المكرّم رئيس تحرير جريدة الجزيرة.. وفَّقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كانت الدولة العثمانية في أواخر مراحلها تُسمى (الرجل المريض) قبل سقوطها عام 1924م وما أشبه الليلة بالبارحة، فهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شوّهت سمعتها حتى غدت في عيون الناس (هيئة الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف)، فهذه الهيئة تُضرب ليل نهار بسياط من لهب، وكأنها جثة هامدة من غير روح، صارت هي الجدار القصير لكل مفتات ومفتر، وصدق عمر: اللهم إني أعوذ بك من جَلَد الفاجر وعجز الثقة.
ولعل من تسطَّح تفكيرهم من منسوبيها يعزّون أنفسهم بمقولة (حتى النبي صلى الله عليه وسلم لم يسلم فقد قيل إنه مجنون وساحر وكاهن وكذاب)، فهل سكت صلى الله عليه وسلم على ذلك؟ أم نزل القرآن يبرئه؟!
هل جثا على ركبتيه صلى الله عليه وسلم أم دافع وقاوم وأسس إمبراطورية إسلامية كسرت شوكة أعظم الإمبراطوريات القائمة إبانه؟! هل كان سكوته صلى الله عليه وسلم يزيد الطين بلة والداء علة؟ أم كان يؤسس دولة الإسلام العظمى؟
فإشارة لمقال الأخ الكاتب عبدالعزيز السماري في (الجزيرة) يوم الاثنين 17-1-1433هـ المعنون بـ(لتكتب الهيئة تشريعاتها)!! الذي أجاد فيه ببعض حديثه وهمز ولمز وطعن في جوانب كثيرة من حديثه، وأنا لا ألومه فهو جزء من شريحة المجتمع الذي يلوك عرض هذه الهيئة التي كأن منسوبيها صم بكم عمي فهم لا يرجعون كأنهم لا يسمعون ولا يبصرون، فقد تشكّل في مجتمعنا جيل لا يسمع عن الهيئة إلا السوء والنكد، فلا علاقات عامة ترد على الاتهامات، ولا تفاعل مع الإعلام ولا مد جسور مع الجهات الأخرى، فمن يذود عن حياض هذا الجهاز الحكومي الذي يلفظ أنفاسه؟ فأين هم من:
ومن لم يزد عن حوضه بسلاحه
يُضرّس بأنياب ويوطأ بنسم
إن سكوت الهيئة عن ما يُنسب إليها اعتراف ضمني بهذه التهم.. لماذا لا يطبّقون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على جهازهم هذا؟ فهم لا يأمرون بالمعروف وهو تحسين سمعتهم ولا ينهون عن المنكر على من تناولهم في وسائل الإعلام.
اللهم إن كان ما يُقال عنهم صحيحاً فنحن نبرأ إلى الله من صنعهم، ألم يقرأوا قوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. ألم يقرأوا قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ}. ألم يقرأوا قوله تعالى: {وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ}.
من لا يقدم شذرة السيف والكيس
يَبْرى عليه من الليالي ثلومي
لماذا لا يكون لهم تواصل عميق مع الإعلام؟ لماذا لم نسمع أنهم حاكموا من جَارَ عليهم وشوَّه سمعتهم؟
تقول العرب في أمثالها: وجه الإنسان فِتِر!! أي أن سمعته لا تستحمل المعايب، فإذا شوّهت سمعته لم يبق له مصداقية.
قد قيل ما قيل إن صدقاً وإن كذبا
فما اعتذارك من شيء وقد قيلا
لماذا لا يكون للهيئة محامون على مستوى الدولة؟ إنهم بهذا السكوت والخرس يجرّءون على أنفسهم السفهاء!! لماذا لا يشعرون المجتمع بأنهم الجهاز الوحيد في الدولة الذي طبيعة عمله محاربة الشهوات والملذات والشبهات المحرّمة نظاماً وشرعاً؟ فطبيعة عمله هي مصادمة الخارجين عن القانون، فشيء طبيعي أن يحصل منه مصادمات، ثم إذا حصل من تجاوزات فما نسبتها مقارنة بالأجهزة الحكومية الأخرى؟ لماذا تضخّم أخطاء الهيئة وتعظّم وتنشر وتشهر. لقد كانت سنّة المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه حافظ على جناب الشريعة وسعتها فلم يقتل المنافقين، ولم يهدم الكعبة لحداثة إسلام قومه، وأمر بالاضطباع للقوة و..و.. فلا تهونوا ولا تجبنوا وتخنعوا وأنتم الأعلون.
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرح بميت إيلام
والسلام عليكم
د. علي الحماد - محافظة رياض الخبراء