|
أبها - متابعة وتصوير - عبدالله الهاجري
بعد أن كانوا للهلاك أقرب.. والغرق مصيرهم الوحيد، حتى أن بعضهم راجع شريط ذكرياته، وتفقدوا كثيراً صور أبنائهم التي كانوا يحتفظون بها، جاء الأمل بعد أربعة أيام من بقائهم في عرض البحر الأحمر إثر تعطل قاربهم، بعد أن استجابت لهم وسائط حرس الحدود السعودي لنداءاتهم وتم إنقاذهم وتحريرهم من الموت المحقق -بأمر الله-.
قصة 32 بحاراً مصرياً، خرجوا صباح يوم للبحث عن لقمة عيشهم -كعادتهم- وبعد أن تمكنوا من الصيد، وتهيؤوا للعودة لميناء السويس المصري، حدث هناك خلل في قاربهم عبارة عن كسر عمود الدوران الخاص بالقارب، اجتهدوا كثيراً لإصلاحه دون أي فائدة، وعليها بقوا في البحر مرسلين نداءات إغاثة مكررة دون أي استجابة، أشغلوا أنفسهم بالنكتة والطرافة محاولين معها إبعاد هاجس الغرق، ورغم الدموع التي لم تجف، واليقين التام بهلاكهم، جاء الفرج في اليوم الرابع، ففي مساء الثلاثاء الماضي تبلغت مركز القيادة والسيطرة بحرس الحدود بمنطقة جازان تلقى بلاغاً من القوات البحرية الملكية السعودية بجازان عن وجود نداء استغاثة من قارب صيد مصري اسمه (بركة الحاج محمد) وعلى متنه (32) صياداً يتعرضون للغرق حيث تم على الفور توجيه الوحدات البحرية بحرس الحدود وقطاع حرس الحدود بفرسان للتدخل السريع لإنقاذ ركاب القارب، كما تم تنسيق عمليات الإنقاذ مع شركة أرامكو السعودية التي بادرت مشكورة بتوجيه قبطان ناقلة سعودية تابعة لها كانت على مسافة (8) أميال بحرية من المركب بإجلاء الصيادين من على متن قاربهم إلى ظهر الناقلة ومنها إلى زورق دوريات حرس الحدود لنقلهم إلى الشواطئ السعودية.
وفي ظهر أمس الاثنين غادر البحارة مطار أبها الإقليمي متوجهين لمطار القاهرة بعد أن استقبلهم قيادة حرس حدود عسير ممثلة في العقيد عبدالله الحمراني مدير الشؤون العامة وفريق متكامل من القسم، حيث قاموا فوراً بتسهيل مهام سفرهم وتقديم الهدايا إلى جانب تجهيز التغطية الإعلامية لممثلي وسائل الإعلام المحلي.
يقول كابتن القارب محمد عبدالرحمن والذي تحدث مع «الجزيرة» نيابة عن زملائه حيث بدأ كلامه بالشكر والعرفان لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ولسمو ولي عهده الأمين وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولسمو مساعده للشؤون الأمنية الأمير محمد بن نايف، ولجميع السعوديين ممثلة في قيادات حرس الحدود وأهالي منطقتي عسير وجازان على كريم الاستقبال والإنقاذ ووفروا لنا كل حفاوة، وعن رحلتهم، يقول عبدالرحمن: ذهبنا كعادتنا للصيد وبعد أن أنهينا عملنا وحاولنا العودة انكسر عمود الدوران الخاص بالقارب رغم قربنا من ميناء السويس، حاولنا جاهدين إصلاحه وبقينا في البحر لأكثر من أربعة أيام كانت فعلاً صعبة وقاتلة، كنا ننتظر الموت فيها، حاولنا أن نعكس ما بداخلنا من خوف وهلع وتيقن بالموت، كانت الدموع متنفسنا الوحيد، لم يكن هناك أي بارقة أمل على أننا سنعود لأهالينا رغم كثر النداءات التي وجهناها لكن دون أي فائدة أو استجابة، حتى تمكن سفينة تابعة لأرامكو السعودية من إنقاذنا في اليوم الرابع، وعملوا معنا كل واجب وأوصلونا إلى منطقة جازان، وكان هناك قيادة حرس الحدود في استقبالنا، حيث وفروا كل أسباب نسيان ما مررنا به، من أكل وشرب ومسكن إلى جانب توفير خط مباشر مع أهالينا في مصر، لم يتركوا لنا شيئاً ما وفروه، حتى الملابس الرياضية وفروها لنا، وعملوا لنا برنامجاً ترفيهياً رياضياً، فعلاً كانت دليل كرم السعوديين وحبهم الأكيد والخالص للشعب المصري، وهذا شيء ليس غريباً على السعودية والتي عرف عنها حبها للعرب والمسلمين في كل مكان.
ويضيف الكابتن عبدالرحمن، وهو يغادر أبها لا أنسى أيضاً أن أشكر قيادة حرس الحدود بمنطقة عسير على تذليل سفرنا وتقديم الهدايا لنا وهي باسم خادم الحرمين الشريفين عبارة عن مصحف وتمور وماء زمزم, هذه هي السعودية وهذه عاداتهم العربية الأصيلة، معلنا معها عن عدم عودته مجدداً للبحر تاركاً مهمة الصيد والبحارة للأبد وأشار في ختام حديثه أنه من الآن سأبحث عن فيزا للعمل في السعودية.