لم يعد ممكناً أمام الوزارات والأجهزة الحكومية سلوك الأساليب السابقة التي كانت تميل إلى الرتابة والسكون والتعلق بحجج مكررة لتبرير تقصيرها وعدم الإيفاء بمهماتها التي أُنشئت لأجلها. ففي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي يتميز بالشفافية وكشف الحقائق للمواطن، وفي ظل توفر الإمكانيات المادية الضخمة وتوفير المساندة والدعم وإيجاد الدعائم الأساسية للمشاريع والخدمات، لم يعد أمام الوزراء وكبار المسؤولين إلا النهوض بمسؤولياتهم، ودفع وزاراتهم ودوائرهم لتنفيذ ما يُطلب منهم بإنجاز الخدمات والمهام التي تندرج ضمن مسؤولياتهم.
وزارة الصحة التي يرتبط عملها بصحة المواطن، وتلتصق خدماتها التصاقاً مباشراً بإنسان هذا الوطن، إذ يُكشف أي تقصير أو تلكؤ في عمل منسوبيها، وهو ما يضع هذه الوزارة والعاملين فيها تحت مجهر المراقبة والمتابعة، ومثلما يُبان أي تقصير أو تأخر أو تدنٍ في الخدمات، يظهر بوضوح أي تحسن في الخدمات وتجويدها وارتفاع مستوى ما يُقدَّم للمواطنين.
كثير من الملاحظات بل وحتى الشكاوي ثارت في الأعوام الماضية حول الخدمات الصحية، وحول تأخر مواعيد استقبال المرضى وتنويمهم وعلاجهم في المستشفيات الحكومية. وبعد إسناد الوزارة إلى قيادة جديدة تمثلت في الدكتور عبدالله الربيعة وفريقه الذي حقق تفوقاً إدارياً ومهنياً في الخدمات الطبية للحرس الوطني، استبشر المواطنون خيراً، إلا أن الوزير «الجديد» ومع إقدامه على اتخاذ خطوات تطويرية تمثلت في وضع إستراتيجية شاملة صحية، إلا أن الأوضاع ظلت تعاني من القصور نفسه، وظلت الشكاوي نفسها تتكرر. وبعد حصول الوزارة على مخصصات مالية تتناسب مع ما يراد منها تحقيقه، وبدأت «قاطرة التطوير» الانطلاق، إذ جاء المال ليوفر الوقود لهذه القاطرة التي تحتاج إلى تسريع سيرها، وبدأت العقود توقع للبدء في تنفيذ المشاريع الصحية، وكان أول الغيث عقود إنشاء مستشفى حائل العام، ومستشفى بقيق العام، وعدد من المشاريع الأخرى، مشاريع حددت لها أوقات محددة ملزمة التنفيذ وفق ضوابط الجودة، ووفق عقود تتضمن محاسبة في حالة التأخير وعدم الالتزام بالجودة.
الأهم من ذلك البدء في إعادة هيكلة النظم الإدارية في وزارة الصحة واستقطاب كوكبة من المختصين من الجامعات في تقنية المعلومات الصحية وغير الصحية، إضافة إلى لجنة استشارية وطنية ولجنة أخرى استشارية عالمية في نظم وتقنية المعلومات.
بداية مبشرة بالخير، وتكشف بأن عجلة العمل والحركة أخذت تدب بقوة في الوزارات والمؤسسات الحكومية التي تعلم بأن هناك من يراقب ويتابع ولا مجال للتراخي. فقاطرة التنمية منطلقة ومن يتأخر عنها لا يجد له مكاناً في مقاعدها.