|
الجزيرة – نواف المتعب :
دعا مختصون شركات التأمين المحلية إلى إعادة النظر في قيمة وثيقة التأمين الصحي بالسوق السعودي وتحديد قيمة خاصة «للمدخنين» وأخرى لغير المدخنين ورأوا أنه ليس من المعقول توحيد قيمة الوثيقة بين شخص تقل عنده مخاطر الإصابة بالأمراض «غير المدخن» وآخر «المدخن» تتزايد لديه احتمالات الإصابة بالأمراض بما فيها الأمراض الفتاكة ويرى عضو مجلس الشورى والخبير التأميني الدكتور فهد العنزي بأن شركات التأمين الصحي يجب أن تأخذ في الاعتبار معدل الخطر واحتمالات حدوثه عند اتخاذ قرارها بالتأمين الصحي. وقال: تلجأ شركات التأمين إلى إجراء استبيان معلومات عن العميل يتضمن طلب معلومات جوهرية مثل المعلومات الخاصة بالسن ومدى وجود أمراض مزمنة لديه أو تاريخ مرضي معين وكذلك تأخذ في اعتبارها بعض الممارسات السلوكية المعينة مثل التدخين وهذه المعلومات التي يدلي بها العميل تكون هي الأساس التي تتخذ شركة التأمين بناء عليه قرارها في قبول التأمين من عدمه وهي ملزمة كذلك نظامًا بالحفاظ على سرية هذه المعلومات. ولكن الإشكالية في المملكة بخصوص هذا الموضوع تكمن في التأمين الصحي الإلزامي أي التأمين الخاضع لنظام الضمان الصحي التعاوني. فشركات التأمين وإن كانت تأخذ في اعتبارها مسألة كون العميل مدخنًا أو غير مدخن لكنها حينما تؤمن صحيًا على العمالة أو موظفي الشركات الخاضعين تأخذ في اعتبارها الأعداد الكبيرة من الموظفين والعمال الذين يتم التأمين عليهم. ولذلك فهي تتنازل عن بعض الاعتبارات الفردية التي تخص هذا العامل أو ذاك مقابل عدم خسارة التأمين على هذه الإعداد الكبيرة.
وأضاف: لكن الإشكالية حينما تواجه شركة التأمين تكاليف علاج كبيرة فإنها عادة ما تلجأ إلى الاستبيان الذي تمت تعبئته وذلك للبحث عن ذرائع لاستبعاد كل أو بعض المطالبات المالية التي لها علاقة بالتاريخ المرضي أو السلوك الخاطئ للموظف أو للعامل كممارسة التدخين مثلا. أما ما يخص التأمين الاختياري أو الفردي فإن شركات التأمين عادة ما تأخذ في اعتبارها هذه العوامل كالأمراض المزمنة والتدخين أو حتى استهلاك الكحول وهذا يفسر السر في وجود اختلاف كبير بين أسعار التأمين الطبي الجماعي الإلزامي وفقًا لنظام الضمان الصحي التعاوني والتأمين الفردي الاختياري، حيث تبالغ شركات التأمين في قيمة قسط التأمين الفردي.
وهذا يفسر كذلك لجوء بعض الأفراد إلى البحث عن شركات ليكونوا تحت مظلة التأمين الصحي الإلزامي لها ليحصلوا على أقساط بأسعار متدنية مقارنة مع أقساط التأمين الفردي الاختياري.
وحول إمكانية إصدار نظام خاص بالتأمين على المدخنين قال الدكتور العنزي: الحق مشروع لشركات التأمين بأن تضع عند احتساب قيمة القسط معدل الخطر بالنسبة لكل عميل على حدة فالقسط يجب أن يعكس بشكل عادل الحالة الصحية والوضع السلوكي الصحي للعميل فمن غير العدل في التأمين الصحي أن يدفع المستفيد غير المدخن نفس قيمة القسط التي يدفعها المستفيد المدخن. بل ينبغي التشدد في احتساب معدل الخطر الذي يمكن أن يتسبب به المدخن سواء بالنسبة له أو حتى لغيره. ومن العدل كذلك إعطاء شركات التأمين الحق في احتساب قيمة القسط وفقًا لمعدلات المخاطر الحقيقة التي تقوم بالتأمين عليها. وبالنسبة لمؤسسة النقد فالمطلوب منها الاعتراف فقط لشركات التأمين بممارسة هذا الحق ولكن دون التعسف فيه أو التذرع بعدم علمها عنه وقت المطالبة، فشركات التأمين هي التي ينبغي عليها أن تسأل عميلها عن كونه مدخنًا أم لا ولا تنتظر منه أن يخبرها هو بذلك تطوعًا.
إجراء قاصر
من جانبه يقول الاقتصادي فضل البوعينين: إن المدخنين في الغالب يتعرضون إلى مشكلات صحية خطيرة تستدعي تلقيهم العلاج بصفة مستمرة، وبعض تلك المشكلات الصحية تتحول إلى أمراض مُستعصية؛ ومن الطبيعي أن تتحمل شركات التأمين تكلفة علاج المُدخنين ممن يمتلكون تغطية تأمينية؛ فشركات التأمين السعودية لا تفرق في أقساط التأمين بين المدخنين وغير المدخنين، وربما يكون هذا الإجراء قاصرًا، فمن حق غير المدخنين الحصول على سعر أقل لبوليصتهم التأمينية بسبب قلة المخاطر المتوقعة؛ ويضيف: شركات التأمين تعتمد العمر كمُحدد لقيمة التأمين، وأعتقد أن عامل التدخين ربما يكون المؤشر الأكثر دقة في احتساب تكلفة التأمين. فاحتساب كُلفة بوليصة التأمين تقوم في الأساس على حجم المخاطر المتوقعة من جهة، ومنافع البوليصة من جهة أخرى، ومن المؤكد أن حجم المخاطر الصحية على المدخنين أكبر بكثير من حجمها على غير المدخنين.
ويضيف البوعينين: عدم تحديد شركات التأمين لقسط تأميني متباين للمدخن وغير المدخن يعدُّ قصورًا في تقييم المخاطر المتوقع حدوثها؛ وهذا القصور يكبد شركات التأمين خسائر فادحة، ويُحمل غير المُدخنين تكلفة إضافية يُفترض أن يُعاد النظر فيها. فالشركات العالمية تُميز في تقييمها تكلفة بوليصة التأمين بين المدخنين وغير المدخنين، بل إن شركات الإنتاج تتحمل تكلفة إضافية في حال تأمينها على موظفيها المُدخنين، لذا تحرص تلك الشركات على تشجيع موظفيها على الإقلاع عن التدخين، وتختار من بين المتقدمين لوظائفها غير المدخنين لأسباب ترتبط بالأعباء الاقتصادية والأضرار الإنتاجية والمخاطر المتوقع حدوثها من قبل المدخنين.
ويرى البوعينين أن لشركات التأمين الحق في تقييم قيمة البوليصة وفق المخاطر المتوقعة ويعدُّ ذلك جزءًا من سياسة التسعير المفتوحة. ويتابع: نشدد على وجوب قيام شركات التأمين بخفض قيمة البوليصة على غير المُدخنين، وربما يكون هذا الخصم حافزًا للشركات على تشجيع موظفيها المدخنين بالإقلاع عنه لتوفير النفقات، وهي تعني للشركات الضخمة عشرات الملايين سنويًا.
إنصاف غير المدخن
إلى ذلك يرى أمين عام الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين «نقاء» سليمان الصبي أن تحديد شركات التأمين لقسط أقل على غير المدخن يمثل إنصافًا له على اعتبار أنه يتعرض لمخاطر صحية أقل من المدخن وبالتالي ليس من العدالة أن توحد الشركات قيمة بوليصة التأمين بين المدخن وغير المدخن ويضيف: هناك أمراض كثيرة تحدث بسبب التدخين بعضها خطير وتكلفة علاجه مبالغ فيها وشركات التأمين لا بد أن تتحمل هذه التكلفة طالما أن المؤمن تحت تغطيتها التأمينية وشدد الصبي على أهمية أن تكون قيمة بوليصة التأمين على غير المدخن أقل بأضعاف عن بوليصة المدخن.
وحول ما إذا كانت شركات التأمين ستتجه مستقبلاً لإجراء كشف طبي على المؤمن لهم للتأكَّد ما إذا كانوا مدخنين أم لا قال الصبي الجمعية مستعدة للتعاون مع شركات التامين في حال رغبتها القيام بالكشف مسبقًا على عملائها.