بعد أن اشتد الحصار على النظام السوري، وفُضحت المحاولات اليائسة التي استهدفت تعطيل مهمة المراقبين العرب والتضييق عليهم؛ حتى لا يؤدوا الدور المأمول منهم، لجأ النظام إلى «صديق»، على غرار ما يجري في أحد البرامج التلفزيونية الشهيرة؛ حتى يكسب الجائزة التي يسعى إليها، وهي البقاء في السلطة.
فالنظام السوري الذي له ارتباطات يعرفها الداني والقاصي بتنظيم القاعدة الإرهابي، والذي له تعاملات لوجستية وتنظيمية معه من خلال تسهيله عمل عناصر التنظيم ومساعدته في العبور إلى العراق وإلى لبنان، يتهمه الآن بأنه وراء التفجيرين اللذين حصلا في دمشق قبل ثلاثة أسابيع، حينما استهدف مقر أمن الدولة، وأمس في وسط دمشق بمحلة الميدان.
المعارضة السورية وكثير من المراقبين يتهمون النظام السوري بأنه استعان بصديقه تنظيم القاعدة لتنفيذ مثل هذه العملية الإرهابية الدامية لتوجيه رسائل عديدة، من أهمها:
1 - إلى الجامعة العربية التي تعتزم لجنة المتابعة الوزارية الاجتماع غداً في مقر الجامعة في القاهرة لدراسة أول تقارير بعثة المراقبين، التي استُقبلت بعمل إرهابي، وتكمل تقريرها بعمل إرهابي مماثل؛ حيث يسعى النظام إلى تأكيد أن سوريا تتعرض لـ»مؤامرة خارجية»، وأن ما يجري يتم ضمن مخطط إرهابي دولي.
2 - إلى المتظاهرين السلميين السوريين، الذين لا يمكن أن يكونوا بعيدين عن استهداف العمليات الإرهابية لتنظيم القاعدة، الذي أصبح قادراً على الوصول إلى أهم المفاصل في مدينة دمشق؛ فبعد موقع مقار الأمن والمخابرات ها هو يضرب الآن وسط دمشق حيث «الميدان» الذي اعتاد المتظاهرون السلميون القيام بمظاهراتهم وسطه..!!
3 - إلى المجتمع الدولي، وبخاصة إلى مجلس الأمن الدولي، الذي يريد النظام السوري إشعاره بأن القاعدة بانتظار أي تدخل دولي، وأن سوريا ستكون ساحة أخرى بعد العراق وأفغانستان لتفعيل عمليات القاعدة الإرهابية، التي ستكون موجَّهة لأي تدخل دولي بعد تصويره بأنه احتلال أجنبي.
هذه الرسائل التي يهدف من خلالها النظام إلى إبعاد أي جهد دولي أو إقليمي لحل الأزمة السورية، وإجبار النظام على التخلي عن السلطة، تكتسب أهميتها بعد دعوة الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، رئيس اللجنة العربية الوزارية للمتابعة، الذي طلب معونة الأمم المتحدة لتفعيل عمل المراقبين العرب، التي يرى فيها النظام مقدمة لاعتماد الحل الدولي. كما أن الاستعانة بالقاعدة قبل اجتماع الجامعة العربية يجعل العرب حذرين من دخول هذا العنصر المزعج الذي سيخلط الأوراق، وهو ما يعتقده النظام بأن يُبقي الجامعة رهينة لإرادة نظام الأسد.
jaser@al-jazirah.com.sa