ما فتئ العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة يتخذ المبادرات الكفيلة بدفع عجلة الإصلاح في بلاده، وتفعيل الحراك الإيجابي، فجاء الخطاب المتلفز الذي وجهه إلى الشعب البحريني يحمل مؤشرات تتوافق مع رغبات المواطنين إن لم تتقدم عليها وتؤكد استمرارية المشروع الإصلاحي الذي يسير عليه الملك، والذي أوفى بما وعد به من ترجمة مرئيات حوار التوافق الوطني الذي شهدته مملكة البحرين في الأشهر الماضية، والتي تتطلب حتى تستكمل مسيرة الوفاق الوطني أن يدعمها الجميع، وأن يعززها كل مواطن بحريني لديه رغبة وطنية صادقة لتحقيق مزيد من التقدم والإصلاح بصوره كافة، سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية.
الإصلاحات التي يعتزم العاهل البحريني تطبيقها عبر مراسيم ملكية -وحسب ما أشار إليه الملك في خطابه الموجه للأمة- تتوافق مع مرئيات التوافق الوطني الذي وجه الملك شخصياً السلطتين التنفيذية والتشريعية للدعوة إليه، دونما شروط مسبقة، والذي شاركت فيه مختلف قطاعات المجتمع، وهي التي شكلت ملامح الإصلاح الذي ستبدأ خطواته العملية. إذ تتضمن مقترحات التعديل مزيداً من التنظيم في العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، بما يحقق مزيداً من التوازن بينهما. ومن أهمها إضافة ضمانات جديدة تطبق عند استخدام الحق في حل مجلس النواب، وذلك بالنص على أخذ رأي مجلس رئيس مجلس الشورى ورئيس مجلس النواب ورئيس المحكمة الدستورية، بعد أن كان مقصوراً على ما يتفق عليه الملك مع رئيس مجلس الوزراء.
التعديلات المقترحة التي شملت الطريقة والإجراءات والضوابط التي تحكم عملية اختيار أعضاء مجلس الشورى، وتفعيل دور الجهة المختصة بمهام إعداد التشريعات لوضع اقتراحات التعديلات الدستورية، واقتراح القوانين في صيغة مشروع تعديل الدستور أو مشروع قانون وتحديد مدة زمنية لإحالة هذه المشروعات إلى المجلس الذي ورد منه الاقتراح.
كما تتضمن التعديلات دوراً لمجلسي الشورى والنواب في إعداد الميزانية العامة للدولة بطريقة أيسر.
هذه التعديلات الدستورية التي تعد تفعيلاً إيجابياً لمسيرة الإصلاح، والتي تترجم ما تناولته جلسات حوار التوافق الوطني، تتجه إلى تفعيل الإرادة الشعبية في تشكيل الحكومة عن طريق برنامجها، حيث يتم مناقشة البرنامج الذي تقدمه الحكومة لمجلس النواب بعد أدائها اليمين الدستورية لإقرار هذا البرنامج أو عدم إقراره، كما أن التعديلات المقترحة تعمل على تعزيز الدور الرقابي لمجلس النواب.
حزمة الإصلاحات التي أشار إليها العاهل البحريني في خطابه المتلفز تشكل قفزة نوعية متقدمة، وهو يساعد السلطة التشريعية على النهوض بمسؤولياتها الدستورية، وهي قبل كل ذلك تحقق ما توخاه حوار التوافق الوطني الذي انخرط به البحرين طوال الفترة الماضية مما يلزم الجميع باحترام القانون، وهي المسؤولية التي يجب أن يتحملها جميع البحرنيين لتحقيق التعايش المشترك والتسامح والألفة والمحبة.