تتشكل ثقافة الإنسان عبر المواقف التي يعيشها، وكلما كانت هناك أزمات ازدادت الثقافة غزارة وتنوعاً، وذلك لأن الأزمات تفرض أنماطاً مختلفة من التفكير والسلوك. ونقول عن جيل ما، أن ثقافته اتكالية. ونقول عن جيل آخر، أن ثقافته متحفزة ومتطلعة.
اليوم يمر شبابنا بأزمات البطالة وأزمات التهميش وأزمات عدم الثقة. ومع الوقت نجدهم يكتسبون ثقافة التحدي وثقافة عدم الخضوع للأمر الواقع. لقد رأينا شبابنا المهندسين يطالبون وزير الخدمة المدنية بحقوقهم في الحصول على وظائف. رأينا شبابنا خريجي المعاهد الصحية يقابلون وزير الصحة ويطالبونه بتعيينهم في مستشفيات الوزارة. رأينا معلمات محو الأمية، وهن يعرضن معاناتهن لمسؤولي وزارة التربية والتعليم.
في هذه الأثناء سمعنا من يعتبر هذا التحرك غير مقبول، وأنه ربما يزعج المسؤولين! متناسين أن المليك، بكبره، يقضي الساعات الطويلة من جدوله اليومي في مقابلة المواطنين، دون أن يقول الملك انه منزعج من هذه الاستقبالات، أو أنه غير فاضٍ لها! ومن باب أولى، أن يتمتع الوزراء بنفس الروح، بدل أن يغلقوا مكاتبهم على أنفسهم، لا يرون أحداً ولا يراهم أحد، مما يجعل مدير مكتب سكرتير مدير عام مكتب الوزير يتحول إلى وزير!!