تقول الأخبار إنّ الهيئة العامة للغذاء والدواء تحذِّر من مستحضر كذا؛ بعد أن تم تحليله وأنها وجدت فيه مادة كذا المضرّة بالصحة؛ وعلى المواطنين عدم استعمال هذا المستحضر لضرره !.

وخبر آخر يقول إنّ وزارة الصحة تحذِّر من دواء كذا لأنه يسبب كذا؛ بعد أن ثبت مخبرياً لدى الوزارة ضرره على الجلد أو العينين أو على كذا وكذا.

مثل هذه التحذيرات نقرأها دائماً؛ وتنتشر بواسطة أجهزة الاتصالات؛ ونهزّ رؤوسنا لأنّ التحذير جاء بعد انتشار الدواء أو المستحضر في كل الصيدليات والمستودعات وحتى البقالات الصغيرة؛ وبعد أن استعمله كثير من الناس؛ وكأنّ الإدارة المسئولة عنه في وزارة الصحة أو غيرها من جهات الاختصاص عن صحة وسلامة المواطن « طبعاً لا يمكن أن يدخل للأسواق إلاّ بعد الموافقة منهم» ؛ لا تنتبه إلاّ بعد أن يتاجر به الموّرد ويكسب أضعافاً مضاعفة؛ لأنّ سعر الدواء عندنا عشرة أضعافه عند غيرنا!!!

أين الهيئة العامة للدواء؛ إنْ كانت مسئولة عن معاينة الدواء أو المستحضر؛ أين هي قبل أن يدخل الأسواق؟ ثم ما عذرها بعد أن تعلن؟ هل تقول دخل السوق دون علمي؟ أم تقول كنا نحلله فتم تهريبه من المستودعات للأسواق دون علمنا؟

ثم من جهة أخرى أين وزارة الصحة من مخاطر وأضرار تلك الأدوية التي يحذِّرون هم عنها بعد أن تنتشر؟ ونفس الأسئلة أعلاه توجَّه لهم؛ فما عذرهم؟ وهل هناك جهة إذا ما قرأت الإعلان تتابع المسألة وتحقق وتدقّق في كيفية دخوله السوق إنْ لم تجز الوزارة دخوله؟ أم أنهم حلّلوه ووجدوه صالحاً ثم حلّلوه بتمعُّن ووجدوه غير ذلك؟ إذن من المسئول عن ازدواجية المعايير لديهم؟ أم أنّ هناك تلاعباً لم يكتشفوه إلاّ متأخرين وستروه؟

أسئلة مؤلمة وموجعة لصاحب العقل والحريص على وطنه ومواطنيه؛ وهل يعقل أن يهرّب دواء ويدخل ويباع دون معرفة الجهة المسئولة « أظنها وزارة الصحة»، وأين مراقبو الصحة أو مفتّشوها؛ سمّوهم ما شئتم؛ أين هم عن تلك التي تباع أمام أعينهم؟ أليسوا عارفين ومدركين أنّ مثل هذا الدواء مضر؟ فلماذا يسكتون كل هذه المدة ثم يفاجئون المواطن بأنّ ما ابتلعته للعلاج هو خطير عليك؟ ولو لا قدّر الله أصيب إنسان بمرض نتيجة استعمال الدواء الذي ثبت ضرره فمن يحاكم هذا المواطن؟ هل يحاكم وزارة الصحة أم هيئة الغذاء والدواء؟ أو أنّ حالته بينهم ستضيع كما يضيع دم من تمالأ عليه مجهولون؟

ألا يوجد محاسب صارم مخلص ليمنع هذا التلاعب بصحة وحياة المواطن؟