تقوم وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بتنظيم ميدان يتنافس فيه ثُلَّةٌ من ناشئة الأمة الإسلامية وشبابها، وذلك برعاية كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله. والشيء من مَعْدنِه لا يُستغرب؛ فقد عوَّدنا -أطال الله عمره- على بذل الغالي والنفيس من أجل صيانة كتاب الله، والذَّبِّ عن حياضه والعناية بالمؤسسات التي تخدم مسيرته وعلومه.
وليس غريباً أن تأخذ هذه المسابقة عنواناً لها من اسم الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيّب الله ثراه.
وإذا كان شبيبة عصرنا يعيشون تحت تأثير وسائل وصوارف متعددة، تعمل على تحقيق منهجية ورؤية بعيدة عن المناهل المشروعة، فإنهم يحتاجون من أولياء الأمور إلى تنظيم فعاليات هادفة لتوجيههم إلى الخير الذي ينفعهم في دنياهم وآخرتهم. وتأتي هذه المسابقات القرآنية لتكون محضناً راقياً لهم، ومورداً عذباً يصدرون فيه عن صيد ثمين، فيحفظون من خلاله آي الذكر الحكيم، ويجتهدون في معرفة تجويدها وترتيلها وتفسيرها.
والسلف -رحمهم الله- كانوا حريصين على أن ينشأ ناشئ الفتيان منهم على حفظ كتاب الله والتأسِّي بتوجيهه، وقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يُفاضِلُ بين أصحابه رضوان الله عليهم في حفظ القرآن الكريم، وكان يقول: «ولْيَؤُمُّكم أكثركم قرآناً»، [البخاري برقم 4302]، وإذا اجتمع شهداء الصحابة قدَّم في اللحد أكثرهم قرآناً، [البخاري برقم 1347].
ولقد أدركت هذه الوزارة المباركة أهمية إثارة الملَكات الكامنة، وتنمية مدارك الشباب والناشئة وإثرائها، وهي من خلال تنظيم هذه المسابقة تشجع المشاركين من هذه الفئة الغالية على نفوسنا، على التكيّف الصحيح، وإيجاد بيئة صحية مناسبة، يجتمع فيها الحفظة لكتاب الله، فيتنافسون، ويجتهدون، ويَجدُّون، فيُعْرَفُ للمجتهد الجادِّ قَدْرُه، وتُحفظ له جائزته، ويتخرج في هذا المضمار حاملاً راية التفوق. ونأمُل أن يكون قد توافر له مع الحفظ والتجويد التخلُّق بخلق القرآن الكريم، فيتَكَوَّن المتميزون الذي يستضيئون بما ورد في الحديث الشريف، عندما سُئلت السيدة عائشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: «كان خلقه القرآن» [رواه أحمد برقم 24601] ، وحافظ كتاب الله هو الأولى بهذه المَنْقبة من غيره.
والشكر الجزيل لراعي هذه الوزارة المباركة معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ على ما يبذله من جهدٍ ودأب، مع إخوانه الذين يسعون في تنظيم فعاليات هذه المسابقة الدولية، ويجتهدون في إعداد برامجها.
وجزى الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على رعايته هذه المسابقة، وأسأله سبحانه أن يحفظ لبلادنا العزيزة سؤددها وتوفيقها، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
* الأمين العام لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف