الجسد لا يتغذى على طعام واحد..
الذهن لا يتفرع من كتاب يتيم..
الشخصية لا تُصقل بعد تجربة بعينها..
الأشياء، كل الأشياء لا تُعجن من شيء واحد، أبداً!!
إذاً كيف نخلع جلباب «الحل» عن بعض الفنون البصرية.. السمعية.. الحسية.. ونلبسها جلباب «الحرمة» في حين نلبس جلباب الحِلّ لـ «موروث»!!
بالنسبة للفنون البصرية / الحسية، المستعارة اللون الذي هو صفة وهيئة في آن، «علمياً»: اللون عبارة عن طاقة مشعة لها طول موجي معين، تقوم المستقبلات الضوئية في شبكة العين بترجمتها إلى ألوان؛ حيث تحتوى الشبكة على ثلاثة ألوان هي: الأخضر والأحمر والأزرق، وبقية الألوان تتكون من مزج هذه الألوان الثلاثة، وعندما تدخل طاقة الضوء إلى الجسم فإنها تنبّه الغدة النخامية والجسم الصنوبري، مما يؤدى إلى إفراز هرمونات معينة، تحدث مجموعة من العمليات الفسيولوجية، وبالتالي تسيطر مباشرة على تفكيرنا ومزاجنا وسلوكنا وتأثر فينا تأثيراً كلياً.
اللون الأخضر: توصل العلماء إلى أن اللون الذي يبعث السرور والبهجة وحب الحياة هو اللون الأخضر.
في القرآن: هو لون أهل الجنة: {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} (76) سورة الرحمن
{عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} (21) سورة الإنسان
اللون الأزرق: يقترب اللون الأزرق في معانيه من اللون الأسود في الثقافة العربية، ذلك أنه لون كريه، لأنه لون الموت والمرض والكآبة والحزن.
في القرآن: {يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً} طه102
قول بشار بن برد:
وللبخيل علل على أمواله
زرق الوجوه عليها أوجه سود
اللون الأحمر: لون العواطف والمشاعر والاندفاع، ولون الدم في الحرب والاقتتال
في القرآن: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} الرحمن 58، {فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ}الرحمن37
وعدة ألوان تحسسها القرآن مثل الأبيض والأصفر والأسود، خلاف ألوان شبكة العين، تحسس يعلن بأن لـ(اللون) جماليات متفردة فهل إذا صيّغت تلك الجماليات بصور متفرقة، أو جسدّت، وشبهت، ألبسناها جلباب «الحرمة» بحيث قيّدوا حدود الرسم.. وأشكاله.. وتعرجاته.. أو مرتفعاته ومنحدراته.. تحت بند «يجوز ولا يجوز»!!.
لـ(الألوان) دلالة ومعاني وتفسير أو تأويل اشتغل عليها علماء النفس في حين كنّا نشتغل على التخلف والـ(مكانك سر)!! وتولوا، بها مهمة العلاج، التقنية الصائبة لتخفيف الألم والاكتئاب.. كذلك أذكر أني قرأت واجتهدت في طلب كتاب (أسرار العلاج بالألوان) المؤلفان هاورد سنو، ودوروتي صن..
وعوداً على تقنية العلاج بالألوان: يستخدم المعالجون في أمريكا مدى واسعاً من الأساليب المتنوعة لمعالجة مرضاهم تشمل تغطيتهم بأوشحة ملونة أو تسليط أضواء ملونة على أجزاء مختلفة من أجسامهم أو عرض ألوان معينة عليهم أو تدليكهم بزيوت ملونة أو إضافة ملابس مختلفة الألوان لخزانة الثياب. ومع ذلك فان الإثبات العلمي الذي يدعم هذه النظريات ما يزال ضعيفا. (ضعفه عندهم!! فماذا عنه عندنا) ولكن بعض الدراسات أظهرت بعض النتائج المهمة ومنها دراسة أجريت عام 1982 في كلية التمريض بسان دييجو تم فيها تعريض 60 امرأة في متوسط العمر يعانين من التهاب المفاصل الروماتيزمي للون الأزرق مدة 15 دقيقة فشهدن تحسناً ملحوظاً في شدة الألم الذي خف بدرجة كبيرة عن ذي قبل.
وبينت دراسة أخرى أجريت عام 1990 تم فيها تسليط أضواء حمراء اللون على عيون مجموعة من المرضى يعانون من الصداع النصفي في بداية ظهور النوبة أن 93 في المائة منهم تعافوا جزئيا نتيجة هذا العلاج وأرجع المعالجون السبب في ذلك إلى أن اللون الأحمر يزيد ضغط الدم الشرياني ويوسع الأوعية الدموية.
وبما أن الفن التشكيلي فهناك علاج به أيضاً اهتم به هذا العام مهرجان (صيف أرامكو) في الظهران بأن خصص جناح يتم فيه فحص الأطفال «بالرسم» تحت إشراف الجمعية السعودية للعلاج بالفن التشكيلي «نشرت عنه جريدة الرياض تقريراً في 25 يوليو الحالي» ودعمت التقرير برابط موقع الجمعية على الويب:
www.saudiarttherapyassociation.com
الفكرة والعمل، عمل الجمعية بناء، لكن هل إذا جاء الطفل كي يرسم رسماً حراً من أجل معالجته، هل سنقيده في حدود الـ»الحِلّ» و الـ»حرمة»!!
bela.tardd@gmail.com -- -- p.o.Box: 10919 - dammam31443Twitter: @Hudafalmoajil