تعتبر السعودية أكبر بلدان الخليج والمنطقة في حجم استقدام العمالة المنزلية حيث تقدر أعدادهم بالملايين وينفق الشعب السعودي مايقارب 28 مليار ريال حسب تقديرات باحث في الشؤون العمالية ، و بعد الإيقافات المتتالية للاستقدام من بعض بلدان شرق آسيا للعمالة المنزلية تعيش السعودية أزمة ندرة العمالة المنزلية وبدا واضحاً أن الطلب أكثر من العرض حتى أصبح الاستثمار بالخدم يشكل عائداً من أفضل العوائد الاستثمارية !؟
وبدلاً من أن تتحرك الجهات المعنية لحل المشكلة زاد من تلك الأزمة تشديد مكتب العمل بالعمالة ومنح التأشيرات المنزلية.. حتى أوجد مناخاً خصباً لفتح أسواق سوداء أصبحت فيها التكلفة الشهرية للخادمة في حالة استئجارها محلياً قرابة 3000 ريال بطريقةٍ مكلفة جدا لمواطن دخلة لا يتجاوز 9000 يعني ثلث راتبة يصرف للخادمة !! مع ما يعيشه المواطن أصلاً من كابوس الغلاء المدمي .
وحسب ما سمعت في بعض المجالس فإن تأثيرات تلك الأزمة امتدت إلى أبعادٍ اجتماعيةٍ وأسريةٍ خطيرة ، فالبيوت قائمةٌ ما بين تشاطر المسئولية إلى الاعتماد على العمالة المنزلية ما جعل غيابهم سبباً رئيساً لنشوء الخلافات الأسرية التي قد تصل في بعض حالاتها إلى الطلاق.
وهنا ترد ببالي عدة أسئلة أعتقد أنها تدور في عقول الكثير من المواطنين :
• من هو صاحب المصلحة من وراء تلك الأزمة ، ومن الذي أوقد فتيلها ؟
• هل يعقل أن تصل قيمة التنازل للعاملة المنزلية إلى 30 ألف ريال ، ناهيك عن الممرضات ونحوهم ؟
• أين لجان الاستقدام من تلك العاصفة المدوية التي نالت كل بيتٍ باستثناء بيوت المتنفذين ؟
• أين جهود الاستقدام ومكاتب العمل لإنهاء تلك الأزمة ؟
نعم نعترف جميعاً أن بعض الأخطاء الفردية كانت وراء تلك الإيقافات ، إلا أن غياب التنظيم وضعف الرادع للمارسين للسلوكيات غير المقبولة كانا من أهم الأسباب التي خلقت مناخاً آمناً لتلك التعديات ، وكان من المفترض أن يتم الإعداد المسبق لمنظومة من القوانين التي تحفظ حق الطرفين مع هاتفٍ ساخن مربوط بلجان للبت السريع بسلطة قطعية لتلقي اتصالات المتضررين والتحقيق فيها وإصدار الأحكام.
قبل الاستقدام لا بد أن نختار البلد المستقدم منه بعناية بما يتكيف ومتطلبات السوق المحلي ، كما يجب إلزام مكاتب الاستقدام باستحداث مراكز لتدريب العمالة على الأعمال التي استقدموا من أجلها وتوعيتهم بحقوقهم وكيفية التعامل والاندماج مع المجتمع ، وجعلها شرطاً أساسياً لتصدير الإقامة تماماً كالفحص الطبي.
أيها المسئولون .. بدلاً من كثرة التفكير في تأطير الاستقدام والتضييق فيه لم لا يكون هاجسكم الأكبر إيجاد البدائل السريعة والناجعة لنزع فتيل الأزمة والتعجيل بشركات تأجير العمالة ، وفتح بلدانٍ جديدة وافرة للاستقدام ؟
أعتقد أن الموضوع يحتاج قراراً سريعاً وعاجلاً على مستوى عالٍ كي لا تتفاقم المشكلة أكثر وأكثر.
badr.alrajhi.office@gmail.com تويتر Twitter: @badr_alrajhiwww.badralrajhi.com