في السنوات القريبة الماضية بدأنا نقرأ ونسمع على التوالي عن أخبار مذهلة وإحصائيات عالية عن الفشل الكلوي في بلادنا إلى درجة تفوق التصور وتبعث الحيرة وتدعو للتساؤل، بخلاف ما كان عليه الوضع في السنوات الماضية، حيث كنا لا نسمع إلا عن حالات محدودة في المدينة الواحدة، أما هذه الأيام فنكاد أن نعتقد بأن كل أسرة كبيرة يعاني فرد منها على الأقل من الفشل الكلوي أو بعض أعراضه، وبالتالي أصبح عدد المصابين بالرياض أو جدة مثلاً في تنافس شديد خانق مع عدد أجهزة الغسل -الديلزة- الموجودة في المستشفيات الكبيرة، ولقد أدركت حكومتنا الرشيدة الحاجة الماسة والملحة لهذه الأجهزة فأعطتها الاهتمام المطلوب، ووفرت العدد الكافي منها وعممتها على مستشفيات المملكة، وإن كنا نطمع بالمزيد للتخفيف من معاناة الازدحام وتحقيق الهدف المريح منها، ومصدر حيرتي وتساؤلي في هذا المقام كأيّ مواطن هو الرغبة في الوقوف على أسباب ومسببات انتشار هذا المرض البغيض.. وهل هناك يا ترى وقاية فعالة للحيلولة دون حدوثه أو الحد من استفحاله بهذه السرعة الفائقة؟.. وحتى نضع حداً للتحرصات والتأويلات عن أسباب كثرته بين المواطنين وعن ما إذا كانت هناك احتياطات وتحصينات للحد أو الوقاية من حدوثه فعلاً سارعت وسائل الإعلام والتوعية الصحية بتبيانها للمواطنين بالوسائل المقروءة أو المسموعة أو المرئية أو عن طريق المدارس بكتيبات توزع مجاناً.
إنني أكتب هذا الموضوع بدافع الوطنية والغيرة الصادقة، وأنا أرى معاناة المئات بل آلاف المرضى من أعز الناس إلينا آباء وإخوة وأخوات وأصدقاء وجيران، تربطنا بهم وشائج المحبة وأواصر الدين الحنيف هؤلاء الذين يعانون مرارة الانتظار لمن يتبرع لهم بكلية لتنقذهم بإرادة الله من ويلات الغسيل شبه اليومي وبعضهم على حافة الخطر حيث الغسيل لا يجدي، أن هؤلاء أمانة في أعناقنا جميعاً ومن الهوان أن نتركهم على حافة الموت، ونحن نستطيع إنقاذهم ليشاركوا حلاوة الحياة، ولو برز نفر واحد من كل أسرة كبيرة وتبرع محتسباً لمريض عن عائلته لتلاشت تماماً حالات الانتظار ولربما استغنينا عن مئات الأجهزة ولعادات الابتسامة والسعادة من جديد لمئات من الأسر الكريمة التي ترى عائلها الوحيد، وقد فقد مصدر رزقه ووظيفته وأصبح وقته من الفراش والمنزل إلى أجهزة الغسيل - الديلزه.. كما أننا نناشد أبناء مجتمعنا المسلم المثالي بث النخوة والاحتساب لدى من يتوفى لهم أحد دماغياً التبرع بجميع أعضائه الأخرى مثل القلب والكبد والرئة والكلية والقرنية لينقذ بمشيئة الله أناساً في أمسّ الحاجة إليها، إننا أمة قدوة للإنسانية كلها لأن ديننا الحنيف دين الخير والعطاء والرحمة. فهلا سارعنا بأريحية واحتساب للتبرع في هذا المجال الإنساني العظيم.
هذا ما نرجوه ونتطلع إليه والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وفي الحديث الشريف: «من نفّس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة».
abo.bassam@windows live.com