إذا ما أردنا أن نساير التطور، ونعزز بناء الدولة الحديثة، التي يشكل المواطن مبدأها الأساس، فلا بد من قيادة عملية الإصلاح المؤسسي التنموي، وفق معايير علمية شفافة، وليس وفق مصالح لاعبين بعيونهم الضيقة؛ من أجل ربط التنمية البشرية بالتمكين، والإنتاج، والعمل على بناء القدرات البشرية لقوة العمل.
إذ إن إحداث واقع جديد، يفرض على الجهاز الإداري للدولة، التخلي عن الأساليب التقليدية، التي تتسم بالبطء، والبيروقراطية.
أصبح الجمود الوظيفي -مع الأسف - مشكلة أزلية، يجب أن تلقى الحلول السريعة.
-خاصة- وأن هناك بطئاً واضحاً في تلبية سلسلة المطالبات، وهو ما أنتج مناخاً صالحاً؛ لازدهار البطالة المقنعة، من جهة.
ومن جهة أخرى، أدى إلى جمود في حركة الترقيات، بل وأثرت في الحقوق المالية للموظف، وهو ما انعكس سلباً على أداء الموظف، وطموحاته الوظيفية، -سواء- على المستوى التخطيطي، أو التطبيق العملي.
إن الجمود الوظيفي انعكس على مجمل الأداء الوظيفي، وعلى العملية التحديثية لأجهزة الدولة برمتها.
وإصلاح الخلل أصبح حاجة مجتمعية؛ من أجل خلق مجتمع قادر على الاستيعاب، والتفاعل، والنهوض الذي حان وقته.
ولن يكون الأمر كذلك، إلا إذا تميز بجذب ذوي الخبرات، والكفاءات، والقدرة على المحافظة عليهم حتى نهاية حياتهم الوظيفية.
على أي حال، فعندما يحرم الموظف من الترقية -في الوقت الحالي-، أو يقف راتبه عند سلم الدرجة الأخيرة في سلم مرتبه، فإن العمل على صرف مكافأة سنوية، تكون بمقدار العلاوة المحددة للمرتبة التي يشغلها، سيكون حقا مشروعا لهذه الفئة.
وهي خطوة ناجعة؛ لوضع حل جذري لتلك المشكلة؛ من أجل ضمان المحافظة على الكفاءات، وعدم هجرتها خارج النظام.
من جانب آخر، فإن العمل على تعديل بعض مواد نظام الخدمة المدنية، ولوائحه بما يتناسب مع متطلبات المرحلة، والإسهام في تطويرها، بات واقعا ملحا تقتضيه المصلحة العامة.
ومن ذلك: معالجة الجمود الوظيفي بترقية الموظف كل أربع سنوات، وفق آليات مقننة، تساعد على تكافؤ الفرص.
وكلمة أخيرة لا بد من قولها: فقد دلت الدراسات، والبحوث العلمية في مجال الإدارة، أن الجهاز الإداري لأي مؤسسة، هو المسؤول عن تطورها، وضبط سير العمل فيها، وفق القوانين المتعلقة بها، بما يحقق الأهداف التي تنشدها، والغايات التي تسعى لتحقيقها.
باعتبار أن الإدارة علم، وفن -في نفس الوقت-، تتطلب توافر العديد من المهارات الواجب تنسيقها، والتركيز على تطويرها باستمرار.
بل أصبح علم الإدارة، الوسيلة المهمة في تحقيق أهداف المنظمات؛ ولتحقيق نجاحها، لا بد من توافر الإدارة ذات الدرجة العالية من الكفاءة، والمهارة.
وهو ما يعتمد على شخصية كل مسؤول، وحكمته، وإدراكه للمشاكل ، ومقدرته على الفهم، وترتيب الأفكار، والمعلومات ، وتنظيم استخدامها في سبيل تحقيق الأهداف المنشودة، والفعالية في استخدام الموارد.
ولعل -الدكتور- عبد الرحمن البراك، الذي جاءت مؤلفاته على مدى سنوات طويلة، تحاكي حال العمل، ومشاكل العمال، والجمود الوظيفي في المملكة، فتنعكس إيجابا على آلية العمل الوزاري، وتطوير أداء العمل نحو الأفضل؛ للحد من البيروقراطية.
drsasq@gmail.com