي جاءتنا من مقامه الكريم في دعم وتوجيه جهات أخرى وفي التواصل والتنسيق وحتى وزارة المالية حقيقة لم نجد منها إلا كل البذل في توجيه هذا النوع من ا لتعليم سواء للمركز أو الوزارة أو الجامعات فلو عملنا مقايسات لوجدنا أن النسبة متناهية تماما مع النسبة المعروفة حيث تعتبر المملكة في مصافي الدول الأكثر صرفا على التعليم والتعلم وقد أعطت هذه التوجيهات الحديثة أهمية واعتناء من أعلى قيادات البلد إلى الأقل فلم نقدم مقترحاً لمعالي وزير التعليم العالي أو وصلنا منه مقترح إلا ونجده دائم السؤال ودائم الاتصال والاهتمام حتى إن حضورنا للندوات والمحاضرات العالمية والعربية تتم بدعم وتوجيهات من معاليه بما يتناسب مع سوق العمل واحتياجات المملكة ويدعم مكانتها الحضارية بين الأمم.

* د. المقرن إلى أين الطريق وما الطموحات التي تنشدها؟

- أنا لا أرى نفسي سوى عامل مساعد فأن تكون.. محفز تغيير أو صانع تغيير فهذا شيء يحتاج إلى وقت وجهد كبير وموضوع المستقبل أراه مشرقاً بشروطه إذا أعدنا ترتيب الأمور بالشكل السليم وقدمنا الأولويات الحقيقية التي تعود بالنفع على مجتمعنا وكثفنا من حالة التواصل لأقصى ما يمكن، فالنقد لمجرد النقد واتخاذ موقف أحادي، ليس الحل أن يزاح ما هو أكثر نضجاً حضارياً للعملية التعليمية بين المعلم والمتعلم ونكون أنا وأنت متعلمين وكلنا ننشد الكمال الذي قد لا نحصل عليه في هذه الدنيا بل أن نموت ونحن مرتاحين فكل منا قد خلد مجداً في يوم من الأيام يعود عليه وعلى بلده، إنه مستقبل نراه جميلاً رغم البطء الذي يمر به الآن، إننا نحاول أن نقفز لمراحل تتعدى دولاً قطعت أشواطاً خلال 200 عام في تشكيل حضارات بلادها، على سبيل المثال جامعة الملك عبد الله، جامعة الأميرة نورة، جامعة جازان مبنى متكامل وتصميم خيالي على مستوى عال لماذا نبني مثل هذه الجامعات لأنها من أسس النجاح الاقتصادي لكن هذا كله دون تعليم عام يسبقه لا قيمة له.

وختاماً استشهد بمقولة خادم الحرمين عندما قال « لقد آن الأوان لكي يتحول التعليم من أسلوب الحفظ والتلقين إلى وسيلة للإدراك وامتلاك الخبرات وبروز المبدعين والمبتكرين إن دور الجامعات في بلادنا يتمثل في زيادة التقدم؛ لذلك لابد لها أن تسعى إلى تدريب أبنائنا وبناتنا على التعليم الذاتي والبحث عن المعلومة واستثمارها ومعالجة المشكلات التي قد تطرأ في واقع الحياة «.