كلما مرَ من باب بيته ورأى تلك السيارة المعطلة منذ سنين يحس براحة غريبة في أعماقه فقد كساها الغبار وخلعت الرياح بعض نوافذها، تأكل حديدها حتى تحولت مرتعا لكائنات غريبة لا رابط بينها. ما كان يسره كثيراً انشغال الناس بها، بواسطته، وقد تزايد عدد زواره المستطرقين كل يوم للسؤال عن سرها الدفين وسبب امتناعه من التخلص منها كان فقط يستخف بهم ويبتسم، كأي مشهور مكابر حتى جاء اليوم عندما وقف بباب داره رجل البوليس ليخبره بكثرة الشكاوى ضده وحين السؤال عن السبب.
أجابه: الناس سئمت القديم والشرطة في خدمة الشعب !
تذمر
حينما تشرق الشمس يشرق قلبه وحينما تغرب يسكنه الوجوم
أراد أن يكون بمنأى عن شروق الشمس ومغربها
اعترض جسده ومازال يعاني عقدة التذمر...
ذكريات
وقفت قبالة مرآتها وراحت تكلمه :
متى تأتي اشتقت كثيراً، تعال لتريحني مما أنا فيه، أشكيك ضيق صبري ونفاذ حيلتي. حتى متى انتظر مقدمك وقد اصطبغ الشَعر ذكريات، قُل لي ماذا ترتدي الان، وهل نمت جيدا. يوم أمس لم يبارحني القلق، لدرجة كنت خائفة ومرعوبة؟
كان يرمقها من زاوية حادة وهي في زنزانتها تهذي...
في اليوم التالي، حين رفعت طرفها إلى المرآة ذُهِلتْ، فقد استبدلها شخصها المراقب بأخرى لا صلة بماضيها...
عندها أخرجت من حافظتها مرآة صغيرة، حبستها بين عشرها، رسمته اقتربت منها حتى استدقت في بؤرة المنتصف، ثم استرسلت معها تتمة أحاديثها السجينة...
عبدالكريم البغدادي