**جاءه صوت الوزير شاكيًا سوء اللغة التي كتب بها أحدهم مقالا ينتقــده، وكان مع آخر فامتدح مطبوعةً أو اثنتين وذم ســــواهما لتجاوزهمــــا الموضوعيــة في تضخيم رؤًى ذاتيةٍ غير منصفة، ويذكر -قبل سنوات- أنه كان يتندر مع زميل له بدرجة وكيل وزارة مهنئًا إياه بالحصانة الممنوحة له ضد «كلام الجرايد» قبل أن يتجاور معه «كلام الإنترنت».
**تغيرت كل هذه الصور؛ فلا الأول سيشكو ولا الثاني سيكتفي ولا الثالث في أمان، وربما أصابهم ومن تلاهم شيء من التبلد بعد ما «تكسرت النصال على النصال» على طريقة «ولو كان سهمًا واحدًا لاتقيتُه»؛ ما يعلن بداية تختتم نهايات.
**بدأنا -بفضل الإعلام البديل- ننتقل من تملق المسؤول إلى تملق الجماهير؛ فبعد ما سمي «ربيعًا عربيًّا» ومع تزايد مساحات التواصل الاجتماعي وارتفاع سقوفها «المستعارة» بات ذو الكرسيّ حريصًا على عدِّ خطواته قولا وفعلا خشيةَ وقوعه في مهب رياح النقد الموصلة للتغيير.
**إيجابيات جميلة في المجتمعات الفردية التي تهيّأُ للناس فيها زمنٌ غير رغد آمنوا فيه غير مخلصين بوجود شخوصٍ بمقاساتٍ «سوبرمانية» تستطيع قلب معادلات الهزيمة والتخلف ثم صحوا على قيعانٍ وانكسارات.
**تبقى القضية ثقافية مهما تبدلت ألبستها السياسية والدينية والمجتمعية، غير أن الثقافة ليست إرثًا عائليّا أو توالدًا جينيًّا؛ ما يجعل محاكمةَ الفرد مستقلةً عن أسرته ووطنه إلا بمقدار ما يكتسبه منهما تابعًا أو ينأى عنهما مختطًا طريقًا آخر.
**دلف العالم منذ سنوات لمرحلة ما بعد الحداثة الإدارية، وتبادل الرئيس والمرؤوس الأدوار فصار السائل مُساءلا، وبدت للباحثين مناهجهم في تحليل وتعليل المتغيرات، وتعد دراسة «هوفستد» ذاتُ الأضلاع الأربعة مهمة في قياس القوة والفردية والذكورة والتأكد، وقد أجراها على أكثر من مائة ألف موظف في أربعين دولة سعياً لمعرفة مدى قبول الأفراد للتوزيع غير العادل لمراكز القوى، ومدى تباين المخرجات بين مجتمعات تؤمن بالاستقلالية والإبداع الذاتي وتلك المتجهة لقيم العائلة والقبيلة، والفوارق بين سيادة قيم الذكورة المتجهة للتفاضلات الإنتاجية وتلك الأنثوية المرتكزة على المساواة، وغموض القرارات ومخاطرتها وارتياح العاملين إزاءها.
**لو طبقت مثل هذه الدراسة بمعاييرها على بيئة العمل هنا لخرجنا من إِصْر فردنة الإنجاز والإخفاق كيلا نرفع من لا يلام ونضع من يُضام، ونتقاذف الكرةَ بين مسؤول لا يُساءل وسائلٍ لا يجاب وحلقات أضعفَ تُرمى عليها السلبيات فندور في دائرة الخطأ المتكرر، وقد هادن الحظُّ المسؤولين كثيرًا حتى ظننا فيهم العصمة، وجاء زمن يحصي عليهم أنفاسهم، وسقطت -بضعفهم- نظريات الإعلام الدعائي الانتفاعي، ولم تعد إدارات العلاقات المبرِّرة والنافية قادرةً على الحياة.
**الإدارةُ نص لم يكتب.
ibrturkia@gmail.comt :@abohtoon