عجزت عن أن أفهم الأساس الذي تتعامل به الكرة السعودية، أو الكيفية التي على أساسها تقيّم العديد من الأندية (عمل) المدربين مع فرقها، هل يقوم ذلك على البطولات وتحقيقها أم الأداء والمستوى أم هي النتائج أم على النتاج العام؟ في أحوال كثيرة تبدو الصورة غير مبررة في قرارات الإقالة، وعلى سبيل المثال في الموسم الماضي كانت آخر مباراة لمدرب الهلال السابق جابرييل كالديرون مباراة الذهاب أمام الاتحاد في نصف نهائي بطولة آسيا التي خسرها بنتيجة (0/ 3)، وأسندت المهمة لمدير الفريق سامي الجابر قبل يومين من مباراة الإياب التي كانت (عملياً) آخر مباراة للفريق في الموسم، وبعدها ينتهي عقد المدرب رسمياً. وفي مباراة الكلاسيكو القادمة إذا فاز الهلال في المؤجلة التي تكمل نصابه سيعتلي قائمة الترتيب، وهذا يعني أن دول سيغادر وفريقه يتصدر. أما الاتحاد فقد أقال ديمتري قبل مباراة الديربي في جدة، وهو الذي أبقاه بعد خسارة مباراة نصف نهائي بطولة آسيا، واكتفي بإقالة مساعديه الوطنيين في ذلك الوقت قبل أن يلحقه بهما بعد ثلاث مباريات، في تناقض غريب وليس مبرراً. والأمر ليس وقفاً على الأندية الكبيرة والإعلامية والجماهيرية، وإنما يحدث أيضاً في أندية المنطقة الدافئة والمؤخرة؛ فعلى سبيل المثال فريق التعاون أقال مدربه بعد خسارة الديربي أمام الرائد، وهو الذي (استبقاه) وتحايل عليه ليستمر بعد أن استقال عقب عيد الأضحى المبارك، كما صرح بذلك نائب رئيس النادي. وحتى على مستوى المنتخب إن كانت الشائعات صحيحة - وأشك في ذلك - عن توجه لإلغاء الارتباط بالتراضي مع مدرب المنتخب السيد ريكارد بعد مباراة أستراليا القادمة فإن سؤالاً عريضاً يطرح نفسه: لماذا التأجيل حتى انتهاء المباراة، وهناك وقت كاف من الآن حتى موعدها، والبديل الممكن وربما الأنسب (أقصد روجيرو البرازيلي) موجود، وتوليه المهمة الآن أفضل كثيراً من التأجيل حتى بعد مباراة أستراليا، بغض النظر عن التأهل من عدمه؟!
في الموضوع ربما الأمر المحير أكثر والسؤال الأكبر والأهم هو: على أي أساس تتعاقد الأندية مع الأجهزة الفنية؟ وما منطلقاتها في ذلك؟ فرغم اختلاف المدربين وجنسياتهم وخبراتهم وسيرهم الذاتية إلا أن أنديتنا تتشابه في تعاملها معهم، في سرعة إحضارهم وسرعة تسريحهم وإلغاء عقودهم، مع ما في ذلك من هدر للمال والوقت، وفوق ذلك وقبله وأهم منه (تلطيخ) سمعة الكرة السعودية في الأوساط العالمية.
قد يذهب المدرب وقد تذهب الإدارة!
لا تتوافق كثيراً التصريحات التي أطلقها مدرب الاتحاد الجديد السيد كيك مع المعلومات المنشورة حول عقده، فما يشير المدرب إلى أنه سيقوم به ويفعله لن يتمكن من كثير منه إذا كان عقده الفعلي فقط ستة أشهر، وإذا كان جاداً فيما قاله من رغبة في التشبيب، وتجديد دماء الفريق، فإن ستة أشهر لن تكفيه إطلاقاً، ولن يجد (بيئة) عمل صالحة ومناسبة في هذه الفترة القصيرة، هذا إذا أكملها، فقد جاء قبله مدربون عقودهم ضِعْف عقده ثلاث مرات (24 شهراً)، لكنهم لم يستمروا، وذهبوا ضحية (السطوة) الفردية القائمة في الفريق، وكان قرار إبعادهم أو ابتعادهم أسرع مما يتوقعون، حتى إدارة النادي لا يبدو أنها (جادة) في التصريحات والرغبات التي أطلقتها، والأهداف التي تعلنها وتؤكد أنها وراء اختيار المدرب؛ فهي لا يمكن أن تثمر وتتحقق في نصف موسم، ولو كانت جادة لجعلت العقد موسماً ونصف الموسم على الأقل، أي ما تبقى من الموسم الحالي والموسم القادم، ولعل ما فعلته يدخل ضمن خطواتها (المرتعشة) وقراراتها المترددة، ومخاوفها من أن تدفع إلى الأخذ بقرار إقالة المدرب تحت تأثير أصحاب السطوة، كما حدث لكالديرون ومانويل جوزيه وغيرهما، ولذلك (تحسبت) مبكراً فجعلت العقد فقط ستة أشهر، وبانتهائها قد يذهب المدرب وقد تذهب الإدارة، ويعود الأمر في الفريق إلى نقطة الصفر، كما يحصل كل موسم ومع كل مدرب جديد يأتي.
كلام مشفر
) كثير من الاتحاديين (العقلاء) ليسوا متفائلين بمرحلة المدرب الجديد كيك، ولا إمكانية استمراره مع الفريق؛ ذلك لأنه قدم ليعمل في الأجواء والظروف نفسها ومع الأشخاص أنفسهم، دون تغيير من الإدارة يصنع له بيئة عمل ناجحة أو مختلفة.
) لذلك فقد يوقع قرار ترحيله قبل أن يجف حبر توقيع عقده، ليس بقلم (الإدارة)، وإنما (الإرادة) التي تروض كل ما في النادي.
) اعتراف صريح ذلك الذي قاله الحكم الدولي خليل جلال في برنامج (الدليل القاطع) بقوله «الغالبية يحسبونني على النادي الأهلي»، وهذا الاعتراف أو القول الخطير يجب أن تقف عنده لجنة الحكام كثيراً؛ لأنه يوضح بجلاء واقع الحكم وبعظمة لسانه.
) الاعتراف يكشف شخصية خليل وأسباب مواقفه المستمرة من فريق الاتحاد، سواء بوصفه حكم ساحة أو حكماً رابعاً أو حتى (مشجعاً) في المنصة، وهناك العديد من الأمثلة، وكذلك عدم قدرته على السيطرة على ما في داخله؛ فيفعل ما يفعل وفق المثل الذي يقول «عمي جمل»!