أول من عبَّر بهذه المقولة هو الدكتور «مارتن لوثر كنج»(Martin Luther King) الذي يرجع إلى أصل أفريقي، جاء مع عائلته واستقروا في الولايات المتحدة الأمريكية،
وحلمه الذي أعلنه عام 1963م يتلخص في رغبته رؤية مستقبل يتعايش فيه السود والبيض بحرية ومساواة وتجانس، وتحمل الكثير من المزالق والعثرات، ومات قتيلاً في سبيل تحقيق حلمه.
وأعلن الرئيس الأمريكي الحالي «باراك أوباما»(Barack Obama) عن حلمه في انتخابات الرئاسة الأمريكية، وحلمه يتمثل في مواجهة تدهور الاقتصاد الأمريكي بعد حروب دخلت الولايات المتحدة بها، وأنفقت مبالغ فلكية عليها.
أما حلمي فهو ليس مثل الأول؛ لأننا -ولله الحمد- نعيش في مجتمع مسلم لا تفرق قيادته بين أحد وآخر، كما أنه ليس مثل الثاني؛ لأننا في مجتمع يحب الخير ويريد أن يعم أرجاء الأرض، ويحرص على نشر ثقافة الحوار مع الأديان الأخرى.
ويتمثل حلمي في أمنيات في المجال التربوي، وتحديداً في التعليم الجامعي في المملكة العربية السعودية؛ ليكون في قائمة أفضل دول العالم المتقدم. ويتلخص برنامج حلمي في البنود التالية:
- تطوير الخطط الدراسية، وجعلها تتعادل مع الخطط الدراسية في أرقى جامعات العالم، فمثلاً نبحث عن أفضل كلية تربية في العالم، وندرس خططها الدراسية، ونعمل لها مراجعة دقيقة بما يتناسب مع ثقافة المجتمع السعودي، ثم نعمل خطة دراسية موحدة لجميع كليات التربية في الجامعات السعودية. وهكذا مع بقية الخطط الدراسية في كليات الجامعة في المرحلة الجامعية الأولى، كما هو الحال في برامج الدراسات العليا، إذ توجد لائحة موحدة لبرامجها. وهذا الإجراء يحقق عائدين، الأول نيل الاعتماد الأكاديمي الذي يعد حلم كل كلية طموحة، وبالتالي لن تأتي جمعية علمية أو مركز بحثي أو جامعة أو أكاديمية، وتطلق شعارات عدائية، قد تتسبب في الإساءة إلى السمعة العلمية لهذه الجهات. والثاني يحفظ لطلابنا حقوقهم الدراسية، فلا تضيع عليهم مقررات درسوها في كليتهم الأصلية عند الرغبة في الانتقال إلى كلية مناظرة في جامعة أخرى.
- على الرغم من أهمية نيل الاعتماد الأكاديمي، إلا أنه لا يجب أن يكون هاجس كل جامعة، تجند كل إمكاناتها البشرية والفنية والمالية، كما يجب أن لا نتسابق مع الزمن؛ بقصد نيله وبالتالي التباهي به. فالجامعات العريقة نالته عبر جهود سنين طويلة. فمثلاً جامعة مثل «بن استيت» (Penn State) عمرها يزيد عن 146 سنة وهي الآن تحسب في قائمة الجامعات الرائدة في الولايات المتحدة الأمريكية.
- النظرة العادلة بين مخرجات الجامعات السعودية سواء على مستوى البكالوريوس أو الدراسات العليا ومخرجات الجامعات الأوربية والأمريكية وغيرها. فجميع هؤلاء قد بذلوا الكثير من الوقت والجهد؛ لنيل درجاتهم بتفوق وجدارة.
- العمل علي إيجاد البيئة التعليمية التي تعلم فيها أبناؤنا في الخارج في بيئاتنا التعليمية؛ لجعل الطلاب غير الراغبين في الدراسة في الخارج يستفيدوا منها هنا.
- جعل اللغة الإنجليزية مقرراً إجبارياً على الطلاب في التخصصات النظرية، كما هو الحال في التخصصات التطبيقية والطبيعية؛ ليكون الخريج قادراً على استخدام لغته الثانية بسهولة مثل الخريج من جامعة في الخارج.
- البحث في أسباب غياب أسماء لامعة من أعضاء هيئة التدريس عن المشاركة في فعاليات جامعاتهم، على الرغم من حضورهم المتوقد في فعاليات أماكن أخرى، وأنا أجزم من خبرة متواضعة في التعليم الجامعي أنها قد تكون غير علمية. وكم أتنمى أن يكون هذا البند محل اهتمام معالي مدير الجامعة شخصياً. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، وهو سيد الأمة يعرف أصحابه، ويناديهم بأجمل الألقاب.
- العمل على رصد توصيات البحوث العلمية والرسائل الجامعية البناءة، والاستفادة منها من خلال أصحابها، بدلاً من إهمالها وجعلها حبيسة الأرفف، فهي خلاصة تجربة علمية قد تسهم في تطوير الأداء في الجامعة كل في مجالها.
- البحث في أسباب تدني اهتمام بعض أعضاء هيئة التدريس عن الإنتاج البحثي، على الرغم من توفير الجامعة لمتطلبات تنمية الإنتاج البحثي.
- البحث في أسباب تدني اهتمام طلاب الكثير من التخصصات الجامعية بالدراسة والتخرج في الوقت المسموح به لائحياً. فقد أثبتت كتابات علمية عن تأثير البطالة على الطلاب المقيدين في الجامعة. وبالتالي تدني دافعيتهم للتخرج في الجامعة.
- تحسين خدمات الإرشاد الأكاديمي في الجامعة، فالطلاب لديهم الكثير من الهموم التي تؤثر على تفكيرهم وتحصيلهم العلمي.
- مراجعة التخصصات الدراسية في الجامعة وجعلها تتناسب مع حاجات سوق العمل؛ لئلا يجد الخريجون من يقف في وجوههم ويقول لهم «مو على كيفكم». حتى وإن لزم الأمر اختزال العديد من التخصصات في تخصص واحد، أو إيقاف القبول فبها.
- عمل لقاءات مع الطلاب قبل نهاية كل فصل دراسي بوقتٍ كافٍ، وذلك على غرار اللقاءات التي تعمل لهم في بداية كل فصل دراسي؛ لتذكيرهم بالعادات الدراسية البناءة، وسبل التعامل مع الاختبارات على نحو سليم.
حلم اليوم قد يكون حقيقة ملموسة في الغد، وهو سهل المنال؛ لأن القيادات الأكاديمية والإدارية في الجامعة السعودية على امتدادها طولاً وعرضاً فيها خير كثير، ولديها القناعة بإمكاناتها المتاحة، ولديها طموحات متوقدة، فهي تعمل وجهودها ملحوظة وملموسة، لكن المأمول منهم أكثر، وهم كرماء وأعضاء هيئة التدريس والطلاب يستحقون.
كلية المعلمين-جامعة الملك سعود
drmusaedmainooh@hotmail.com