لم يكن عفوياً، وليست مصادفة، أن يختار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز جمهورية الصين الشعبية لأول زيارة له بعد مبايعته ملكاً للمملكة العربية السعودية.
الزيارة جاءت والصينيون على أبواب الاحتفال بدخولهم العام الجديد، فيما كانت المملكة هي الأخرى توشك أن تحتفل بالعام الهجري 1427هـ.
وقد أظهر الوفد المرافق لخادم الحرمين الشريفين في تلك الزيارة مدى أهميتها، سواء ما ضم من أمراء ووزراء، يمثلون قطاعات ووزارات مهمة، تغطي كل المجالات والقطاعات التي تستعد لإطلاق تنمية مستديمة، وقد عزز هذا التوجُّه الوفد التجاري والصناعي السعودي الموسَّع الذي يمثل كل قطاعات القطاع الخاص.
وجود خادم الحرمين الشريفين على رأس هذا الوفد السياسي والاقتصادي، الرسمي والشعبي، التقني والسياسي والاقتصادي، نبَّه المراقبين لتلك الزيارة والمتابعين للحضور الصيني القوي في الاقتصاد الدولي، ونبَّههم أيضاً للتحرك السعودي النشط المتجه بقوة إلى الانضمام إلى الاقتصاديات الدولية النامية، وأن تلك الزيارة لم تكن زيارة عادية. والذي عزز هذا الفهم هو ما رافق تلك الزيارة من مباحثات، أسفرت عن جملة من الاتفاقيات، أرست لبناء قاعدة مشتركة، فتحت المجال أمام مشروعات صناعية وتجارية مشتركة بين القطاعات بين البلدين، وأسست لشراكة بين اقتصاد دولة يتقدم بسرعة؛ ليحتل المركز الثاني عالمياً، واقتصاد دولة ينمو بسرعة؛ ليكون أحد أهم عشرين اقتصاداً دولياً.
هذه الشراكة السعودية الصينية أثمرت خلال سنوات قليلة من التعاون الثنائي؛ حيث نقلت العلاقات السعودية الصينية إلى مرحلة متقدمة، تُوِّجت بالزيارة الحالية لرئيس مجلس الدولة رئيس الوزراء لتعزيز هذه العلاقة، وتقوية الشراكة بين البلدين، وذلك بتوقيع ستة اتفاقيات، أهمها اتفاق التعاون السلمي للطاقة النووية، واتفاقان نفطي وبتروكيماوي، بما يُعَدّ نقلة نوعية وإضافة مهمة في مسيرة التعاون بين الرياض وبكين، وهي حتماً ستعزز وتمتن الشراكة الاقتصادية والتجارية بين بلدين، يُعدَّان من أكثر الدول تطوراً في المجالات الاقتصادية، وترسخ حضور الصين الدولي بوصفها دولة مهمة ولاعباً رئيسياً في الاقتصاد الدولي، وكذلك لدولة تسرع الخطى؛ لتكون إحدى الدول المؤثرة في الاقتصاد الدولي، بالنسبة للمملكة.
فالمملكة العربية السعودية إحدى الدول الأكثر نمواً، الدولة العضو في مجموعة العشرين، مجموعة الدول الأكثر نمواً، جديرة بشراكة دولة كالصين، التي تحتل المركز الثاني في الاقتصاد الدولي، وهو ما يؤهل المملكة للتقدم خطوات أكثر في انتهاجها سياسة تنويع الشراكات، والانفتاح، والتعاون مع الاقتصاديات الدولية المهمة والكبرى كالصين، وغيرها من الدول الأكثر نمواً كالهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، إضافة إلى الدول الصناعية الكبرى المسماة بالدول الثماني.