في نهاية ملتقاهم الثاني الذي انعقد الأسبوع الماضي في مركز الملك فهد الثقافي برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين، صدر عن المثقفين رزمة من التوصيات المهمة والطموحة والتي تلاها الأستاذ محمد رضا نصر الله الأمين العام للملتقى في نهاية جلسة صاخبة حول المسرح والسينما تكررت فيها نفس المطالبات القديمة، الجديد
في تلك الجلسة أن الطاولة كانت أكبر من سابقاتها لتشمل خمسة مشاركين من الجنسين! الأمين العام والذي أدار ملتقىً كبيراً وناجحا أعتقد ان التحدي الأكبر له قد بدأ الآن، بل منذ لحظة تلاوة التوصيات التي لابد من تحقيقها أو على الأقل تحقيق جزء منها، فالتوصيات هي البداية (الحقيقية) للملتقى وليست نهايته، لأنه في حال انعقد الملتقى الثالث ولم ينفذ منها شيء فسنجد أننا نقف عند النقطة ذاتها التي بدأنا معها العام 1424هـ، عندها لن نلوم لو أن أحد المثقفين قال لصاحبه كانك يا (أبو زيد ما غزيت)! وربما فقد المثقفون الرغبة لاحقاً في حضور ملتقى لا ينفذ توصياتهم ويحيلها إلى الملتقى اللاحق! ولقد أشارت الكاتبة حليمة مظفر إلى شيء من ذلك عندما قالت في مداخلتها انها لا تشعر بفارق كبير بين هذا الملتقى وبين أجواء الملتقى الأول! وبشكل عام فإن التوصيات كانت مهمة وطموحة ونأمل ان تجد سبيلها إلى التنفيذ لتعيد تشكيل الساحة الثقافية والمشهد الثقافي على أسس راسخة متينة وتصدر المزيد من شهادات الاعتراف لعناصر الثقافة التي ما تزال تعمل في المنطقة الرمادية! وبقراءة متأنية لتلك التوصيات نجدها تنوعت وشملت الكثير من عناصر الثقافة من كتاب ومسرح وسينما وتصوير وتشكيل وتبنت الدعوة الى إنشاء أكاديميات ومعاهد وغيرها، ولكني اعتقد أن أهم توصية خرج بها الملتقون هي العمل على إقرار استراتيجية للثقافة وهذه الإستراتيجية فيما لو تمت الموافقة عليها سيتحقق معها ومن خلالها أغلب توصيات الملتقى، لأن العمل بدون إستراتيجة كان السبب في كون الثقافة حتى الآن مجرد اجتهادات والمشاركة في مناسبات محلية ودولية، الثقافة بشكل عام ظلمت كثيرا خاصة فيما يتعلق بالميزانيات، فبلد كبير مثل المملكة من الاجحاف بحق الثقافة ان تكون ميزانية الثقافة فيه لا تتجاوز الثلاثين مليون ريال! ناهيك عن نظرة المسؤولين في الإدارات المالية للثقافة بأنها أقل درجة حتى من المسلسلات التلفزيونية، فهم يناقشون ويجادلون ويتمنعون في صرف مستحقات ثقافية بمبالغ زهيدة، لكنهم لا يفعلون ذلك مع مسلسل تلفزيوني حتى ترصد له ملايين الريالات حتى وإن كان هزيلاً ويسيء للفن والثقافة والذوق العام! ولن يحل هذه الإشكاليات وغيرها الا إقرار إستراتيجية تعلي من شأن الثقافة وتضع بنودها فوق اجتهادات الأشخاص وميولهم ورغباتهم!
alhoshanei@hotmail.com