مشكلة النظام السوري طائفية قبل أن تكون سياسية؛ فهو مُسْتيقن أحقِّيته بالسلطة دون الناس، فالطائفة (النُّصيرية) هناك ترى أفراد الشعب كافة -ممن لا يتَّفقون معها في الملَّة- خونة تستلزم إبادتهم في حال مطالبتهم بأي حق مشروع لهم؛ فكيف إذا صَدَع هؤلاء بإسقاط النظام! فالتعذيب قبل الموت مصيرهم المحتوم.
تمارس المليشيات الإيرانية (السرية) المنتشرة في مختلف المدن السورية -كما يذكر التقرير البريطاني- أبشع الجرائم، فهي تقوم بنشر الرعب وقتل الأبرياء وتشريد العوائل وإرهابهم بمباركة سامية من قبل نظام الأسد؛ فالدفاع عن الثورة وولاية الفقيه لا تحكمه قوانين، ولا توقفه حدود، ولا يمكن أن يتنازل عنه الفرس وحلفاؤهم (الخونة) في سورية وغيرها من البلدان العربية المخترقة.
لا يمكن أن يُخْفيَ (النُّصيريون) من يتسمّون بـ(العلويين) - حكومة بشار- تعاطفهم واتصالهم باليهود بداية بسليمان الأسد الذي بارك تدفقهم إلى فلسطين عام 1926م وانتهاءً بحفيده بشار الذي يتعرض بين الحين والآخر لامتحانات قياس الولاء من قبل حلفائه العبريين؛ أقساها قصف طائرات (الإف 16) للعاصمة السورية عام 2007م، تلاها نسف قصر فخامته في اللاذقية عام 2009م، ولكنَّ الغارة الأخيرة لم تكن كسابقاتها فقد حلّت عقدة لسانه ليثور على صمته (الوديع) ليطلق عدداً من الصواريخ (الصوتية) عبر مكبرات الصوت تؤكد احتفاظه بحق الرد (الحكواتي) متى ما استدعى الأمر؛ فقد خيب تكهناتهم وظنونهم الآثمة ليثبت لهم وللعالم أجمع أنه خير من يوثق به، فهو في أكثر من محفل يفتخر أن بلده صمام أمان للدولة الإسرائيلية، وأنه سيقف بالمرصاد لأي تهديد يمكن أن يمس الصهاينة.
في الأنظمة الأمنية تقتضي المراقبة متابعة المتهم ورصد تحركاته حتى وقوع جريمة ليكتمل الدليل بالقبض عليه متلبساً؛ ولكن كيف تكون مراقبة من يمارس جرائمه بالصوت والصورة أمام ملايين البشر! فلا يعدو ذلك أن يكون عبثاً واستخفافاً بعقول الخلق وأرواحهم.
الظاهر للعيان أن المراقبين العرب لم يكتفوا بمشاهدة جرائم القتل والانتهاك بالصوت والصورة على شاشات الفضائيات، فربما تكون هذه اللقطات في (بوركينا فاسو) أو (مدغشقر) لا في عاصمة الأمويين، وربما أن بعضهم أراد أن يشاهد هذه الانتهاكات على الطبيعة بعيداً عن (التضخيم) الإعلامي وعن المؤامرة (القذرة!) التي تحاك في الخفاء ضد نظام الأسد.
المضحك والمبكي معاً استمرار عمل المراقبين العرب رغم ما نالهم من الرصاصات والقذائف، فلم يُكِن لهم (الشبّيحة) أي استحقاق، ولعل ذلك المشهد المهيب الذي بثته شاشات الفضائيات والذي رصد عن كثب إمطار قناصة الأسد للمتظاهرين الذين يحيطون بالفريق في حمص بوابلٍ من الرصاص، في محاولة يائسة لتفريقهم وتشتيت أي تجمع لهم قد يؤثر على آراء فرقة التحقيق الفدرالية (المحترفة)، التي تطايرت خيوطها مع كل طلقة حائرة تتخطف رؤوس مراقبينا وأجسادهم المترهلة!
تصريحات العربي التي أدلى بها قبل أيام عن نجاح مهمة المراقبين العرب وأن حمام الدم توقف فور وصولهم إلى دمشق وعن انسحاب المدرعات العسكرية من جميع المدن السورية! كانت مثار اشمئزاز المتابعين، فأسلوب التزييف الذي امتطاه العربي بهدف إنجاح مهمة جامعة الدول العربية لم يعد مقبولاً.. يمكن أن يمرر مثل هذا الكلام قبل عقدين أو ثلاثة، ويظهر أن معالي الأمين ما زال يعيش أجواء تلك الفترة، أما الآن فكل شيء بات مكشوفاً، والاستغفال أضحى محالاً في عصر العولمة المتلاطم!
هل نسي العربي الثلاثين قتيلاً الذين دكَّت جماجمهم مدافع الدبابات بحمص في أول يوم عمل للمراقبين العرب، كما يذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أم أن صداع الأزمة جعل العربي يعيش حلماً جميلاً لم تسعفه الظروف للاستيقاظ منه؟!... آمل أن يراجع معالي الأمين العام نفسه سريعاً،..خاصة بعد انتهاء مهمة المراقبين العرب في سوريا، الذين رفعوا تقريرهم النهائي - المخضب بدماء السوريين- للجامعة يوم أمس الأحد قبل أن يجتاح الربيع قلب جامعة العرب.
Alfaisal411@hotmail.com