«قيمة الفن» كان عنوان ورقتي التي قدمتها في الملتقى الثاني للمثقفين السعوديين حول تجارة وسوق الفن، وأهمية ودور الاقتصاد أو المال في توجيه شكل ومضمون الفنون أحياناً حسب ما يتطلبه ذلك السوق.
وبعد إلقاء الورقة وصلتني العديد من ردود الفعل سوف أخص اليوم أحدها، ويتعلق بموضوع أقف أمامه عاجزة في كثير الأحيان، حين يسألني أحدهم أو إحداهن عن طريقة لتطوير ومساعدة فناني المناطق أو المدن البعيدة عن المراكز الثقافية (جدة، الرياض، المنطقة الشرقية) إن صح لي التعبير، خصوصاً في ظل عدم وجود فروع لجمعية الثقافة والفنون أو أقسام متخصصة في الفنون في تلك المدن.
هذه الإشكالية قد تكون عائقاً أيضاً أمام فتاة موهوبة مقيمة في الرياض أو جدة مثلاً، لا بسبب عدم وجود جهات داعمة، بقدر ما هو مرتبط بوضع العائلة ومدى قدرتها على تلبية رغبات ابنتهم في صقل موهبتها، فلا أحوالهم المادية تسمح باقتناء آلة تصوير جيدة مثلاً، أو خامات الفنون المختلفة، كما لا تسمح ظروفهم بإمكانية توفير سبل لزيارات متعددة لها، للمعارض الداخلية، ناهيك عن زيارات المتاحف أو المعارض خارج المملكة، وقد تكون الأمور أصعب حين لا يتم توفير جهاز حاسب واتصال بالإنترنت كي تبحر في فضاء الشبكة في مواقع الفنون المختلفة، أو قد يتم توفير ذلك، ولكن دون أن تملك هي لغة تسمح لها بانتقاء ومعرفة ما يجب أن تتابعه من المواقع الأجنبية.
وفي المقابل، حين تكون الأسرة غنية ومثقفة، فهي تتيح لابنتهم مجال الدراسة في الداخل أو الخارج، وإمكانيات لا محدودة في اقتناء الأدوات أو الخامات...الخ، إضافة إلى تنوع الرؤى البصرية بالسفر والترحال وزيارات المتاحف والمعارض واقتناء الكتب القيمة وغيره، ثم لا ننسى الدعم المادي للأسرة ومعارفها في نشر أعمالها وإيجاد منافذ تسويقية قد توهم المتابع بقيمة المنتج الفني لهذه الفنانة، بينما في قليل من الحالات، لو عملنا إحصائية، لوجدنا المقتنين لأعمالها هم من أفراد العائلة أو أصدقاء الأسرة!.
بطبيعة الحال الموضوع متشعب، وما يحصل اليوم في السعودية له أسبابه التي قد تختلف عن غيرها من الدول بسبب عدم وجود سوق للفن وتقييم فني وفرص للمنح والتطوير للجميع، ومع ذلك لا بد من أن نتساءل مرة أخرى...إلى أي مدى يؤثر المال في الفن؟ وهل المنتج الفني يقاس في شكله النهائي بعيداً عن ما حوله من مؤثرات مادية؟ وهل هذا التأثير في صالح المشهد الفني، أم أنه ضار بالفنون البصرية بشكل عام؟
msenan@yahoo.com