ما إن اختتمت قمة الرياض الخليجية الثانية والثلاثين، حتى تواترت ردود الفعل الإيجابية من مختلف الدوائر الإقليمية والدولية، التي وجدت في قرارات القمة نقلة نوعية لمسيرة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي تتجه إلى تحقيق وحدة إقليم الخليج العربي، بعد مباركة وتبنِّي قادة الخليج لطلب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، إلى الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، لإقامة كيان واحد يضم جميع دول الخليج العربية.
ولقد وجد المتابعون لمسيرة دول الخليج العربية في طلب خادم الحرمين الشريفين الانتقال إلى مرحلة الاتحاد مضامين عدّة، من أهمها أنّ الملك عبد الله بن عبد العزيز ترجم تطلُّعات وطموحات أهل الخليج التّواقين إلى التوحُّد، وأنّ دول الخليج العربية التي استكملت البُنى الأساسية لإقامة كيان موحَّد، أضافت بُنى جديدة تعزِّز هذا التوجُّه، لهذا جاءت قرارات قمة الرياض باعتماد ثلاثة قوانين جديدة لتوحيد الإدراج في الأسواق المالية والعمل بالتعرفة الجمركية الموحّدة اعتباراً من يناير عام 2012م، والإسراع في إنجاز العملة الموحّدة لدول الخليج، واستكمال إقامة السوق الخليجية المشتركة، وهي عوامل محفّزة لإقامة الكيان الموحّد الذي أنجز بنجاح بنية دفاعية تتطوّر باستمرار، وصولاً إلى بناء قوة عسكرية موحّدة، بدأت في إنشاء قوات درع الجزيرة التي قامت بدورها بكل اقتدار في أحداث البحرين، وأنّ هذه القوات ستكون نواة لجيش خليجي موحّد له وجود في كلِّ دول المجلس، وكذلك البدء في تكوين وحدات أمنية موحّدة، حيث سيجتمع مديرو الأمن العام في الدول الأعضاء لوضع استراتيجية أمنية موحّدة لتحصين الأمن الداخلي، ومنع أيّ اختراق خارجي لأمن واستقرار الإقليم، كما أنّ التنسيق السياسي والدبلوماسي على أكمل وجه، مما مكّن دول مجلس التعاون من قيادة العمل السياسي العربي.
كلُّ هذه الأسس والبُنى التأسيسية تجعل التحوُّل إلى دولة الاتحاد وإقامة كيان واحد، هو الخيار الأفضل والتطوُّر المنطقي لمسيرة التعاون، لهذا فقد قوبل طلب الملك عبد الله بن عبد العزيز بمباركة وتأييد قادة المجلس، الذين أعطوا إشارة التنفيذ بتكوين هيئة متخصصة لدراسة المقترحات والآراء التي تداولها القادة والخاصة بمبادرة خادم الحرمين الشريفين، لوضع الأسس العلمية والعملية لتكوين الكيان الواحد لدول الخليج العربية.