بعد تطــور العمليـــات البنكية، وتـوافر البنوك وفروعها، وتوسع خدماتها المصرفيــــة وتواجدها في كل مكان حتى في القرى، وملاحقة كل ما هو جديد في الأنظمة الرقابية الصارمة، وتسهيل فتح الحسابات، ومرونة التحويلات المالية الإلكترونية بات «الشيك المصرفي» جزءاً من منظومة العمل المالي لكنه ليس أساسياً في العمل المالي.
فمع هذا التطور المذهل لم يعد «الشيك» فعلاً في كامل هيبته، أو في تمام وقاره وحظوته عند الناس، بمن فيهم التجار، أو من هم دون ذلك، ممن يتعاملون مع البنوك من منطلق شعار الضرورة الذي بات الآن شائعاً لدى الجميع.
فقد كان دفتر الشيكات حتى عهد قريب علامة مميزة للتجار الذين ينجزون أعمالهم بعيداً عن عناء المخاطرة بحمل النقود «الكاش» أو أولئك الذين يقومون - رغم بساطة الحال - بإظهار الشيكات على الملأ، متباهين فيها، ولاسيما وأن البنوك آنذاك ظلت تمنح كل من يفتح حساباً مصرفياً دفتر شيكات لزوم الحاجة أو الكشخة حتى انقرضت هذه الفكرة بفضل التحول النوعي إلى العمل الإلكتروني البسيط وغير المكلف.
فالشيك بالفعل فقد حضوره رغم أنه يعد حتى الآن من الأوراق المالية الثابتة في المشروع المالي الحديث، إذ يعول عليه كثيراً في بناء منظومات العمل المالي العالمية، فضلا عن كونه مسوغاً مصرفياً يتعاطاه الجميع حتى الآن.
إلا أن ما يبرز هذه الأيام في معاملاتنا المالية المحلية ويؤكد اهتزاز مصداقية الشيك، هو ما بلغته حالات الشكاوي حداً جعلت منه مشكلة عصرية من مشكلات العمل البنكي، فضلاً عن بقاء أكثر هذه الشكاوي معلقاً حتى الآن، إضافة إلى حالات التزوير والتحريف والتحايل على نحو استصدار شيكات بلا أرصدة، مما يعرض مصالح الناس للمخاطر المالية وذهاب الحقوق.
ومن صور هوان الشيك هذه الأيام وتهاوي هيبته هو تراخي الجهات المعنية في تطبيق العقوبات المنصوص عليها في لوائح الأنظمة المالية فيما يتعلق بالتزوير، أو إصدار شيكات بلا رصيد، حيث لا تزال دون حلول مجدية.
ومن صور قلة الاهتمام بالشيك، والتندر ببعض الممارسات حوله، ما يروى عنه من قصص طريفة وقعت واحدة منها لعامل بسيط، ونظرت بالمحاكم، وهي أنه حينما حرر أحد المواطنين لذلك العامل شيكاً بمبلغ (700ريال) وقد أضاف في الشيك عبارة أو لفظة: «مقابل شرهة».. وحيث إن العامل لم يفهم مغزى ومعنى هذه الكلمة ظل يدور فيها ليقرأها الجميع، والأخطر من هذا وذاك أنها وردت في شيك بلا رصيد.
hrbda2000@hotmail.com