لقد تابعت باهتمام شديد كثيراً مما نشر في الإعلام المحلي خلال الأيام الماضية حول المقال الذي نشرته مجلة ساينس العلمية المشهورة في قسمها غير العلمي تحت عنوان «الجامعات السعودية تشتري المكانة العلمية» للكاتب الهندي الأصل YudhijitBhattacharhee. ولأنني ممن درسوا وتخرجوا وعملوا في جامعة الملك سعود معيداً وأستاذاً ورئيس قسم ورئيس مركز بحوث وعميداً، وأشعر بانتماء عميق لهذا الصرح العلمي الكبير، وقبل ذلك وبعده لشعوري بأن المقال لم يستهدف جامعة واحدة وإنما استهدف منظومة التعليم العالي في المملكة العربية السعودية كلها، فقد آلمني كثيراً ما نشرته مجلة ساينس وآلمني بشكل أكبر ما كتبه كثير من الكتاب السعوديين حول هذه المزاعم خاصة ما كتبه بعض المحسوبين على جامعة الملك سعود من أبنائها.
وأداء لواجب التبيّن فقد اتصلت بأخي معالي الدكتور خالد العنقري وزير التعليم العالي مستفسراً عن حقيقة ما تدعيه مجلة ساينس فطمأنني بأنه غير صحيح وأن المقال فيه تجنٍّ كثير وكبير وأن الوزارة لا يمكن أن تقبل أي تهاون في المسائل العلمية بأي شكل من الأشكال وأنه إذا وجدت أخطاء وهي توجد بلا شك فهي استثناءات وتعالج بشكل حازم، ولا علاقة لها على الإطلاق بما افتراه كاتب مقال مجلة ساينس. ثم اتصلت بأخي وزميلي العزيز معالي الدكتور عبدالله العثمان مدير جامعة الملك سعود وسألته عن موقف الجامعة مما نشر في المجلة، فأجابني بهدوء الواثقين بأنه لا أساس له على الإطلاق، وبعد حوار امتد لما يقرب من أربعين دقيقة على الهاتف بيّن لي خلاله حقائق كثيرة طلب مني زيارة الجامعة والالتقاء بوكيل الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي سعادة الدكتور علي الغامدي للاطلاع مباشرة على ما عند الجامعة من أدلة وبراهين تنقض كل ما ورد في المقال من مزاعم وافتراءات.
كان يوماً ملهماً لي، فقد عدت إلى ربوع لم أزرها منذ وقت طويل والتقيت بأحباب لم أر كثيراً منهم لسنوات، ومشيت في ردهات طالما مشيت فيها لمّا كان الشباب في عنفوانه، ولست أدري إن كان من حولي سمعوا ترديدي لقول أبي الطيب:
نقِّل فؤادك حيث شئت من الهوى
ما الحب إلا للحبيب الأول
كم منزل في الأرض يعشقه الفتى
وحنينه أبداً لأول منزل
كان لقائي بالدكتور علي الغامدي رحلة علمية ممتعة، أطلعني خلاله على أشياء كثيرة تجاوزت ما جئت من أجله. سألته دون مجاملة عن كل ما جئت للاستقصاء عنه فأجابني بوضوح وشفافية لا تردد فيهما، ثم أكرمني بترتيب زيارة إلى معهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتقنية النانو ومعامل مشروع سيارة غزال فرأيت ولله الحمد ما يسر المحبين ويغيظ الأعداء. كان أجمل ما في اللقاء وفي الزيارة تأكدي بشكل قطعي ومباشر من أن جامعتي التي أحب والتي أغار عليها لم تقع فيما اتهمها به كاتب مجلة ساينس، وأنها ظلمت إلى جانب جامعات المملكة ووزارة التعليم العالي ظلماً شنيعاً من المجلة وكل من انساقوا وراء افتراءاتها، وأنها بقيادتها الطموحة سواء أكان ذلك على مستوى وزير التعليم العالي وإدارة الجامعة العليا أم على مستوى كلياتها المختلفة، جامعة صاحبة رؤية وأن لديها مشروعاً حضارياً يتخطى حدود أسوارها بكثير ليعانق آمال الغيورين على المملكة وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله.
لقد كذب الكاتب في مجلة ساينس على وزارة التعليم العالي وعلى جامعات المملكة وبخاصة جامعة الملك سعود، ودلس فيما نقله عمن اتصل بهم من الباحثين المتعاونين مع الجامعات السعودية حيناً بالاجتزاء وحينا بالإخفاء، وكذب على أخي وصديقي سعادة الدكتور عبدالقادر الحيدر، وتجرّد قبل ذلك وبعده من الحد الأدنى من أخلاقيات البحث العلمي ومبادئه ومن أعراف العمل الإعلامي. ويصعب علي أن أتصور أن كاتباً ينتمي إلى واحدة من أهم مجلتين علميتين في العالم لا يعلم ولا يدرك أن من أبجديات المنهج العلمي استقاء المعلومات من مصادرها الأولية. ويصعب علي تصور أي مبرر مقبول لعدم اتصال الكاتب في مجلة ساينس بوزارة التعليم العالي أو بأي من ممثليها الكثر في العالم أو بالحائزين على جائزة نوبل الذين تعاونوا مع جامعة الملك عبدالعزيز وهم كثر كذلك،كما يصعب عليَّ تصور أي مبرر معقول لعدم اتصاله بجامعة الملك سعود ولا أقول ليأخذ منها المعلومات ابتداء، وهو الواجب، وإنما ليسألها عن موقفها مما أورده من مزاعم، أو عد اتصاله بجامعة الملك فهد للغرض نفسه، وهل يجهل الكاتب في مجلة ساينس أن من أبسط أخلاقيات العمل الإعلامي أن تستقى المعلومة والخبر من مصدرهما الأصلي؟ وهل يجهل أن من أوجب واجبات أي تقرير إعلامي أن تعرض فيه جميع وجهات النظر بعدل وإنصاف؟ وأي مسوغ يمكن أن يقبل لعدم اتصال هذا الكاتب بجامعة الملك سعود وجامعة الملك فهد ووزارة التعليم العالي والوصول لأي من هذه الهيئات الكبيرة لا يحتاج لأي عناء على الإطلاق!، وأما ما ذكره الكاتب من أن: «المسؤولين في جامعة الملك عبدالعزيز لم يستجيبوا لطلب مجلة ساينس لإجراء مقابلة» فلا أظنه إلا كذباً من كذبه القبيح، فهو لم يبيّن لنا من هم المسؤولون الذين اتصل بهم، ولا متى وكيف كان الاتصال بهم؟ وقد اطلعت على بيان لوكيل جامعة الملك عبدالعزيز ينفي فيه تلقي أي اتصال من مجلة ساينس. وإذا كان لدى هذا الكاتب الذي ينتمي لواحدة من أشهر المجلات العلمية في العالم الوقت والحرص لكي يتصل بمسؤولين وليس مسؤولاً واحداً في جامعة الملك عبدالعزيز كما زعم، فما الذي منعه من أن يتصل بمسؤول واحد أو شبه مسؤول في وزارة التعليم العالي أو في جامعة الملك سعود أو في جامعة الملك فهد؟ إنها المحاولة البائسة والمفضوحة للإيحاء بالالتزام بالمنهجية العلمية والعرف الإعلامي وما أتفهها وأحقرها من محاولة.
لقد كذب الكاتب في مجلة ساينس دون أدنى حياء على أخي الدكتور عبدالقادر الحيدر فقوّله ما لم يقل، وقد فضح الدكتور عبدالقادر افتراءات هذا الأفاك بما نقلته عنه صحيفة الوطن بتاريخ 10-11-2011م حيث نفى جملة وتفصيلاً كل الافتراءات التي نسبها إليه. وقد افترى هذا الأفاك فوضع عنوان مقالته: «الجامعات السعودية تشتري المكانة الأكاديمية» دون أن يقدم دليلاً واحداً يعتد به على الإطلاق سوى ما حرَّفه من أقوال واحد من الأساتذة المتعاونين مع قسم الفلك في جامعة الملك عبدالعزيز. ولو كان هذا الأفاك ممن يحترمون الكلمة والعلم والعلماء لما سمح لنفسه بأن يصف واحداً وستين عالماً من أشهر العلماء والباحثين في العالم في مجالاتهم ومن العاملين في أعرق الجامعات العالمية بأنهم رقيق اشترتهم واشترت ضمائرهم جامعة الملك عبدالعزيز بأثمان بخسة لا تتجاوز سبعين ألف دولار للعالم؟ وهل يعقل أن هذا الحشد من العلماء الكبار وأمثالهم من الذين تعاونت معهم جامعات المملكة وكثير منهم ممن حازوا على جوائز نوبل في تخصصاتهم قد بلغوا جميعاً من الخسة والدناءة درجة تجعلهم يبيعون ضمائرهم ويقبلون أن يباعوا ويشتروا وأن يكونوا طرفاً في عملية تزييف علمي من أدنى وأسوأ أصناف التزييف؟ إن هذا المعيار وحده كاف لإظهار مدى فساد افتراءات هذا الأفاك وقبحها، بل وفساد منهجه من أساسه.
وقبل أن أفند بالتفصيل إفك هذا الأفاك أود أن أشير إلى أن هناك مرجعيات كثيرة لتصنيف الجامعات في العالم من أهمها التصنيف الأكاديمي لجامعات العالم (المعروف بتصنيف جامعة شانغهاي) الذي بدأ في عام 2003م، وهو تصنيف يعتمد على أربعة معايير رئيسة هي جودة التعليم ولها نسبة (10%)، وجودة هيئة التدريس ولها نسبة (40%)، ومخرجات البحث ولها نسبة (40)، وحجم المؤسسة وله (10%)، وتصنيف كيو إس QS الذي تعده مؤسسة Quacquarelli Symonds والذي بدأ عام 2004م ويعتمد على قياس السمعة العلمية للمؤسسة من خلال استطلاع رأي ما يقرب من أربعة وثلاثين ألف عالم وأستاذ جامعي بنسبة (40%)، وما يقرب من سبعة عشر ألف جهة موظفة بنسبة (10%)، إلى جانب النشر العلمي (20%) ونسبة الأساتذة إلى الطلاب (20%) ونسبة أعضاء هيئة التدريس الأجانب في كل جامعة (5%) ونسبة الطلاب الأجانب (5%)، وتصنيف ويبومتركسWebometrics الذي يعده معمل Ceybermetrics التابع للمجلس القومي للبحوث الإسباني والذي بدأ عام 2004م والذي يعتمد على تحليل وتقويم البوابات الإلكترونية للجامعات من حيث حجمها وحضورها وعدد الزائرين لها والمطلعين عليها. وهذه التصنيفات هي التي أدرجت جامعات المملكة خلال السنوات الثلاث الماضية.
لقد شوّه كاتب مجلة ساينس حقيقة العقود التي توقعها الجامعات السعودية مع الأساتذة العالميين غير المتفرغين وأظهرها وكأنها لا تنص إلا على مطالبة الأستاذ الأجنبي بإلحاق اسم الجامعة السعودية بما ينتجه من بحوث لغرض رفع درجة تصنيف الجامعات السعودية في التصنيفات الدولية فقط، معتمداً في ذلك على رواية يزعم أن أحد الأساتذة في جامعة هارفارد رواها له عن رسالة إلكترونية تلقاها ذلك الأستاذ من أستاذ جامعة الملك عبدالعزيز. ولو كان لدى هذا الأفاك حد أدنى من الأمانة العلمية لبنى موقفه على ما تضمنته العقود نفسها وما أكده من اتصل بهم من العلماء من أن تعاونهم يشمل المشاركة الفعلية في إجراء البحوث مع نظرائهم السعوديين وإلقاء المحاضرات والمشاركة في الإشراف على البحوث العلمية وغير ذلك من النشاطات العلمية التي نصت عليها العقود. ولو كان عند هذا الأفاك حد أدنى من الموضوعية لما التفت إلى رسالة إلكترونية لا ندري إن كان لها أصل أم لا، ولاعتمد على الحقائق التي أفصح عنها بعض العلماء الذين أورد أقوالهم (وأقول: شهاداتهم) في مقاله. ألم يقل له البروفيسور ري كارل بيرج أستاذ الفلك بجامعة تورنتو الكندية إنه أصبح على قناعة بأن جامعة الملك عبدالعزيز كانت جادة في الاستفادة من خبرته من إجراء البحوث، أولم يوضح له الدكتور سرندرجيان أستاذ الرياضيات في جامعة أوهايو ومستشار جامعة الملك عبدالعزيز أن العلماء الذين تتعاون معهم الجامعة لن يأخذوا المال بلا عمل، وأن على كل منهم أن يزور الجامعة لأربعة أسابيع في السنة لتدريس برامج مكثفة، وأن عليهم أن يشرفوا على الرسائل ويساعدوا الأساتذة الدائمين في جامعة الملك عبدالعزيز في تنقيح المقترحات البحثية؟ أولم يقل له البروفيسور جيري جلمور الأستاذ في جامعة كمبردج بالمملكة المتحدة: «إن ما تفعله جامعة الملك عبدالعزيز لا يختلف عما تفعله جامعة هارفارد من حيث المبدأ». فبأي حق وعلى أي أساس يعرض هذا الأفاك عن كل هذه الشهادات ويطلق اتهاماته الجائرة التي لا أساس لها على الإطلاق؟ وأي منهج علمي أو شبه علمي يعطيه هذا الحق؟ وهل يجهل هذا الأفاك أن البروفيسور تون بيسلينج Ton Bisseling عضو هيئة التحرير بمجلة ساينس التي ينتمي إليها الكاتب ونشر مقاله فيها وهو نفسه من ضمن الأساتذة الذين شاركوا في برنامج زمالة عالم في جامعة الملك سعود؟ وهل يجرؤ هذا الأفاك أن يتهم البوفيسورBisseling بأنه من ضمن من باعا ضمائرهم واشترتهم جامعة الملك سعود لترتقي بهم سلم التصنيفات العالمية؟
لقد كذب ودلس هذا الأفاك عندما استشهد بالدكتور محمد القنيبط والدكتور عبدالقادر الحيدر فاستكثر على أستاذ من أساتذة الجامعة هو الدكتور خالد الرشيد نشر 49 بحثاً في عام واحد، ولو قام هذا الأفاك بواجبه المهني لعلم أن أساتذة كثر في جامعات العالم ينشرون في العام الواحد أكثر مما نشر وينشر الدكتور خالد وزملاؤه في جامعات المملكة. فعلى سبيل المثال في عام 2010م نشر الدكتور هـ. كيم H Kim من معهد ماساتشوتس للتكنولوجيا 85 بحثاً، ونشر الدكتور تي واي وونج TY Wong من جامعة سنغافورة الوطنية 71 بحثاً، ونشر الدكتور ك ت خو KT Khaw من جامعة أكسفورد 67 بحثاً، ونشر الدكتور ت تاناكاT Tanaka من جامعة ستانفورد 67 بحثاً، ونشر الدكتور ج كيم J Kim من المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتقنية 79 بحثاً. وهناك آلاف آخرون من أمثال هؤلاء من السهل التعرف عليهم من خلال البحث في قواعد المعلومات المعنية بالبحوث العلمية المنشورة. فأين وجه الاستغراب إذا نشر الدكتور خالد الرشيد 49 بحثاً في سنة واحدة؟
بل لقد كذب هذا الأفاك حين زعم أن جامعة الملك سعود تشترط على الأساتذة الأجانب المشاركين في برنامج الزمالة ما ادعى أن جامعة الملك عبدالعزيز تشترطه (أي مطالبة الأستاذ الأجنبي بإلحاق اسم الجامعة السعودية بما ينتجه من بحوث لغرض رفع درجة تصنيف الجامعات السعودية في التصنيفات الدولية)، وهو افتراء فاضح لا أصل له على الإطلاق فليس في عقود جامعة الملك سعود مع الأساتذة العالميين المتعاونين معها أي اشتراط من هذا القبيل على الإطلاق، وهذا أمر تأكدت منه من خلال اطلاعي مباشرة على نماذج من العقود. وقد كذب وافترى هذا الدجال على جامعة الملك سعود حين زعم زوراً وبهتاناً أنها (أي الجامعة) «ارتفعت مئات المراتب في التصنيفات الدولية في السنوات الأربع الماضية من خلال مبادرات كانت تستهدف خصيصاً إرفاق اسم جامعة الملك سعود بالمنشورات البحثية، بغض النظر عما إذا كان العمل تضمن أي تعاون ذي معنى مع باحثي الجامعة». فإلى جانب أن العقود نفسها تكذّب هذه الفرية الشنيعة حيث إن البند الرابع من كل عقد والذي يحدد مسؤوليات الأستاذ الزائر يورد ما نصه: «يوافق الأستاذ على إجراء بحوث في جامعة الملك سعود وألا يقدم تقرير إنجازاته إلا بعد إنتاج مخرجات بحثية حقيقية مشتركة»، بل إنه ينص على أن على الأستاذ الزائر أن يقدم محاضرات في الجامعة وأن يشرف على بحوث طلاب في الدراسات العليا إلى غير ذلك من الأعمال الأكاديمية المتعارف عليها في مثل هذه الحالات، إلى جانب كل ذلك فإن حقائق الواقع تكذب كل ما افتراه هذا الدجال ومن تلك الحقائق: (1) احتلت الجامعة المرتبة 101 عالمياً في مجال الآداب والعلوم الإنسانية في تصنيف QS وهي لم توقع أي عقد مع أي أستاذ عالمي على الإطلاق في كليات الآداب والعلوم الإنسانية وتخصصات العلوم الاجتماعية. (2) احتلت الجامعة المرتبة 184 عالمياً في التصنيف الإسباني (ويبوماتركس) وهو تصنيف لا يعتمد بشكل مؤثر على حجم النشر العلمي كما بيّنت من قبل حيث إن نسبة النشر من مجمل التقويم في هذا التصنيف لا تتجاوز (20%). (3) صنفت الجامعة قي عام 2009م ضمن أفضل 500 جامعة في العالم في تصنيف جامعة شانغهاي وبالتحديد في المرتبة (402) قبل البدء في تنفيذ برامج زمالة عالم وحين كان مجمل بحوثها في ISI لا يتجاوز 543 بحثاً. (4) إن مجموع ما نشر من بحوث برنامج زمالة عالم في جامعة الملك سعود خلال السنوات الثلاث الماضية لم يتجاوز 169 بحثاً، فحين أن مجموع ما نشر من بحوث الجامعة تجاوز 3543 بحثاً، وبناء على ذلك فإن نسبة بحوث زمالة عالم أقل من نصف في المئة من مجموع البحوث، فأي تأثير يمكن أن ينسب إلى ما نسبته أقل من نصف في المئة؟. (5) إن 37% من الأساتذة الزائرين في جامعة الملك سعود لم ينشر أي بحث على الإطلاق لصالح الجامعة. (6) إن جميع العلماء الذين استعانت بهم الجامعة سواء من الحاصلين على جائزة نوبل أو جائزة فيلدز لا تستفيد منهم الجامعة في التصنيف، لأن الجائزتين لا تحسبان في التصنيف إلا إذا كان الحاصل عليهما إما متخرجاً في الجامعة نفسها أو يعمل فيها بشكل كامل. (7) تضاعف تسجيل براءات الاختراع باسم جامعة الملك سعود ثمان مرّات في مكاتب براءات الاختراع الأمريكي والأوروبي والياباني ومدينة الملك عبدالعزيز ليصل في عامي 2010م و2011 م إلى 261 براءة اختراع، أكثر من خمسين في المئة منها مسجل في مكتب براءات الاختراع الأمريكي، وهناك أكثر من 600 نموذج إفصاح عن اختراع لمنسوبي الجامعة في المكاتب الإقليمية والعالمية المختلفة، وكل هذه الاختراعات لا علاقة على الإطلاق ولا بأي شكل من الأشكال بالأساتذة المشاركين ببرنامج زمالة عالم.
فما الذي أعمى بصيرة وبصر هذا الدجال عن رؤية كل هذه الحقائق؟ وكيف تقبل مجلة علمية رصينة مثل مجلة ساينس أن يلطخ سمعتها مثل هذا المفتري الذي تجرد من كل معيار علمي ومهني.
إن مما لا جدال فيه أن التعليم العالي في المملكة العربية السعودية شهد نهضة شاملة في السنوات القليلة الماضية، وإن جامعة الملك سعود على وجه الخصوص قد خطت خطوات مذهلة في جميع الميادين. وإن محاولة تشويه هذه الإنجازات الكبيرة باتهام الوزارة أو الجامعات بأنها اشترت ضمائر من تعاونت معهم من الأساتذة العالميين، إلى جانب ما تنبئ عنه من سفاهة وجهل فإنها لا تخلو من تعمّد للإساءة والرغبة في التثبيط وفلّ العزائم. وإن أي تحليل موضوعي ومنصف لما أنجزه التعليم العالي في المملكة العربية السعودية بوجه عام وما أنجزته جامعة الملك سعود على وجه الخصوص في السنوات الماضية سيبيّن بوضوح وجلاء أن الإنجازات لم تأت من فراغ وإنما كانت نتيجة رؤية مستنيرة وجهود لا تكل ومعطيات موضوعية. وإذا نظرنا إلى جامعة الملك سعود على سبيل المثال فإن من أهم المتغيرات التي أدت إلى القفزات المتتابعة في أدائها البحثي ما يلي:
أولاً: تولي فريق جديد من القيادات الشابة المخلصة والطموحة إدارة الجامعة ممن يملكون الرؤية ويحملون الهم الوطني وقبل ذلك وبعده من المؤهلين تأهيلاً عالياً.
ثانياً: إطلاق الفريق الجديد في عام 1428هـ رؤية طموحة شاملة تحت عنوان :»الريادة العالمية والتميّز في بناء مجتمع المعرفة» واختيار 10 جامعات عالمية لتكون جامعات مرجعية للجامعة منها جامعات هارفارد وأكسفورد وكيمبردج وسنغافورة الوطنية، والبدء في وضع إستراتيجية شاملة وعالية الأهداف للجامعة بدأت تؤتي ثمارها وقد كان من أهم أهدافها تشجيع البحث العلمي وزيادة النشر في المجلات العلمية العالمية المرموقة.
ثالثاً: إقرار الخطة الوطنية للعلوم والتقنية بالجامعات بإشراف لجنة عليا من الجامعات وبرئاسة مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وبميزانية قدرها 8 مليارات ريال بدأ تنفيذها منذ ما يقرب من ثلاث سنوات.
رابعاً: الوفرة المالية الكبيرة التي شهدتها المملكة خلال السنوات القليلة الماضية والتي أتاحت إمكانات كبيرة لتطوير البنية التحتية للبحث العلمي وتجهيز المعامل وتمويل مراكز البحوث ودعم التفرغ العلمي لأعضاء هيئة التدريس وانتدابهم للمشاركة في الندوات والمؤتمرات العلمية.
خامساً: إبرام 103 اتفاقية توأمة علمية عالمية بين الجامعة وأهم وأكبر الجامعات ومراكز البحوث في العالم من ضمنها إنشاء أربعة مختبرات بحثية عن بعد في الولايات المتحدة الأمريكية.
سادساً: إنشاء 130 كرسي بحث في مختلف التخصصات العلمية.
سابعاً: استقطاب 700 عضو هيئة تدريس و350 باحثاً و470 طالب دراسات عليا إلى الجامعة.
ثامناً: إقرار منظومة من الحوافز لتشجيع البحث العلمي والنشر منها منح التفرغ العلمي لمن ينشر ثلاث دراسات على الأقل في المجلات العلمية المدرجة في ISI، وتقديم مكافآت مالية للتميز البحثي وجودة النشر، وتكريم الكليات والأقسام والباحثين الأكثر نشاطاً في النشر العلمي، واشتراط النشر في المجلات العلمية المصنعة للحصول على منح البحوث، والاشتراط على المتقدمين للترقيات العلمية من أعضاء هيئة التدريس بنشر نسبة من بحوثهم في المجلات العلمية المصنفة خاصة المدرجة في قوائم ISI.
إن هذه المعطيات ومثيلاتها الكثيرة والتي لا يتسع المقام لسردها هي التي أدت بعد توفيق الله عزّ وجلّ إلى ما شهدناه من تحولات مذهلة في جامعة الملك سعود، وهي التي تقف بعد توفيق الله عزّ وجلّ وراء ما حققته من إنجازات رفعت بها هامة الوطن وجددت لدينا الثقة بصروحنا العلمية. ولن يستطيع كاتب مدلس أن ينال من هذه الإنجازات حتى وإن كان من كتاب مجلة عريقة مثل مجلة ساينس.
إنني لا أعتب على هذا الكاتب الذي تخرج بدرجة بكالوريوس في الهندسة الكيميائية من بلده الهند ثم فشل في مواصلة دراساته العليا في مجال تخصصه في الولايات المتحدة الأمريكية فاتجه إلى الإعلام، فما أكثر من تتكون لديهم العقد النفسية بسبب الفشل فيصبحون كارهين وحاقدين على كل نجاح، ولكنني أعتب كل العتب على أساتذة أكاديميين من أبناء الوطن، بل من المنتمين إلى جامعة الملك سعود ومن المحسوبين عليها كيف ينساقون وراء افتراءات هذا المتجرد من كل مهنية وموضوعية، وكيف لم يروا ما في مقاله من غياب كامل للموضوعية والمنهجية العلمية ومن تجن مفضوح يدركه المبتدئون من طلبة العلم.
إن أحداً لا يزعم أن جامعة الملك سعود قد اقتربت من حد الكمال ولا أنها لا تقع في الأخطاء، بل إن الأخطاء موجودة وستستمر فلا عمل ولا إنجاز دون أخطاء، ولكن جميع أخطاء الجامعة تختفي في محيط نجاحاتها وإنجازاتها، وأقول غير متردد إن ما أنجزته وزارة التعليم العالي خلال السنوات الماضية مدعاة لفخرنا جميعاً، وإن ما حققته جامعة الملك سعود خلال سنوات قليلة تاج على رؤوسنا نباهي به الأمم الأخرى، وإن من أوجب واجباتنا أن نقول للمحسن أحسنت مثلما يجب أن نقول للمسيء أسأت.
إن على وزارة التعليم العالي وجميع جامعات المملكة خاصة من ورد ذكرها في مقال مجلة ساينس أن توجه احتجاجات رسمية شديدة اللهجة إلى إدارة مجلة ساينس وأن تطالبها بالاعتذار العلني عما تضمنه مقالها من إساءات لوزارة التعليم العالي وللجامعات السعودية. وإنني على يقين من أن المقال وما أحدثه من ردات فعل سيدفعنا في المملكة أولاً، وسيدفع المهتمين في العالم ثانياً، إلى التعرف على حقيقة الإنجازات التي حققتها وزارة التعليم العالي وجامعات المملكة بوجه عام، وجامعة الملك سعود على وجه الخصوص، وأن نحيي ونشكر إخواننا وأخواتنا الذين ضحوا من أجل وطنهم وقدموا الكثير ليصل التعليم العالي في وطننا إلى ما وصل إليه، ورحم الله أبا تمام القائل:
وإذا أراد الله نشر فضيلة
طويت أتاح لها لسان حسود