سافرت إلى الصين مرتَيْن خلال عام واحد تقريباً، إحداهما ضمن وفد رسمي، والأخرى خاصة، وفي كلتيهما شعرتُ بأن السعودي مقدَّر جدًّا عند الصينيين، وأن انطباعهم عنا إيجابي، خاصة بعد تعاملاتهم التجارية الكبرى، التي توسعت بفعل اهتمام خادم الحرمين وبُعد نظرته لمستقبل الصين، والمكانة التي ستحققها بين بلدان العالم.
ستجد سعادة في أن تكون صينياً لأيام؛ فالحياة بسيطة وبلا تعقيد، والأمن هناك يفوق الوصف، والطيبة والهدوء والتأني والسماحة تجعلك تقول «هل أنا في الأرض حقاً؟!». يعمل الصينيون بأنفسهم كل شيء، وأي شيء، ولا يوجد مكان لجنسيات أخرى في نسيج مجتمعهم، لكنهم ودودون، وطيبون، ومعتادون على أن يعمل كل امرئ ما يستطيع، وهذه الأعمال مجتمعة هي التي شكَّلت تاريخ الصين العظيم.
عرف الصينيون ملامحنا العربية؛ فسألونا في سيارات الأجرة والمطاعم ومحطات الانتظار عن القذافي وبشار وميدان التحرير، وسأل أحدهم ابني الصغير «هل تحب صدام حسين وابن لادن؟» فتحدث ابني بما أبهجني؛ فقال «كنا نتمنى أن تسألنا عن شيء يدعونا للفخر وليس للخجل».
تعاني الصين ملف حقوق الإنسان، وتحتد هيلاري كلينتون في زياراتها المتعددة للصين، وهي ترقب الملف الذي لا تعطيه الصين أهمية كبرى، خاصة في قانون تحديد الإنجاب بفرد واحد فقط في المدن، وبفردين إن كان الأول أنثى في بعض القرى، وهو ما تراه أمريكا خرقاً سافراً للحريات الشخصية. وتعاني أيضاً الصين حقوق الأقليات وعقوبات الثوار، وحريات الاتصال بالعالم؛ فلم تسمح الصين لشعبها إلى الآن بحريات الميديا والاتصالات؛ فاستخدام قوقل الذي بدأ متأخراً مراقب، ويتم التعامل معه بحذر.
ولا يرى الصينيون إلا محطات الصين، صحيح أنها كثيرة ومتنوعة ومتقدمة، لكن ملاحقة صحون الفضاء اللاقطة للبث الخارجي ما زالت مستمرة.
على أن الصين أنشأت جمعيات لحقوق الإنسان، وتشجع كثيراً الجامعات على البحث في هذا المجال المهم.
لكن الذي يبدو أن أغلب الشعب الصيني يشعر بارتياح عام نتيجة تولي الحكومة إدارة الموارد، وجعلها في خدمات يتساوى جميع المواطنين في الاستفادة منها، كما أن الصين بلد مسالِم، لا أهداف توسعية في سياساته، بل إنه يمد يده لليورو لإنقاذه دون مقابل.
لا يعيب الصين حقاً إلا موقفها المهادن مع ما يفعله بشار الأسد في شعبه الأعزل.
f.f.alotaibi@hotmail.comTwitter @OFatemah