في خضم الأحداث المتلاحقة والتي يشهدها عالمنا العربي.. والتغيُّرات السياسية العاصفة التي عاشها، ولاتزال تعصف بمستقبل هذه الدول.. فيما اصطلح عليه بالربيع العربي.. أما في هذه المنطقة، وأعني بها خليجنا العربي، فنعيش - والله الحمد - ربيعاً خليجياً داخلياً مزدهراً، بفضل الله عزّ وجلّ ثم بفضل حكمة قادته والسياسات المتعقلّة التي ينتهجونها في مواجهة التحديات والصعوبات التي تشهدها المنطقة وخصوصاً في الآونة الأخيرة.
وهنا الحديث يدور عن ما انتهت إليه اجتماعات الدورة الثانية والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي، والمفاجأة السارة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين، والتي أعلن عنها في دعوته إلى الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وهي الدعوة التي تبنّاها المجلس في بيانه الختامي عبر تأسيس هيئة مشتركة لتقديم الدراسات اللازمة والكفيلة بتطبيق هذه المبادرة ونقلها إلى أرض الواقع.
وإنّ المتأمّل لهذه المبادرة الكريمة، يعي جيداً أنها جاءت لصد أي محاولات لأطراف إقليمية للتدخُّل في الشئون الداخلية لبعض دول الخليج. كما أنها جاءت إيماناً منه - حفظه الله - لدور التكتلات الدولية التي يشهدها العالم. والخليج العربي بدوله الست والتي أضحت قوة اقتصادية مؤثرة في العالم أجمع وذات ثقل سياسي عربي في هذا الوقت العاصف، وهي لاعب سياسي في المنطقة، ولعلّ قدرتها المذهلة على حل الأزمة اليمنية من خلال المبادرة الخليجية، وكذالك نجاحها الباهر في المحافظة على استقرار دولة البحرين الشقيقة، لدليل واضح على هذه الأهمية والقدرة، كما أنها تعكس وبصدق رغبة وطموح أبناء الخليج في تحقيق هدف الوحدة الذي كان أملاً وحلماً يدغدغ المشاعر طيلة ثلاثة عقود، وهي وحدة خير ونماء جاءت من رجل حكيم ناصح لدينه وأمته، وفي توقيت صحيح واتجاه سليم، ولا يسع القول لأي مراقب لهذا الموقف التاريخي سواء من أبناء الوطن الخليجي الواحد أو من خارجه، إلاّ أن يقف احتراماً لهذا القائد العربي الفذ ذي المواقف المشرفة، والتي جعلته رجل المبادرات على مستوى وطنه ومحيطه العربي والأممي، ولعلّ ما يؤيد هذا القول هو التقبُّل السريع لهذه المبادرة من قِبل إخوته القادة، والترحاب الشعبي لكافة مواطني دول المجلس بكافة مستوياتهم وأطيافهم، وهذا يحمل دلالات شبه استفتائية تؤشر بكل وضوح إلى التقبُّل الشعبي لها، وإنها أضحت ضرورة لازمة للسير بالسفينة الخليجية في بحر متلاطم الأمواج والوصول بها إلى شواطئ الأمان، وهذا يحتاج إلى ربّان ماهر يحظى بالثقة والاحترام من الجميع يسلم له الكل زمام الأمر بكل حب واحترام، وهذا ما نجده في خادم الحرمين الشريفين .. فشكراً لك من الأعماق.