في زيارة صباحية خاطفة ذات خميس التقيت بسمو الأمين الدكتور عبد العزيز بن محمد عياف آل مقرن، الذي كان على رأس العمل منذ الصباح الباكر وعلى الرغم من أن الزيارة كانت قصيرة إلا أن سموه أطلعني على العديد من الإصدارات الثقافية التي تبنتها الأمانة خلال السنوات الماضية، وما شد انتباهي ليس عدد الإصدارات ولكن النوعية المنتقاة التي وفقت الأمانة فيها، والتي جمعت بين الثقافي والتاريخي والسياحي الأثري.
أمانة منطقة الرياض أمانة كبيرة وتحتاج إلى جهود مكثفة وعظيمة، وقد نجح الأمين طوال سنوات عمله في جعل الرياض عاصمة مميزة، ولا يعترف بذلك إلا من زار العواصم المشابهة لها وقارن بينهم ليرى الفارق الكبير والتميز المبهر لرياضنا الحبيبة, وهذا لا يعني أننا نكتفي بهذا، بل نطالب الأمين دوماً بالمزيد والمزيد لعلمنا بأنه من المسؤولين الذين يسعدهم سماع الآراء، كما يسعدهم أن يكون الجميع صفاً واحداً في جعل هذه المنطقة وليس الرياض فقط ذات تميز فريد.
إن الحضارة الحقة ليست في الطوب والحديد ولكنها في بناء الإنسان معرفياً بالقدر الذي يتم فيه بناء المدن وشق الطرق بل وأكثر.
يذكرني ما تقوم به أمانة منطقة الرياض ما قام به الحرس الوطني بقيادة رئيسه آنذاك خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- من مزج المؤسسة العسكرية بالمؤسسة الثقافية حتى تحول العسكري في الحرس الوطني إلى رجل ثقافة وعلم باحتضانه للكثير من النشاطات الثقافية ليس المحلية فقط بل والإقليمية والدولية، وتحول الحرس الوطني إلى مؤسسة رائدة في المجال الثقافي.
مدينة في حجم الرياض، بل ومنطقة في حجم منطقة الرياض تحتاج إلى أن تكون بالفعل حاضنة للكثير من النشاطات الثقافية والترفيهية المميزة وذات الخصوصية الوطنية، وهذا ما لمسته بأن الأمانة تسعى إليه ونبرة صوت الأمين تتمنى أن تكون قدراتها أكبر لتساهم مساهمة أكبر وأجمل في الحراك الثقافي ليكون مواطني هذه المنطقة في غنى عن البحث عما يحقق لهم عطشهم الثقافي والترفيهي في منطقة صحراوية قاحلة إلا من رجال يبذلون عصارة فكرهم وجميل وقتهم من أجل هذا الإنسان.
إن المسؤول في أي موقع عندما يستشعر المسؤولية ويسعى لأن يكون وجوده في هذا المنصب مفيداً لمواطنيه، فإنه سوف يحقق ما يرجوه بل وأكثر، فالعمل بإخلاص ونية صادقة يضاعفه الله.
نحن في الرياض نقدر جهود أمينها وفريق عمله ونطمح بالمزيد، وكما أسلفت لن نتوقف عن الطموح حتى نرى مدينتنا، بل ومنطقتنا لؤلؤة في صحراء نجد يقصدها الآخرون ويستأنس بالبقاء فيها العابرون.
في بداية التسعينيات الهجرية كانت الرياض مدينة صغيرة جداً ذات أسواق متواضعة وطرقات ضيقة ولكنها كانت تحكي حضارة قريبة, واليوم وهي تعانق مبانيها عنان السماء وتتمدد شوارعها عشرات الكيلوات، فإن ذلك يعد تحدياً لمن يعمل على أن تكون ذات جاذبية وحضور حضاري مميز, وهذا بالفعل ما لمسته من سعي الأمانة لذلك وتحملها عبئا إضافيا وهو عبء المسؤولية الثقافية التي أؤكد على أنه عبء مطلوب وضروري.
أملنا من سمو الأمين أن يحقق أمنية الأحياء بتبني الأمانة مشروع مكتبة الحي ضمن تلك المضامير والحدائق التي تفتتح بين فينة وأخرى في أحياء الرياض, أعلم أن هذه مسؤولية كبيرة، ولكني واثق في هذا الرجل وأركان إدارته الواعية المخلصة.
والله المستعان..
almajd858@hotmail.com