|
تحقيق- ياسر المعارك
يُعد التخلص من النفايات الطبية أحد أهم الملفات التي تشغل بال المؤسسات الحكومية المعنية بالصحة وحماية البيئة في مختلف دول العالم لما يترتب عليها من أضرار بيئة وصحية ومع تطور الخدمات الصحية والتقدم الكبير في الأجهزة الطبية التقنية والأدوية الصيدلانية أصبحت النفايات الطبية محور اهتمام كبير حيال آلية التخلص منها بالطرق المناسبة الآمنة.. وفي ظل ازدياد أعداد المستشفيات بالمملكة التي تربو عن 415 مستشفى موزعة على مختلف مناطق المملكة يزداد معها الصعوبات التي تواجه المعنيين بالتخلص منها.. (الجزيرة) قامت بتحقيق عن النفايات الطبية بالمملكة التي تزيد عن 29 طناً سنوياً حيث تم اعتماد مبلغ سبعين مليون ريال كمخصص سنوي للتخلص من النفايات الطبية إلا أن التحديات تزداد صعوبة مع ندرة العاملين المتخصصين بالتخلص من النفايات الطبية ومحدودية الشركات المتعاقد معها للتخلص من النفايات الطبية كذلك قلة الميزانيات المالية ومع هذه التحديات يتضح لنا حجم المشكلة مع ما تم رصده من الجهات الرقابية من مخالفات متنوعة وما صاحبها من غرامات وجزاءات إلا أن الخطر الكبير لهذه النفايات دفعنا لبحث الموضوع من عدة زوايا مختلفة فإلى نص التحقيق:
***
تغريم 11 مستشفى لإخلالها بنظام ادارة النفايات:
أصدرت لجنة مخالفات المؤسسات الصحية 11 قرارا يشمل عقوبات وغرامات على العديد من المخالفين على المنشآت الصحية الخاصة وفقاً لمواد وأحكام النظام الموحد لإدارة نفايات الرعاية الصحية بالدول الخليجية وقد تنوعت المخالفات ما بين عدم فصل حاويات لنفايات الأدوية الحادة، عدم وجود جهاز الأوتوكلاف، عدم استخدام ملصقات تعريفية كذلك عدم التخلص من النفايات الخطرة بشكل يومي، عدم وجود أكياس بلاستيكية قابلة للمعالجة المبدئية كشف ذلك مدير الصحة المهنية بوزارة الصحة محمد السعد، مضيفا أن الغرامات المالية تراوحت ما بين 10 آلاف - 20 ألف ريال وأن هذه العقوبات تأتي وفقاً لمواد وأحكام النظام الموحد لإدارة نفايات الرعاية الصحية بالدول الخليجية. وأشار السعد إلى أن المخالفات التي تقع خارج نطاق المنشآت الصحية يتم تحويلها إلى الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة لتطبيق أحكام النظام حسب المخالفات، منوها أن خلال العقود الماضية برزت نفايات الرعاية الصحية (النفايات الطبية) كأحد أهم القضايا التي لها تأثيرات سلبية على الصحة والبيئة، وذلك لما تسببه من مخاطر صحية على البيئة بشكل عام وعلى الصحة العامة والعاملين بالمستشفيات بشكل خاص.. ومن جانبه قال مدير عام الصحة الوقائية بوزارة الصحة فلاح بن فهد المزروع: إن زيادة التعرض لهذه المخاطر من جراء الإدارة غير السليمة لنفايات الرعاية الصحية النفايات الطبية دفع بكثير من الدول إلى تطوير إستراتيجياتها داخل المنشآت الصحية فكانت المملكة العربية السعودية من أولى دول الإقليم التي اهتمت بهذا الموضوع. ونتيجة للتطور التنموي الشامل والسريع الذي شهدته البلاد في كافة القطاعات ومنها القطاع الصحي فقد تضمن النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر السامي الكريم رقم أ-90 وتاريخ 27-8-1412هـ في المادة (32) على أن تعمل الدولة على المحافظة على البيئة وحمايتها وتطويرها ومنع التلوث عنها، واشتملت الخطط التنموية الخمسية في المملكة على عدد من الأسس الإستراتيجية الخاصة بالصحة والبيئة والمحافظة عليها كما صدر النظام العام للبيئة بالمرسوم الملكي الكريم رقم م-34 وتاريخ 28-7-1422هـ، المتضمن في مادته الرابعة عشرة من فقرته الثانية بأن يلتزم القائمون على إنتاج أو نقل أو تخزين أو تدوير أو معالجة المواد السامة أو المواد الخطرة والإشعاعية أو التخلص منها التقيد بالإجراءات والضوابط التي تحددها اللوائح التنفيذية حث اعتمد لعملية التخلص من النفايات الطبية بجميع منشآت وزارة الصحة ما يقارب 70 مليون ريال سنوياً لما يقارب 29 طناً موضحا أن النفايات الطبية هي النفايات التي تنتج من المنشآت التي تقدم الرعاية الصحية المختلفة والمختبرات ومراكز إنتاج الأدوية والمستحضرات الدوائية واللقاحات ومراكز العلاج البيطري والمؤسسات البحثية، ومن العلاج والتمريض في المنازل وتنقسم هذه النفايات إلى نوعين:
- نفايات الرعاية الصحية غير الخطرة:
وتشكل حوالي 80% من نفايات الرعاية الصحية وهي النفايات التي تشتمل على مواد كالتي توجد في النفايات المنزلية العادية.
- نفايات الرعاية الصحية الخطرة:
وتشكل 20% من نفايات الرعاية الصحية وهي جميع النفايات التي تنتج من عمليات التشخيص والعلاج إضافة إلى أماكن تصنيع وتخزين الأدوية والمواد الحيوية
ومن أهداف تطبيق برنامج النفايات الطبية بالمنشآت الصحية:
- تطبيق الإدارة الجيدة للنفايات الطبية داخل المنشآت الصحية لفرز هذه النفايات من مصدرها والتأكد من المعالجة النهائية لها بما يضمن عدم تسرب هذه النفايات وانتشار العدوى ودعم المنحى الوقائي في المنشآت الصحية في جميع الجوانب بما في ذلك التخلص الآمن من النفايات الطبية.
- صون البيئة وحمايتها من التلوث وتوفير بيئة صحية وسليمة بالمملكة.
- تنمية الموارد البشرية الوطنية في مجال إدارة البيئة.
- دعم المنحى الوقائي في المنشآت الصحية في جميع الجوانب بما في ذلك التخلص الآمن من النفايات الطبية.
- إدارة النفايات الطبية والتخلص منها بالسبل والوسائل المناسبة لتفادي تأثيرها على الصحة والبيئة مع اعتماد الأساليب العملية للتقليل من إنتاج تلك النفايات ما أمكن.
- تبني الآليات الكفيلة لتحقيق التنسيق المستمر بين الجهات المعنية لتوحيد وتكامل الجهود بين الجهات ذات العلاقة.
- العمل على اختيار تقنيات معالجة مناسبة ليس لها تأثيرات سلبية على الصحة أو البيئة.
***
ديوان المراقبة يرصد مخالفات على وزاراتي الصحة والشؤون القروية:
وجه ديوان المراقبة العامة انتقادات لرصده مخالفات متعددة في وزارة الصحة ووزارة البلدية والشؤون القروية ففي الأولى كشف الديوان عن تجاوزات خطيرة في مديريتي الشؤون الصحية بجدة من خلط للنفايات الطبية مع العادية وغياب عقود النظافة والصيانة في مركز الدرن والمختبر الإقليمي وعدم التخلص الآمن من تلك النفايات وكشفت الفرق الرقابية التي كلفت العام الماضي بفحص وتقويم التعامل مع النفايات الطبية عدم وضع ملصقات وتعبئة البيانات المحددة في الاشتراطات على أكياس النفايات الطبية وذلك بالمخالفة لشروط ومواصفات التخلص من النفايات الطبية ونوه تقرير ديوان المراقبة العامة إلى ان هناك قصورا في التعامل مع النفايات الطبية في المراكز الصحية بمحافظة جدة ونقلها مما يعتبر مخالفة لشروط ومتطلبات التخلص الآمن من النفايات الطبية كما تضمن التقرير أن المختبر الإقليمي ومركز الدرن يواجه مشكلة في توفير مستلزمات البرنامج حيث لا يوجد عقد خاص بصيانة ونظافة كل من مركز الدرن والمختبر الإقليمي وهذا العقد بطبيعة عقد نظافة وصيانة لمكاتب إدارية وليس لمرفق صحي ولذلك فلم يتضمن بنودا تخص التعامل مع النفايات الطبية الخطرة واشار التقرير ان الحاجة إلى توفير بيانات الطبية في المناطق بالمخالفة لتعميم وكيل الوزارة المساعد للطب الوقائي رقم 2223-2-22 لكافة مديريات الشؤون الصحية بتقديم تقارير دورية عن النفايات الطبية.
مشيرا إلى أن الأسباب الرئيسية لعدم رفع التقارير (عدم فاعلية اللجنة الرئيسية للتخلص من النفايات الطبية وكذلك عدم وضوح التعليمات الخاصة بالتقارير واستخدام النظام الورقي في إعداد التقارير).
وأوصى الديوان بالتعميم على جميع المرافق الصحية التابعة للشؤون الصحية باعتماد رفع تقارير دورية عن النفايات الطبية وفقا للنماذج المحددة مع قيام اللجنة المركزية في المديريات بمتابعة رفع التقارير الإحصائية وفي حالة عدم معالجة النفايات الطبية حسب النظام يجب أن تشير التقارير إلى ذلك.
وأشار الديوان في تقريره إلى أن استخدام أساليب تخزين ونقل لا تطابق المواصفات والشروط في التخلص الآمن للنفايات الطبية موصيا بمعالجة تلك الملاحظات في أسرع وقت إضافة إلى افتقار معظم المرافق إلى أجهزة المعالجة المبدئية للنفايات شديدة الخطورة مع عدم تخصيص غرفة خاصة بتجميع النفايات الطبية بالمخالفة لما نصت عليه شروط التخلص الآمن من النفايات الطبية أما وزارة الشؤون البلدية والقروية فقد كشف التقرير السنوي للعام المالي المنصرم لديوان المراقبة العامة عن عدم مطابقة مرامي النفايات في بعض المدن للضوابط الواردة في «الدليل الفني لإرشادات وضوابط الدفن الصحي للنفايات» الصادر عن الوزارة، مطالباً بضرورة إجراء تقييم للوضع البيئي لتلك المرامي واتخاذ ما يلزم حيال تصحيح الأوضاع وإيجاد الحلول المناسبة للتقليل من خطورة التلوث البيئي إضافة إلى تعمد جهات «غير معروفة» بإلقاء نفايات طبية ونفايات أخرى في أرض فضاء ومن ثم حرقها بطرق غير سليمة دون الحصول على الترخيص اللازم من الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة وأفصح عن أن تقييم إجراءات التخلص من النفايات الصلبة وتدويرها للاستفادة منها والمحافظة على البيئة ببلديتي ضباء والوجه أظهر بعض الملاحظات التي ينبغي معالجتها من أجل المحافظة على سلامة البيئة كما طالب الديوان بمساءلة المختصين في البلدية حول تقصيرهم في معرفة مصدر النفايات الطبية التي يتم التخلص منها في الأراضي الفضاء، وعدم اتخاذهم الإجراءات النظامية لضبط الحاويات التي تلقي النفايات في الموقع وموافاته بما يتم اتخاذه من إجراءات في هذا الشأن.
***
المطالبة بزيادة الاعتمادات المالية 30%:
كشف مصدر لـ»الجزيرة» إن الاعتمادات المالية المخصصة للتخلص من النفايات الطبية تحتاج إلى زيادة تقدر بـ30% خصوصا لمناطق (الجوف، نجران، الحدود الشمالية) وأشار إلى أهمية الالتفات لقضية التخلص من النفايات الطبية لارتباطها بشكل مباشر على صحة الإنسان وسلامة البيئة، وأضاف أن هناك تحديات تواجه القطاعات المسئولة منها ضعف التدريب والتأهيل للقوى العاملة وندرة المتخصصين فيها كذلك محدودية الشركات المعنية بالتخلص من النفايات الطبية موضحا أن عدد الشركات المرخصة لا تتجاوز 4 شركات حتى تاريخه وأضاف أن هناك أكثر من 415 مستشفى موزعة على مختلف أنحاء المملكة فلن تستطيع 4 شركات أن تعمل بكفاءة عالية وتغطي كل مناطق المملكة بالآليات الآمنة المناسبة..
***
الممرضون الأكثر عرضة للخطر:
أوضح تقرير أمريكي لوكالة حماية البيئة أن طاقم التمريض هم أكثر التخصصات التي تتعرض لمخاطر صحية مهنية لحالات الجروح الناتجة بسبب الأدوات الحادة. وأن هنالك حوالي 17 – 22 ألف ممرضة بالمستشفيات يتعرضن كل سنة لحوادث الجرح (الوخز) من مواد حادة، والعدد يفوق ذلك بالنسبة للممرضات العاملات خارج المستشفيات مثل المنازل وبيوت الرعاية وغيرها، حيث تصل الإصابة بهذه الشريحة إلى 28 – 48 ألف إصابة. وأشارت الدراسة إلى أن شريحة الممرضات أكثر فئة تتعرض لعمليات الجرح بالصحة مقارنة بالأطباء والفنيين وغيرهم من التخصصات الطبية الأخرى بسبب احتكاكهن المباشر مع المريض واستعمال الحقن والمواد الحادة بكثرة. أما بالنسبة للإصابات بالأمراض التي قد تنتج عن هذا العدد الكبير من حوادث وحالات الجرح بالمواد الحادة لدى الممرضات، أن احتمال الإصابة بفيروسات تليف الكبد الوبائي يصل إلى 56- 96 للممرضات العاملات داخل المستشفى، أما العاملات خارج المستشفى فيصل 26 – 45 حالة سنوياً.
***
باحث يحذر من خلط النفايات في المردم الصحي:
كشفت دراسة صادرة عن جامعة الملك عبدالعزيز قام بها الباحث أحمد عبدالله الشمراني تحت عنوان (دراسة على ممارسات إدارة المخلفات الطبية في مدينة الطائف) أن ممارسات المستشفيات في منطقة الطائف حيال النفايات الطبية لا تتوافق بشكل تام مع الاشتراطات المحلية، كما أنه لا يوجد أولوية لعملية فرز هذه النفايات وفق تقنية الاوتوكليف في المملكة العربية السعودية هي الطريقة المستخدمة لمعالجة النفايات الطبية غير أن ما يتم معالجته يتم التخلص منه بإلقائها مع النفايات البلدية في المردم الصحي.
وأوضحت الدراسة أن معدلات التوليد على أساس النفايات الطبية كانت (500 سرير) 5.1 كجم/سرير-يوم، (437سرير) 4.3 كجم/سرير-يوم، (208 سرير)، 3 كجم/سرير-يوم، (120 سرير) 2.1كجم/سرير-يوم، والمواد المكونة للنفايات الطبية التي تم فرزها وحددت نسبها كانت المعدن، الزجاج، البلاستيك، الورق، الكرتون، المنسوجات، العبوات وأنابيب المغذيات، القفازات، القطن والشاش، الدم المتبقي، الإبر، الحقن، وخلافه (عبوات المياه المعبأة والعصائر والأكياس البلاستيكية ومغلفات الحلويات والبسكويت والمناديل الورقية).
وأشار الباحث إلى ان اختيار موضوع الدراسة جاء لأهمية ما قد ينتج عن التعرض المهني من مخاطر صحية جراء القصور في إدارة المخلفات الطبية جعل الكثير من الدول تقوم بتطوير استراتيجيات في إدارة تلك المخلفات سواء على المستوى المحلي والدولي أما في الدول المتقدمة تحظى النفايات الطبية باهتمام خاص وفي المملكة العربية السعودية كمثل بقية الدول النامية تشهد العقود الأخيرة ازدياد في توليد النفايات الطبية مما يهدد السلامة العامة والصحة المهنية ومن ثم التخلص منها وقد تم استخدام التحليل الإحصائي في الدراسة وخلال فترة المسح المحددة بأربعة أشهر بواقع زيارة واحدة كل أسبوع (16 زيارة).
***
التوصيات:
- زيادة حجم الاعتمادات المالية المخصصة للتخلص من النفايات الطبية.
- التركيز على تطوير وتأهيل القوى العاملة المتخصصة في إدارة النفايات الطبية.
- التوسع في الترخيص لشركات مؤهلة ومعتمدة في إدارة النفايات الطبية.
- الرفع من مستوى إدارات الرقابة والإشراف المعنية بالتخلص من النفايات الطبية ودعمها وبالتوسع في زيادة أعداد القوى العاملة فيها وزيادة ميزانيتها.
- إطلاق حملات توعية للتعريف بخطر النفايات الطبية على البيئة وصحة الإنسان.
- إبرام شراكات مع المؤسسات الإعلامية لتحقيق أهداف التوعية وتنفيذها بالشكل السليم.