قبل أن يبدأ مراقبو جامعة الدول العربية مهمتهم في سورية نفذ انتحاريان عملية إرهابية بتفجير سيارة مفخخة ضد أهداف أمنية في العاصمة السورية دمشق، والهدف كان مقر أمن الدولة، والآخر مقر التوجيه السياسي، وكلاهما من المراكز الأمنية التي تحظى بحراسة مشددة ليس على مقراتها بل في المنطقة المحيطة بها والشارع الذي تقعان عليه مما يطرح تساؤلات عن قدرة (القاعدة) التي اتهمت كالعادة في مثل هذه الأعمال الإرهابية، وهل الجهاز الأمني السوري مخترق.
أيضاً المراقبون سيبدؤون عملهم بعد وجبة كبيرة من القتلى في الأيام الأربعة الماضية وصل عددهم إلى قرابة الثلاث مئة قتيل والأعداد مرشحة للارتفاع في ظل مواصلة قوات الجيش السوري اقتحام المدن السورية التي أطلقت عليها مصطلح المدن المشاغبة بالدبابات ودكتها بالمدفعية خصوصاً مدينتي حمص وأدلب.
في ظل هذا التصعيد الأمني الخطير تصل بعثة المراقبين العربية التي يأمل أن تعمل على وقف انتهاكات القوات العسكرية والأجهزة الأمنية، وهي مهمة يرى أكثر المتابعين تفاؤلاً أنها صعبة إن لم تكن مستحيلة، في ظل اتساع رقعة العمليات وكثرة الاقتحامات التي تقوم بها القوات العسكرية مقابل قلة عدد المراقبين الذين لا يتجاوزون 150 فرداً لا يمكنهم التحرك دون معرفة ومرافقة الأجهزة الأمنية السورية بحجة حمايتهم.
إذن الحديث عن قدرة هؤلاء المراقبين لوقف العنف وإعادة الاستقرار إلى سورية، حديث لا يمكن تحقيقه حتى على الورق، إذ طالما استمرت قوات الجيش في اقتحام المدن وطالما ترك (الشبيحة) يمارسون القتل العشوائي ضد المواطنين السوريين فإن المهمة محكوم عليها بالفشل، وهو فشل قائم ما لم تبادر السلطات السورية باتخاذ قرار حازم بإعادة القوات المسلحة إلى مقراتها وضبط أعمال الأجهزة الأمنية لعدم التعرض للمتظاهرين السلميين ومواجهة الشبيحة الذين يعثون فساداً، وطالما استمر الخيار الأمني هو الخيار الوحيد فإن التظاهرات والمواجهات ستستمر كون الشعب يدافع عن نفسه.
النظام السوري وافق مرغماً على توقيع بروتوكول وصول المراقبين إلى سورية دون أن يقدم ضمانات بوقف العمليات العسكرية والعنف والقتل ضد المتظاهرين، وهذا بحد ذاته هدم للمبادرة العربية، والنظام أراد من وراء توقيع بروتوكول المراقبين كسب الوقت مراهناً على إخماد انتفاضة الشعب التي ستتواصل طالما تواصلت عمليات القمع مؤكدة فشل مهمة المراقبين وفشل المبادرة العربية لتترك المجال لتدخل دولي لا يوقفه إلا حسن تعامل من النظام العربي وتغير تعامله مع شعبه الذي يستحق أن تلبى مطالبه في الحرية والعدالة الاجتماعية.