أكاد أشك أن بعض المواطنين لا يقيم في المملكة إلا لأجل العمل واستلام الراتب! أقول ذلك وأنا أسمع وأشاهد هوس ترتيبات السفر التي تتم أثناء العام الدراسي استعداداً للإجازات الطويلة والقصيرة. ولا بأس في السفر ولا تثريب على الفكرة مع الاستطاعة ما لم تصل حد المبالغة!
والملاحظ أنه ما أن تهل الإجازة إلا وتشهد بلادنا مغادرة أرتال من البشر نحو البلاد المجاورة وبالذات إلى دبي تلك الإمارة الفاتنة في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، وبرغم أن المسافرين يتذمرون من سوء خطوط الطيران والتأخير في الإقلاع والمغادرة، ويشتكون من مصاريف السفر ووعثائه بعد العودة إلا أنهم يكررون السفر إليها في كل سانحة حتى لنتخيل أن السياحة في دبي أضحت محلية!
يستوقفني هذا المشهد كثيراً، وآسف على بلدي الذي عجز عن أن يكون جاذباً لسياحة أبنائه داخل أجنحته برغم اتساع تحليقها، وأتحسر على الأموال التي تهاجره بدعوى السياحة لبلاد تشاركه ذات الطقس والمناخ والبيئة، عدا أنها تتفوق عليه بأمور يمكن توفيرها بإيجاد مقومات جاذبة مثلما هي موجودة في دبي التي تتميز بتنوع الأنشطة السياحية فيها على مدار العام، ومناسبتها جميع الأذواق بلا استثناء.
إن التقدم الكبير الذي تشهده دبي في العقود الأخيرة جعل منها إحدى أهم المدن السياحية الرائدة عالمياً، وبسبب التقدم الحضاري الكبير أضحت هذه الإمارة تضم أعلى مباني العالم وأضخمها وأفضل المواصلات وأريحها، كما صرحت بذلك قائمة فوربس، وهذا التطور المطرد جعلها تتفوق على عدد كبير من المدن العالمية المتقدمة.
ولا ريب فإن هذه المعطيات مجتمعة هي التي تجعل من السياحة في أية دولة مبتغى ومطلباً. ورغم أن ما يتوفر في المملكة من تضاريس طبيعية أضعاف ما في دبي؛ إلا أن السائح هناك يجد متعة خاصة، حيث تتضمن السياحة لديهم رحلات برية في مخيمات مناسبة للوضع الاقتصادي للسائح يتخللها ركوب الجمال أو الاستمتاع بالتجول عبر السيارات على الكثبان الرملية أو التزلج عليها، كما أن جمال السياحة هناك يبدو زاهياً من خلال القفز بالمنطاد مما يجعل لروح المغامرة معنى جميلاً، ويجد السائح استمتاعاً حين يحظى بجولة بحرية في الخليج العربي، ويمارس صيد الأسماك والسباحة والغطس ومشاهدة الدلافين وركوب الدراجات المائية. أفلا يمكن توفير هذه الأنشطة ضمن البرامج السياحية لدينا؟
إننا حقاً بحاجة ماسة لإنقاذ السياحة في بلادنا، وتوطينها وترسيخ عوامل الجذب السياحي باحترافية من خلال الاستفادة من الخبرات العالمية في هذا المجال، وليس كما هو حاصل بالاقتصار على الجهود الذاتية لبعض أمانات المناطق وبلديات المدن، ولاسيما وأن بلادنا تتميز بتقاليدها العريقة التي ينبغي مزجها بالتطور المتماشي مع روح العصر؛ لتتحول السياحة لصناعة وفن ومتعة!
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny