|
التفت التلميذ إلى الفيلسوف وقال له: دعنا نلهو قليلاً مع الرجل ونسخر منه بأن نخدعه ونخبئ الحذاء، ثم نخفي أنفسنا خلف الشجيرات وننتظر لنرى مدى حيرته عندما لا يستطيع إيجاد الحذاء.
يا صديقي الصغير - أجاب الفيلسوف - لا يجب أن نسلِّي أنفسنا أبداً على حساب الفقراء. وبدلاً من هذا فأنت تلميذ غني، ويمكن أن تعطي نفسك متعة أكثر من خلال هذا الرجل الفقير، هيا ضع عملة معدنية (ذهبية) في كل من فردتي الحذاء، ثم فلنختبئ ونراقب كيف سيؤثر ذلك عليه، ونفّذ التلميذ ما أمره به الفيلسوف فوضع عملة ذهبية في كل من فردتي الحذاء، ثم ذهبا حيث وضعا نفسيهما خلف الشجيرات القريبة بحيث لا يراهما العامل عند قدومه، وطفقا يرقبان الموقف، حيث سرعان ما انتهى الرجل الفقير من عمله، وعاد عبر الحقول إلى حيث ترك فردتي حذائه ومعطفه، وبينما كان الرجل الفقير يضع عليه معطفه دفع بإحدى قدميه إلى داخل فردة الحذاء الأولى، وعندما أحس بشيء صلب بداخله، توقف، وانحنى لينظر ماذا يمكن أن يوجد بداخل فردة الحذاء. وعندها، وجد العملة الذهبية. بدا الاندهاش والتعجُّب على سمات وجهه، وحملق في العملة، ثم أدارها في يده، وأعاد النظر إليها مرات ومرات وأخيراً، التفت حوله ها هنا أو هناك، ولكن لم يكن أحد ظاهراً أمامه. ومن ثم، فقد وضع العملة في جيبه، ثم واصل ارتداء الفردة الثانية من الحذاء. وفي هذه المرة كان شعوره بالاندهاش والمباغتة بوجود العملة الثانية مزدوجاً.. ركع على ركبتيه، ونظر إلى السماء وابتهل بصوت عالٍ معبراً عن شكره الجزيل لرب العالمين الذي يعلم وحده مدى مرض زوجته التي لم يكن لها من يعينها أو يساعدها، وبأحوال أطفاله الذين تركهم بلا خبز، وأخذ صوته يرتفع بالشكر لله الذي أرسل له هذه النقود من حيث لا يعلم، وكيف أنها ستعاونه على إنقاذه وأسرته من لذعة البرد القارس.
أثَّر كثيراً في التلميذ الواقف غير بعيد خلف الشجيرات، حتى أنّ عينيه قد اغرورقتا بالدموع. والآن - قال الأستاذ لتلميذه - ألا تشعر بغبطة أكثر مما كنت ستشعر به إذا سخرت من هذا الرجل كما كنت تنتوى؟
أجاب التلميذ الشاب: «لقد علّمتني درساً لن أنساه ما حييت، لقد أحسست الآن بصدق الكلمات التي لم أفهمها أبداً من قبل «إنه لأكثر بهجة أن تعطي من أن تأخذ».