|
بريدة - بندر الرشودي
صدر كتاب جديد يكشف عن العلاقة المتأزمة بين المجالس البلدية والبلديات والتي أثّرت على نجاح العمل البلدي في الشارع السعودي وتناول بالتفصيل القضايا المثيرة للجدل داخل أروقة العمل البلدي بين المؤسستين البلديتين.
في كتاب حمل عنوان «المجلس البلدي والبلدية: الحرب الباردة «، وصف فيه الكاتب الدكتور خالد عبد الرحمن العوض العلاقة بين الطرفين بأنها وصلت إلى ما أسماه بالحرب الباردة بينهما، حيث سعى كل طرف إلى قيادة العمل البلدي وحده متعمّداً تهميش الآخر وإغفال أي جهود بلدية يقوم بها، وكان من الطبيعي أن تكون الغلبة، كما يقول المؤلف في كتابه، للطرف الأقوى الذي كان يسيطر على الشارع السعودي ردحاً من الزمن وهو هنا يقصد البلديات.
وقد نشأت هذه الحرب، كما يقول الكتاب، بسبب تضارب الصلاحيات بينهما وبسبب الدور الرقابي الذي يمارسه المجلس البلدي على البلدية الأمر الذي خلق نوعاً من الحساسية لدى الطرف الأقوى وهو البلدية وبالتالي رفض أي مشاريع تأتي من هذا الكائن الجديد المسمّى بالمجلس البلدي، وعدم الاكتفاء بذلك فقط، بل تهميشه وفضح الدور الهزيل الذي يقوم به أمام الرأي العام وبخاصة المواطنون بحيث يقتنع الجميع في النهاية بعدم أهمية وجوده.
لكن مجرد وجود فكرة المجلس البلدي، كما يبيّن الكتاب، في المجتمع السعودي هو شيء إيجابي وخطوة مهمة نحو الطريق إلى مجتمع يستطيع أن يدير نفسه بنفسه ويشارك في صناعة القرار الذي يخدم مصالحه.
ويكشف الكتاب عن المصادر الخفية التي ساهمت في إفشال أي دور يمكن أن يقوم به المجلس البلدي في القطاع البلدي بدءاً من خصمه اللدود البلدية ومروراً بالهيئة الرسمية التي تشرف عليه وانتهاءً بالصحفيين الذين شنّوا عليه هجوماً مراً امتد منذ استلام أعضاء المجالس البلدية أعمالهم وحتى الآن. شنّ الصحفيون، كما يقول الكتاب، على المجالس البلدية حملات إعلامية ظالمة تصف أعضاءها بأنهم مجموعة من البراغماتيين الذين ينتظرون مكافآتهم آخر الشهر دون أن يكلّفوا أنفسهم عناء الاهتمام بمشكلات المواطن التي يمتلئ بها الشارع السعودي، إذ يوجّه الصحفيون نفس ذلك السؤال المملّ لأعضاء المجالس البلدية والذي يطالبهم بتحديد منجزاتهم على صعيد العمل البلدي حتى قبل أن يبدأوا عملهم.
كما تناول الكتاب العديد من القضايا التي أدت إلى وجود هذه الحرب الخفية بين الجهتين ومن ذلك الطرق الملتوية التي مارستها البلديات في وأد أي قرار يصدر من المجلس البلدي وتعطيله إما بالأرشفة أو التأجيل بحجج كثيرة لعل أهمها هو حصر نشاطات المجلس البلدي بالتخطيط الإستراتيجي. أصبح الواقع بالنسبة لهؤلاء الأعضاء مختلفاً، كما أن النظرية قبل الانتخابات شيء والتطبيق بعد استلام العمل شيء آخر.
وواجه الأعضاء، كما يقول الكتاب، عملاً معقّداً اصطدم بمواجهة عنيفة من البلدية والإعلام والمواطنين وقوى أخرى خفية لا تريد إنجاح فكرة المجالس البلدية في المملكة. كما استشهد الكتاب بالمعارك التي دارت رحاها داخل أروقة البلدية وخاضها أعضاء المجالس البلدية ضد البلدية، تلك المؤسسة البيروقراطية التي كانت تمارس سلطتها بعيداً عن رقابة المجتمع وتتمخطر جيئة وذهاباً في شوارعنا كما يحلو لها من دون أن يسألها أحد عن محطتها القادمة أو التي جاءت منها وما هي الوسيلة التي كانت تستخدمها والتكلفة التي صرفتها في هذه الرحلة!
وأشار الكتاب إلى ضعف المجالس البلدية في مناقشة قضايا إستراتيجية مهمة يحتاجها الشارع السعودي مثل غياب قطارات المترو في مدننا الكبرى كالرياض وجدة والدمام في حين أن مثل هذا النوع من المواصلات موجود في دول اقتصادها أضعف بكثير من دولة تتربع على عرش أكبر احتياط نفطي في العالم.