في كل مرة أكتب فيها عن البطالة والوظائف والاقتصاد المتنوع، في كل مرة أسمع هذا الموضوع أشعر بالحيرة والألم، والحيرة تأتي من أن هناك مسلّمات يعيها ويفهمها عامة الناس وخاصتهم في أن قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة تمثل عصب الاقتصاد ومستقبل الاستقرار الاقتصادي، وهي الحل الذي ينشده أصحاب القرار السيادي في سبيل حل المشكلات التي يعانيها اقتصادنا ومجتمعنا، وينتظرها مستقبلنا.
والألم أننا نرى جهودًا كثيرة على مدى تاريخنا القديم والمعاصر لم توصلنا إلى حل أصل المشكلة، وأصبحنا نخترع حلولاً لحل تبعات المشكلة. ومع كامل احترامي لجميع الجهود الموجودة على الساحة، إلا أنها مع الأسف لم تحل الإشكالية الحقيقية وفي وجهة نظري لن تحلها إذا استمرت على نفس المنوال، والسبب بسيط جدًا، أن الحراك التاريخي والحالي في دعم المبادرين هو حراك غير منظم ويعتمد على مبادرات متناثرة وحسابات معينة وجهود مبعثرة بعضها الصالح وبعضها الطالح لدرجة أننا نرى قطاعات تترك عملها الأساسي لتقوم بمجهود في المبادرة التجارية!! فأضاعت طريقها وشتت جهودها وقصرت في أصل عملها، وفي النهاية دوران في الحلقة المفرغة التي لم تنتج لنا أرقام تدعم الناتج المحلي الإجمالي ولم تخدم توفير الفرص الوظيفية.
وأصبحت كل الجهود تدور حول التمويل وكأننا اقتصاد يعيش أزمة سيولة على المستويين السيادي والخاص!!
وهذا ليس حديثًا جزافًا، بل لنا فقط أن ننظر إلى مشاركة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي خلال عقود سلفت.
لذلك، فإن آخر العلاج هو في تدخل الجهة الاقتصادية العليا في هذا رسم الإستراتيجيات الاقتصادية لهذا البلد، لتكون قضية المبادرة والمبادرون أولوية قصوى تسخر لها الإمكانات والطاقات لوضع تصور شامل لهذا القطاع الحيوي المهم ومهام رئيسة محددة للقطاعات ذات العلاقة، خصوصًا ونحن نعيش متغيرات إيجابية على مستوى القيادات ونعيش متغيرات إيجابية على مستوى السياسات التجارية (النطاقية).
أخيرًا، الحل بأيدينا لرسم مستقبل اقتصادي واجتماعي مشرق، وأتمنى أن نرى تحركًا حقيقيًا يحمل حلولاً حقيقيةً لهذا التحدي، وأدعو الله ألا نجد أنفسنا في يوم نندم على إضاعة تلك الفرصة بما يخدم رفعة وطننا الغالي ورفاهية مواطنيه.
albadr@albadr.ws