يقول الشاعر:
ترى الخوي والضيف والثالث الجار
حقوقهم تلزمك فرض وسنه
كان العرب ومازالوا يكرمون الضيف ويعتنون بالجار قبل الإسلام، وبعد الإسلام حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره.. إلى آخر الحديث..)
كان سالم بن مدبيغ مزارعاً في بلدة (الحفن) وكان له صديق يدعى عيد أبا الروس. من قبيلة عنزه. وهو بدوي (شداد نزال) فإذا جاء الصيف جاء عيد أبا الروس وسكن بجوار مزرعة ابن مديبغ. وإذا انتهى فصل الصيف ونزلت الامطار رحل بمواشيه إلى البر. ويأخذ معه مواشي ابن مديبغ. وفي إحدى المرات عندما ارتحل، احتاج ابن مديبغ مواشيه فذهب إلى عيد أبا الروس ليحضرها. وبعدما أخذ ابن مديبغ المواشي وهي من الماعز وعاد بها إلى مزرعته، وفي عرض الطريق تعرض له أحد قطّاع الطرق وأنزل ابن مديبغ من دابته وضربه ظرباً مبرحاً، ثم أخذ المواشي وانهزم. أما ابن مديبغ فواصل سيره حتى وصل إلى مزرعته وصار في حيرة لأنه لا يستطيع أن يسترجع مواشيه, لكبر سنه وضعف حاله. فأخبر صديقه عيد أبا الروس بما حصل عبر قصيدةً شرح له فيها ماحصل له وأنه تعرض له قاطع طريقٍ يدعى (القحص). وتقول القصيده اللتي أرسلها ابن مديبغ إلى أبا الروس:
ياراكب حرٍ رعى بالفلاتي
مربعٍ من خشم طابه إلى فيد
فوقه إغلام حافظٍ للوصاتي
ودل من فرق القطاء للمواريد
عليه من يوصل كلامي شفاتي
لاجيت عيد فخبره بالتواكيد
لا وا حلولا يامعش السراتي
لا جاء الدهر كل تمناك ياعيد
القحص ماهاب اللزم والجناتي
ياسطةٍ سطن على الوجه ياعيد
القحص أخذ معزاي وسط الفلاتي
غوشي تحرى والمواشي مواليد
فات الشتاء ياعيد والصيف فاتي
وانا صبوحي جمة البير مافيد
اقطع يده يامشبع الحايماتي
ولا اذبحه كان انت تدرى المناقيد
فعندما وصلت الأبيات إلى عيد أبا الروس، ذهب بأثر القحص، وأخذ يتتبعه حتى وجده بعد أربعة أو خمسة اشهر في أحد المجالس. فوقف على رأسه قائلاً له: لقد أخذت مواشي ضيفي وجاري، وقد طلب مني أن أقطع يدك أو أذبحك. وسوف أنفذ الطلب الأول بقطع يدك، لأنه قال:
اقطع يده يامشبع الحايماتي
أو اذبحه كان انت تدرى المناقيد
وفعلاً قطع يده وأرسلها إلى ابن مديبغ. وهذه القصة حدثت عام 1230هـ، أي قبل 200 سنة، قبل ان يعم الأمن والأمان والرخاء والعدل في هذه البلاد الكريمة. وإلى قصة وشاهد في لقاءٍ آخر إن شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،.