الجزيرة – نواف المتعب
أرجع خبير ضعف معدلات نمو المصرفية الإسلامية إلى عدم توحيد المعايير الشرعية والمحاسبية، وعدم وجود هيكلة قانونية وشرعية مناسبة لطرح العقود القائمة على المشاركة في الربح والخسارة، وقال نواف أبو حجلة لـ»الجزيرة»: إن اختلاف الأنظمة والتشريعات القانونية من دولة لأخرى يعد أحد أهم أسباب عدم توحيد هذه المعايير، بالإضافة إلى أن بعضاً من هذه المعايير يفتقر الالتزام بالمبادئ العالمية الموحدة مما لا يجعلها تلقى القبول، ولمواجهة ذلك تبرز الاتفاقيات على مستوى الحكومات لوضع منهجية ومبادئ تقوم عليها هذه المعايير كطريقة لتوحيدها .
وأضاف أبو حجلة: استطاعت المصرفية الإسلامية اكتساب شريحة واسعة من العملاء ومن مختلف الشرائح، بسبب الوازع الديني، وارتباط المصرفية الإسلامية ارتباطا مباشرا بالاقتصاد الحقيقي وانتقال السلع والخدمات وليس الاقتصاد النقدي أو الورقي مما أسهم في تعزيز مبادئ الإنتاجية والبناء كهدف رئيس من ضمن أهداف المصرفية الإسلامية، والذي يستدعي تبادلا حقيقيا وملموسا للأصول بدلا من التبادل النقدي ليخدم جميع أطراف العملية الإنتاجية وليس فئة أوجماعة على حساب باقي الفئات كما هو في الاقتصاد النقدي، وهو ما يعني تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية؛ فالمصارف الإسلامية لا تقوم بفرض فوائد ربوية على تعاملاتها، وهي تأخذ بعين الاعتبار في تسعير منتجاتها قيمة الزكاة الواجبة عليها، الأمر الذي يساعد ومن خلال مصارف هذه الزكاة إنشاء العديد من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في المناطق الأقل حظا من مشاريع التنمية، كما تمنح هذه المصارف القروض الحسنة لمستحقيها، وإن كان هذا الدور بسيطا لحد ما، ومن التحديات الأخرى يقول أبو حجلة، « هو عدم قيام الكثير من المصارف الإسلامية بطرح العقود القائمة على المشاركة في الربح والخسارة مثل عقود المشاركة بشتّى أنواعها وعقود المضاربة، وقد يرجع ذلك إلى عدم توفر هيكلة قانونية وشرعية مناسبة لطرح هذه المنتجات، كما أن عوائد هذه العقود غير معروفة بداية، ولا يستطيع المصرف أو العميل معرفة صافي ربحه أو خسارته إلا بعد تصفية المشروع كاملا، وتوزيع المستحقات لكل المشاركين، وهذا يجعل من هذه العقود تحمل طبيعة مختلفة عن طبيعة التمويلات المتعامل فيها حاليا، والقائمة على المديونية والتي يعرف بموجبها المصرف أو العميل قيمة أرباحه أو كلفه تمويلة على التوالي، وتطرق المحاضر وخبير المصرفية الإسلامية إلى مسألة الخبرة والكفاءة التشغيلية «حيث إنها تعاني عدم توفر الكفاءات الملمة بالعمل المصرفي الإسلامي بسبب قصر عمر تجربتها ولطبيعة العقود المصرفية الإسلامية التي تحتاج إلى حجم جيد من العمل اليدوي الأمر الذي يزيد الحاجة إلى الكفاءات والخبرات المناسبة. كما أن الاستثمار في التدريب وتطوير الموارد البشرية عن طريق زيادة الاستثمار في هذا المجال هو مطلوب وبشدة خلال المرحلة القادمة لتأهيل وتجهيز مثل هذه الكفاءات للعمل، وحول المنتجات قال أبو حجلة «إن تطوير منتجات تلبي حاجات العملاء متغيرة بتغير الزمن والظروفالمحيطة وهي عملية متجددة ومستمرة وبالتالي تشكل ثقلاً كبيراً على العاملين بالمصرفية الإسلامية لتلبية حاجاتهم بمنتجات جديدة وتتوافق مع أحكام الشريعة، وتكون أبعاد وحدود المخاطر فيها مدروسة ضمن بيئة جاهزة لإدارة مخاطر تطوير مثل هذه المنتجات، وهذا التحدي يظهر جلياً مع ارتفاع الطلب على بعض المنتجات المتعلقة بتمويل قطاعات معينة مثل التمويل العقاري وتمويل المشاريع وغيرها، بالإضافة إلى ارتفاع مخاطر المنتجات القائمة على عقود المشاركة مما يستدعي توفر العديد من البرامج الإلكترونية التي يمكن الاستفادة منها في تطوير بعض المنتجات، فوجود بنية تحتية لإدارة مخاطر فاعلة مع توفر كفاءات مصرفية في إدارة المخاطر ملتزمة بقواعد الحوكمة سيساهم في تطوير الأساليب وبالتالي مواجهة هذا التحدي، واختتم أبو حجلة حديثه بأن هذه التحديات ستظل تواجه المصارف الإسلامية ولا تختلف في ذلك عن نظيراتها في المؤسسات المالية الأخرى باستثناء الجانب الشرعي، في ضوء الترابط الكبير للعالم بشكل عام وتأثير المتغيرات المتعاقبة على جميع المجتمعات والمؤسسات، الأمر الذي يقتضي قيام هذه المصارف وبشكل مستمر بعمليات التحديث والتطوير والتجديد لمواجهة متطلبات واحتياجات العملاء والبقاء في دائرة المنافسة، يذكر أن أصول المصرفية الإسلامية ستتضاعف إلى 8ر1 تريليون دولار خلال خمس سنوات بحسب تقرير أصدره مؤخراً دويتشه بنك. وأشار التقرير إلى أن الصناعة ستتحول إلى قوة عالمية مستفيدة من بيئة التقشف المالي وجفاف الائتمان وغياب الثقة بأسواق الدين التقليدية، وذكر أن التمويل الإسلامي والمصرفية الإسلامية على عتبة نقلة نوعية ستحولها من مجموعة أنشطة محلية إلى قوة عالمية متسقة وموحدة ، وعزا التقرير هذه النقلة المتوقعة إلى التقدم التنظيمي الذي أحرزته الصناعة وتزايد الوعي بالتمويل الإسلامي الذي أصبح متاحا في 39 دولة وارتفاع معدلات الثروة بالأسواق الناشئة التي يعيش بها أعداد كبيرة من المسلمين. وتوقع أن يتم تقليص عمليات الائتمان في الولايات المتحدة وأوروبا بأكثر من تريليوني دولار، كما أن احتياجات إعادة رسملة البنوك التي تم تحديدها في أوروبا تتجاوز 100 مليار دولار. وأورد التقرير إن نسبة تشبع الأسواق بمعظم هذه القطاعات لا تزال أقل من 2%، وأن المصرفية الإسلامية تمثل واحدا بالمائة من إجمالي الأصول المصرفية، لكن هذه النسب يمكن أن تتضاعف بسهولة خلال السنواالخمس المقبلة .