تؤكد السياسة العامة للدولة على أهمية العنصر النسائي المؤهل في تنفيذ خطط التنمية الطويلة والقصيرة الأجل، ولا أدل على ذلك من صدور العديد من القرارات التي صدرت عن جلسات مجلس الوزراء الموقر في هذا الخصوص.
وتأكيداً على حرص الدولة رعاها الله بهذا التوجه، نجد ما يوجه به دائماً خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من أهمية اشتراك المرأة في صنع مسيرة الدولة التنموية، وإبراز تلك المشاركة، وإيجاد البيئة المناسبة كي تعطى بالقدر المأمول منها شريطة أن يكون في ذلك ما يحقق لها الحشمة والاستقلالية في أداء العمل، فهذه ركائز أساسية أصّلها ديننا الحنيف ودعمها دستور دولة إسلامية مضرباً للمثل ورمزاً للمثالية.
إن هذا التوجه الكريم والهادف لدولتنا أيدها الله في الاستفادة من النصف الآخر للمجتمع ينبغي أن ندفعه وندعمه ونساهم في تحقيقه، فقد أصبح من مهام المرأة المشاركة في الخطط التنموية التي تهدف إلى تقديم الخدمة للعنصر النسائي نفسه، فتركيبة المرأة الاجتماعية الآن على غير ما كان سابقاً فهي مدرسة وأكاديمية وصاحبة مال وعقار وكاتبة وصحفية وأصبحت على علاقة وثيقة بالعالم الخارجي تتأثر به، ولذا ورد التوجيه بفتح مجالات وظيفية في القطاعين العام والخاص شريطة عدم تعارضه مع الثوابت الدينية أو السلوك الاجتماعي.
إن الواقعية منا أعضاء المجتمع السعودي في الاستجابة لهذا التوجه هو مطلب أساسي للتوجه نفسه، فلسنا مع من يحجم دور وأهمية المرأة ويبخسها قدراتها وإمكانياتها التي حباها الله، ولا أن يقتصر دورها على بيتها ما دام هناك إمكانية العطاء لتعم المنفعة وتبرز مكنونات إبداعية تدفع عملية النمو وخطط التطوير، ولسنا كذلك مع من يرى تحرير المرأة من ثوابتها الدينية، وهو ما تعارضه الدولة ويعارضه المجتمع.
لقد انطلق خادم الحرمين الشريفين من دعمه لعمل المرأة من حقيقة مفادها أن عدد سكان المملكة سيبلغ 35 مليوناً بعد أقل من 20 سنة، وهو ما جعله ـ حفظه الله ـ يفكر في ذلك اليوم الذي سيحتاج فيه سوق العمل إلى أكثر من مليوني عامل وعاملة.
وبمناسبة إقرار تأنيث محلات المستلزمات النسائية فإنه من الأهمية أن يعلم أصحاب تلك المحلات بأن توجه خادم الحرمين الشريفين إحلال المواطنة السعودية بدلاً من العمالة الأجنبية الوافدة في محلاتهم قد مضى عليه أكثر من أربع سنوات، وبكل تأكيد فإن تريث الدولة في تنفيذ هذا القرار لا يعود لتردد أو لضعف، وإنما هو حلم استقاه خادم الحرمين من حكمة وتروي لما عهدناه عن ولاة الأمر في معالجة الأمور ولكن ليحذر أصحاب المحلات من نفاذ صبر الحليم.
وإنني والله لأتعجب من سكوت مجتمعنا طوال السنوات الماضية على تواجد رجال أجانب من مختلف الجنسيات والديانات يتولون بيع الملابس النسائية لأمهاتنا وبناتنا وزوجاتنا وأخواتنا، نعم إنني أستغرب من هذا السكوت غير المبرر، فلا عاداتنا الاجتماعية ولا قيمنا الدينية تجعلنا نرضى بأن يتولى بيع الملابس الداخلية لأهلنا رجال أجانب قد يصعب التأكد من أخلاقياتهم.
ولندرك جميعاً بأن تخوف البعض منا من أن يؤدي هذا القرار لفتح المجال للاختلاط بين النساء والرجال ليس له ما يبرره، بل علينا أن ندرك بأن الوضع المتبع حالياً من خلال تواجد الباعة من الرجال في محلات بيع المستلزمات النسائية هو الاختلاط بعينه، فكيف يعترض البعض منا على مثل هذا القرار.
ختاماً، ليدرك الجميع بأن عبدالله بن عبدالعزيز قد انطلق في هذا القرار من حرصه ـ حفظه الله ـ على إيجاد مزيد من فرص العمل الشريفة للمواطنات السعوديات، إضافة إلى إدراكه ـ حفظه الله ـ بأن هناك الكثير من الأسر التي حكمت عليها الظروف ألا يكون لها أب أو أبناء مما يعني أهمية تلك الوظيفة للفتاة كعائد مالي يستر عليها وعلى أسرتها، لذلك فإننا نتوجه بالدعاء الخالص لخادم الحرمين الشريفين على دعمه تلك القرارات المهمة ذات الأبعاد الوطنية والاجتماعية المتناهية.
dralsaleh@yahoo.com