بعد أن حقّقت انفراجة كبيرة، وأعادت وضع اليمن على طريق حلِّ الأزمة التي عصفت بأمن واستقرار البلاد، وأوصلته إلى حافة الانهيار، تواجه المبادرة الخليجية عقبات جدِّية تتعلّق بعرقلة تنفيذ آليات المبادرة.
وإذا كانت المبادرة الخليجية التي حظيت بتأييد محلي وإقليمي ودولي، قد أنجزت أهم الخطوات بتوقيع الرئيس علي عبد الله صالح على بنودها والأطراف اليمنية المختلفة على خطة تنفيذ آلياتها، ومن أهمها تشكيل حكومة الوفاق الوطني التي تحظى هي الأخرى بتأييد شعبي وإقليمي ودولي، فإنّ اليمنيين جميعاً بمن فيهم الموالون للرئيس علي عبد الله صالح وحتى المعارضون تنفّسوا الصعداء، بعد أن بدأت آليات تنفيذ المبادرة الخليجية بالعمل، وبالذات اللجنة العسكرية المكلّفة بإزالة الحواجز والسواتر التي قسّمت العاصمة والمدن اليمنية الكبرى، فعادت صنعاء تتواصل فيما بينها، وبدأت تعز بالتعافي، بعد معالجة محاصرة الساحات والشوارع، وعادت الوزارات تعمل في حي الحصبة في صنعاء، بعد أن نجحت اللجنة العسكرية في تحقيق كثير من الانفراجات.
إلاّ أنّ الانفراجات ومساحات الأمل والتفاؤل، بدأت تتقلّص بعد أن بدأ الفرقاء، أعداء الأمس شركاء اليوم، يقدمون مصالح أحزابهم وكتلهم السياسية والمناطقية على مصالح الدولة، فأصبح الانتماء الحزبي والمناطقي مقدماً على المصلحة العامة، وهذا ما أوجد تنافراً وتباعداً بين أعضاء الفريق الحكومي الذي استند على التوافق وليس التباعد، وهذا ما جعل نائب الرئيس عبدربه منصور الذي يدير الدولة بصلاحيات الرئيس، إلى مطالبة حكومة الوفاق على العمل من أجل الشعب اليمني ورعاية مصالحه وتوفير متطلّباته، وبالذات فيما يحفظ له حقه في الأمن والاستقرار والوحدة.
وبوضوح تام حذّر عبدربه أعضاء الحكومة الوطنية من التخندق في مواقعهم الحزبية، لأنّ المفروض والمطلوب من أعضاء الحكومة العمل على إخراج اليمن إلى برّ الأمان باعتبارهم يمثلون حكومة مرحلة جديدة يمثلون فيها الشعب والجماهير العريضة، وليس الأحزاب أو الكتل السياسية التي لها برامج قد لا تتناسب مع هذه المرحلة، التي هي مرحلة إنقاذ وإعادة اليمن إلى طريق الاستقرار والتنمية.
هذا التحذير الذي وجّهه نائب الرئيس المكلّف بإدارة هذه المرحلة بصلاحيات الرئيس، يستوجب التجاوب التام معه، لأنّ العزف المنفرد لكلِّ وزير وحرصه على تنفيذ توجُّهات حزبه أو كتلته السياسية على مصلحة الوطن، سيجعله عزفاً نشازاً ينعكس بالسلب على ما يقوم به الآخرون الذين سيندفعون بالضرورة إلى معاكسته، وهذا ما بدأنا نلحظه في عملية عمل حكومة الوفاق الوطني التي يعلِّق عليها اليمنيّون ومحبّو اليمن الآمال لتحقيق الأهداف والطموحات، حتى يعود اليمن متمتعاً بالأمن والاستقرار واللحاق بطريق التنمية وقوياً بأبنائه.