من المؤسف حقاً أن تتكرّر كثيرٌ من الحوادث التي نعزوها في مجملها إلى القضاء والقدر وكأننا نجعل من القضاء والقدر شماعة نعلّق عليها أخطاءنا البشرية، وهذا التعليق يجعلنا نغفل الجانب الإيجابي في المسألة فتتكرّر الكثير من الحوادث التي لها أسباب تتعلَّق بالأشخاص من الإهمال أو التقصير أو التفريط في الأمانة أحياناً ولا شك أن تكرر الكثير من المآسي والحوادث وخاصة فيما يتعلّق بشؤون وحياة المجتمع كالصحة أو التعليم أو الحوادث المرورية أو الأخطاء الطبية أو الحرائق المتكرّرة التي ينتج عنها الكثير من المآسي البشرية التي تشكّل خللاً في البيئة الاقتصادية والبشرية للمجتمع ليقودنا إلى البحث عن الأسباب التي أدت إلى تكرار مثل تلك الحوادث والبحث عن المقصّرين والمتخاذلين ومحاسبتهم ليكونوا عبرة لغيرهم، فها نحن وخلال أسبوع واحد نفجع بحادثتي مدرسة براعم جدة وبعدها حادث طالبات جامعة حائل، ولو بحثنا الأسباب في هاتين الحادثتين لوجدنا أن هناك أسباباً بشرية قد تسببت في مثل تلك الحوادث بالإضافة إلى القضاء والقدر المسلَّم به ومنها: هل طبَّق الدفاع المدني تجربة طوارئ فرضية وتأكَّد من نجاح الخطة ووسائلها في تلك المدرسة التي تغص بالعديد من الطلاب الذين قد يفوقون قدرتها الاستيعابية، هل هناك مخارج طوارئ كافية لخروج مثل هذه الأعداد الكبيرة وفي فترة وجيزة، هل طبّقت المعايير التربوية في إنشاء مثل تلك المدارس التي تضم أعداداً كبيرة من الطلاب، هل راعينا قدرة المدرسة الاستيعابية وعدد الطلاب المثالي في كل فصل، أم أن الرغبة الجامحة في جمع الحصيلة المالية هي المسيطرة على هذا الجانب، هل هناك تدريب مستمر لإدارة مثل تلك الجموع وإجلائها في وقت قياسي في زمن الخطر.وبالنسبة لحادث طالبات جامعة حائل: ما هي مواصفات الطريق الذي تسلكه الطالبات؟ هل يحظى بمواصفات الأمن والسلامة؟ ما نوع وسيلة النقل المرخصة لها؟ هل تكتمل فيها الشروط المناسبة لنقل مثل هذا العدد من الطالبات؟ لماذا لم يقم سكن مناسب لسكن الطالبات من خارج الجامعة وهو الذي أمر بإنشائه على عجل بعد وقوع الكارثة؟ أم أننا ننتظر وقوع مثل تلك الكوارث للتفكير بالحلول المثلى؟ أين ذهبت تلك الضمائر الإنسانية التي تستخدم مثل تلك الوسائل المتهالكة لنقل الطلاب والطالبات والمشاهد مثل ذلك كثير؟ أم أننا نحتاج إلى وقوع فاجعة جديدة لنفكر من جديد في إيجاد وسائل آمنة لنقل الطلاب والطالباتإلى مدارسهم أو جامعاتهم؟ الأسئلة كثيرة والخطب جلل والمآسي تتكرّر ونتيجة التحقيقات تبقى فترة طويلة بين دهاليز الجهات المسؤولة بدون حلول عاجلة وقد تُقيد أحياناً ضد مجهول مما يجعلنا في حيرة من الأمر.
- الرياض
homod7@hotmail.com