ما هو المطلوب من الخطوط الجوية السعودية الآن؟ هذا السؤال تبدو الإجابة عليه تحتاج إلى شجاعة من قبل القائمين على الخطوط السعودية نفسها لكي تستعيد عافيتها ومسيرتها وتكسب رضا جمهورها وتسحب جمهور غيرها أيضا، المطلوب منها أن تجمع كل كتابات وآراء وتعليقات وكلام الذين انتقدوها من قبل وحتى الساعة، وأن تعمل على تمحيصها وتدقيقها وتهذيبها والعمل بها فورا، إن المطلوب من القائمين على السلطات التشريعية والتنفيذية والتشغيلية لهذه المؤسسة العملاقة وفي هذه المرحلة بالذات التي أعتبرها من المراحل المهمة التي تمر بها الخطوط السعودية هي الاشتغال السريع بعيدًا عن البطء والتريث والتسويف وأن يكون القرار عاجلا وغير آني، وقبل هذا وذلك يجب أن تبادر الخطوط السعودية إلى صنع إعلاني جذاب للخدمات المستقبلية الجديدة التي تنوي العمل بها والتسويق لها بروح شفافة وألوان زاهية ووعود حقيقية وآمال ثابتة، وبكل تأكيد فإن الوصول لهذه القناعات لدى الكثير من شرائح المجتمع يحتاج لإعادة قراءة الواقع من جديد بعيدا عن الحساسيات والإنشاء الذي عادة ما يسهل على البعض كتابة والعمل به، لكن يصعب ترجمة ذلك الكلام لواقع ملموس، إن الخطوط السعودية خطوط جوية عملاقة وعريقة، وعندها تراكم الخبرة ووحدة القياس، وهذه المسافة الزمنية المديدة هي نفسها التي يجب ألا تفصلها عن أولويات الأشياء وبديهياتها، بل هكذا يجب أن تكون الحال لدى الخطوط السعودية، وهكذا يجب أن يشب عقلها القادم وخطواتها الآتية، أعني ذلك وجوب أن تعمل الخطوط السعودية بروح الشباب في إثبات صحة التطلعات والآمال القادمة لمحبيها وروادها على أرض الواقع، أن التغيير في الأشياء يحتاج إلى اختلاف فالاختلاف بما هو ومن حيث هو لا يستدعي التطير والفزع والشك والريبة عندما ينشأ من خلال اتخاذ خطوات لها بوصلة واضحة ودقيقة، إننا لا نريد للخطوط السعودية أن تبتلى بالتخندقات مما يؤدي إلى مزيد من النكوص والتردي وعليها اجتثاث عملية التخندق من خلال جبهة عمل موحدة واضحة وبائنة تعيد للخطوط السعودية هيبتها ورونقها وجاذبيتها وخصوصيتها دون أن تنفصم عرى العلاقة بين الخلاف والقناعة، ويحل محلها معيار المصلحة العليا، إن على الخطوط الجوية السعودية ألا تلزم نفسها دومًا بمخالفة الحال والواقع، بل الضابط الوحيد لها هو أن تعمل إلى ما يتطلع إليه جمهورها وروادها ومحبوها في الداخل والخارج، إن استعراضًا سريعًا لبعأعمال الخطوط الجوية السعودية يظهر خللا جوهريا في مشهدها الحضوري، فجميعنا يتذكر الكم الهائل من الكتابات والتعليقات والآراء والمواقف منها ومن أدائها وتقهقرها من بين كافة الخطوط الجوية الأخرى العربية منها والعالمية، على ألسنة من يحبها خوفا عليها وليس كرها وبغضا لها، وكيف كان السكون المطبق يحل في أروقتها إلا من طفيف عمل ولمم فعل، لقد دارت رحى الخلافات والانتقادات ردحا من الزمن باتجاه انتشالها، والأمثلة كثيرة ومتشعبة لا نريد التطرق لها والحديث عنها، منذ بدأت الخطوط الجوية السعودية بالتراجع حتى الآن، إن الخطوط الجوية السعودية تعرف بالضبط ما يريده جمهورها منها من غير أن تعود للمربع الأول، وهو التغير والابتكار وتأهيل نفسها وأن تطوي الماضي السيئ من تواريخها، لأن الخطوط التي ولدت بعدها وتربت على يدها بسطت نفوذها شرقا وغربا وأصبحت إمبراطوريات لها أصنافها وأشكالها وخرائطها الكبيرة، بينما هي ما زالت تقف حائرة لا تعلم ما ذا تريد؟ كأنها تمشي على الماء فلا تريد أن تترك أثرًا يلهم اللاحقين وجهة الطريق، إنني أثق بأن الخطوط الجوية ليست بهذا الفقر من الحلول والابتكارات، وإنها تستطيع تحديد وجهة طريقها يقينًا، لا سيما أن للمرحلة الحالية تحديات واستحقاقات تضعها وجهًا لوجه أمام خيار وحيد، هو أن عليها أن تصل إلى ما يريده منها الناس، حتى تقفل الأبواب أمام تطفل العيون وغل القلوب، ولتصبح في صف الخطوط الأخرى، وتأخذ دور المعلم والرائد والقائد، إننا لا نعلمها كيف تصل إلى ما يريده الناس منها، بل ندعها تثبت لنا كيف أنها تعرف ما يريد الناس منها وتعمل على ما يريدون، لأنها يقينا تملك شجاعة اتخاذ القرار، وهي قادرة على تجاوز أزمتها الكبيرة، فقط علينا أن نتفاءل بأن ثمة عاملين فيها بإمكانهم قراءة الواقع الجديد بشكل جديد ومحاولة تشذيب بيت الخطوط الجوية السعودية من أشياء كثيرة، إننا نتطلع إلى أن يعيد القائمون عليها النظر بأشياء كثيرة وممارسات موجودة، وأن يضعون إستراتيجية جديدة وسريعة بعيدًا عما يعطل عملها ودورها المميز.
ramadanalanezi@hotmail.com