ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Friday 06/01/2012/2012 Issue 14344

 14344 الجمعة 12 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

      

«هروب الفتيات أسبابه، آثاره، علاجه» دراسة علمية قيِّمة قام بها مركز البحوث والدراسات في الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر. وأشرفتْ عليها علمياً جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، ونفَّذها فريق علمي متخصص من جامعتي: الإمام محمد بن سعود الإسلامية والملك سعود.

والدراسة ذات طبيعة مسحية وصفية، بُذل في إعدادها الكثير من الوقت والجهد والعمل. وقد وفُق الفريق العلمي الذي نفَّذ هذه الدراسة في تأصيل المشكلة بكل أبعادها، من خلال العناية بالنظريات المفسرة لها، «تسع نظريات» والدراسات السابقة «العربية والأجنبية» والمظاهر والضوابط الشرعية لحماية المجتمع من الرذيلة، والجانب النظامي والإجرائي لعلاج المشكلة محل الدراسة. وفتح الكثير من النوافذ المقترحة للعلاج والوقاية. وفي تقديري أنَّ هذه الدراسة إنجاز كبير يُحسب لمركز البحوث والدراسات.

اشتملت مقدمة الدراسة على أهدافها وتساؤلاتها وأهميتها وحدودها، وجرى التأكيد على فرضية الدراسة بأن هروب الفتيات في المملكة لم يصل إلى حد الظاهرة وفق الإحصاءات الرسمية. إذ الحالات المسجلة محدودة، وتحت السيطرة. ومن ثمَّ جاءت هذه الدراسة في جانبيها النظري والميداني كإطار علاجي ووقائي عام حتى لا يستفحل خطر مشكلة هروب الفتيات، وتتعاظم آثارها، وتتحول إلى ظاهرة.

في هذا السياق حاولت هذه الدراسة العلمية الشاملة - والتي تُعد الأولى من نوعها كما جاء في حيثيات إصدارها - استقصاء حجم المشكلة، وتحديد أسبابها، وتبيان آثارها. واهتمت بشكلٍ أساس باقتراح الحلول وبرامج المعالجة، للحدِّ من أخطارها الشرعية والاجتماعية والأمنية. وتمَّ استخدام كل الأدوات العلمية الممكنة التي تثري الدراسة من حيث الاستشهاد أو التأصيل أو المقارنة أو الاستنتاج، مثل: الاستبيانات والمقابلات المباشرة لبعض الأطراف المعنية ذات العلاقة بالمشكلة، والإحصاءات والتقارير الصادرة من الجهات ذات العلاقة، والزيارات لبعض الدول العربية للاستفادة من تجاربهم في هذا المجال.

بما يخص حدود الدراسة، فقد اقتصرت في جانبها النظري على الإحصائيات الرسمية لمشكلة هروب الفتيات بالمملكة العربية السعودية خلال السنوات 1418-1428هـ، مع الإفادة من التجارب التي مرت بها كل من «مصر، البحرين، الكويت، الإمارات العربية المتحدة». أمَّا في جانبها الميداني فقد شملت مناطق المملكة التي توجد بها دور الرعاية الاجتماعية للفتيات، وعددها أربع، وهي تحديداً مناطق « الرياض، الشرقية، مكة المكرمة، عسير « وعينة من الفتيات الهاربات الموقوفات في هذه الدور وفي سجون النساء بالمناطق نفسها « 109 نزيلات « بغية التعرف على آرائهن. إلى جانب عينات من طالبات التعليم العام في المرحلة الثانوية «1193 طالبة» والإعداد العام في المرحلة الجامعية «256 طالبة»، وقضاة المحاكم الجزئية «53 قاضياً»، ورؤساء وأعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر «192 عضواً»، وأعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام «140 محققاً»، وأساتذة بعض الجامعات السعودية في أقسام الشريعة وعلم النفس وعلم الاجتماع «91 عضو هيئة تدريس»، وضباط التحقيق في مراكز الشرطة «81 ضابطاً»، والأخصائيات الاجتماعيات بدور الرعاية الاجتماعية للفتيات وسجون النساء «33 أخصائية»، والأخصائيات الاجتماعيات «المرشدات» بالمدارس الثانوية «101 مرشدة».

جاءت توصيات الدراسة بصبغة شمولية، وقُسِّمت إلى أقسام عديدة بحسب الجهات المنفذة، وقد بلغت تحديداً (54) توصية. منها: توصيات خاصة بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتوصيات أخرى ذات صبغة شرعية، وتربوية وتعليمية، واجتماعية، وإدارية وأمنية.

من أبرز هذه التوصيات:

- دعم الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مادياً ومعنوياً، وفي مجال مباشرة الجرائم الإلكترونية.

- تقوية الوازع الديني، وغرس القِيم الإيمانية، وتعظيم حرمة الأعراض والدماء المعصومة لدى النشء، مع التركيز على الطلاب والطالبات في جميع المراحل. والعمل على تصميم برامج عملية، ومناشط دعوية واجتماعية، تخدم هذا الجانب المهم.

- تضمين المناهج الدراسية بمفهومها الشامل ما يحذر من هذه المشكلة ويبين خطورتها.

- وضع إستراتيجية للحدِّ من التفكك الأُسري، وارتفاع معدلات الطلاق والانفصال.

- إنشاء دور للفتيات اللاتي ترفض أُسرهن استلامهن، وإيجاد خطٍ ساخن ومواقع اتصال سريعة يمكن من خلالها التبليغ عن أي محاولات لهروب الفتيات أو ابتزازهن أو سؤ تعامل من الأُسرة للأولاد.

- التوسع في إنشاء المراكز الاستشارية المتخصصة في المناطق والمحافظات لاستقبال مشاكل الأُسر والأولاد.

- العناية بسكان الأحياء الشعبية والمتوسطة عناية شرعية وتثقيفية واقتصادية تغنيهم عن الحاجة، وترفع عنهم الجهل، وتحصنهم عن الضياع.

- إيجاد فرص وظيفية للفتيات العاطلات، أو تخصيص مخصصات مالية للشاب والفتاة العاطلة.

- النظر في زيادة العقوبات على الجرائم المتعلقة بهذا الأمر، وأن تكون متناسبة مع الآثار المترتبة عليها، ومتناسبة كذلك مع تكرار صدورها. واستصدار عقوبات خاصة بمن يمارس الاستدراج والإغواء والابتزاز.

- إنشاء قناة تلفزيونية خاصة بالأُسرة، تحت إشراف علماء شرعيين، وخبراء في الإعلام وعلم النفس والاجتماع والتربية لصياغة برامجها وفق رؤية عصرية جاذبة للمراهقين والمراهقات.

- صياغة ميثاق بين وزارة الداخلية ووزارة الثقافة والإعلام، والرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهيئة التحقيق والادعاء العام، بما يتعلق بالنشر عن الجرائم التي تحدث في المملكة، بحيث تعالج معالجةإعلامية راشدة.

كلمة أخيرة:

كل التقدير للفريق العلمي المُنفِذ لهذه الدراسة القيِّمة، ولمركز البحوث والدراسات بالرئاسة العامة الذي احتضن هذا الجهد العلمي المتميز. والذي سوف يثري بالتأكيد المكتبة العربية بهذه النوعية من الموضوعات والدراسات التي تعالج بعض إرهاصات النمو والتنمية في المجتمع السعودي خلال العقود الزمنية الأخيرة. والأمل أن يُترجم هذا الجهد العلمي والبحثي عملياً عبر آلية يتم بموجبها تفعيل نتائجه وتطبيق توصياته ومقترحاته.

من مأثور الحِكم: ما الإرادة إلا كَالسَّيْفِ يُصْدِئُهُ الإِهْمالُ ويَشْحَذُهُ الضَّرْبُ والنِّزالُ.

 

قراءة في دراسة «هروب الفتيات أسبابه.. آثاره.. علاجه»
د. عبدالمجيد محمد الجلال

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة