يصادف الأول من شهر يناير الحالي العام العاشر على الإطلاق الفعلي للعملة الأوروبية الموحَّدة (اليورو)، وإن كان الإطلاق الرسمي قد بدأ في العام 1999، إلا أن عام 2002 يُعتبر العام الذي حل اليورو فعلياً محل العملات المحلية في الدولة الأوروبية الأعضاء في ذلك الوقت. وتتصادف الذكرى العاشرة لليورو مع التوجُّه الحقيقي غير المسبوق لدول الخليج العربي للتحول من تعاون إلى وحدة. الحديث عن الوحدة النقدية الخليجية حديث طويل، كانت فيه الظروف تختلف سياسياً واقتصادياً، واليوم بعد «إعلان الرياض» أصبح مستقبل العملة الخليجية أقرب من أي وقت مضى.
والحديث عن العملة الخليجية الموحَّدة دائماً يذكّرنا بتجربة اليورو؛ كونه التجربة الأكبر من نوعه في التاريخ الاقتصادي، والتجربة تستحق الدراسة والمقارنة مع أي توجُّه نقدي خليجي متوقع. ولكن، أرى أن المقارنة قد تكون فقط في الإجراءات التنفيذية، ومن بعدها التطبيقية، وليس على الأبعاد الاقتصادية والسياسية للعملة الأوروبية، التي تعيش أسوأ أيامها خلال هذه الفترة.
المقصود أن المعطيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية المحيطة باليورو تختلف بشكل كبير عن المعطيات المحيطة بالوحدة النقدية الخليجية؛ فسياسياً ظهر اليورو بقيادة دول قوية سياسياً كألمانيا وفرنسا، وهي ما زالت صاحبة الكلمة الأخيرة في قرارات اليورو. واجتماعياً فإن دخول 17 دولة في اليورو ذلك الوقت كان مخاطرة غير محسوبة بسبب الاختلاف في التركيبة الاقتصادية والاجتماعية؛ لذلك فإن بعض الدول رأت أن الدخول في اليورو يمثل ارتباطاً اجتماعياً وسياسياً مع الدول الأوروبية الأقوى عالمياً، ومصاحبة اقتصاديات قوية متنوعة المنتج، وقد يساعد على نمو اقتصادي واجتماعي للدول الأقل. وفي الوقت نفسه فإن الدول الأقوى رأت فيه فوائد اقتصادية على مستوى العملة وعلى مستوى فتح الأسواق وعلى مستوى الإنتاج.
الحديث عن الوحدة النقدية الخليجية يبدو أسهل من ناحية التطبيق؛ كون العدد الأقل والتشابه الكبير في المعطيات الاقتصادية من ناحية المنتج، وكذلك التركيبة الاجتماعية التشابه الكبير بين الدول الخليجية، وكذلك فإن السهولة هي أن الاقتصاد الأكبر في المنطقة هو من يقود التوجُّه، بمعنى أن التحدي أقل بكثير، والفائدة غالباً تعم الاقتصاديات الأقل قوة.
وللحديث بقية.
albadr@albadr.ws