لا أدري ما سر تريثي الطويل قبل الإدلاء بدلوي حيال ما أشار إليه وصرّح به معالي الشيخ خالد التويجري رئيس الديوان الملكي والسكرتير الخاص لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود يحفظهم الله جميعاً لصحيفة الجزيرة في الصفحة الثانية من عدد يوم الخميس الموافق 7-3-1432هـ تحت عنوان: (سأتواصل معكم دون حواجز، وأقبل الشكاوى ضدي بصدر رحب... إلخ)، لأقول وبالله التوفيق بأنه وللأمانة بأن هذا التصريح إنما يدل على عظمة قلبه التي لا ولن تصنع له إلا كل الحب والتقدير من البعيد قبل القريب، ومثل هذا التصريح إنما يدل أيضاً على عظمة فكره الذي لم يتولد إلا عن فكر جديد فيه توضيح للمعاني وإغناء للمفاهيم، على اعتبار أن العمل الصالح لا ينتج عنه إلا الموقف الصالح، وهذا يؤكد أن خصاله وقيمه الأخلاقية الإسلامية ما هي إلا واجب عليه، وزاد بقائه، أي أنها بلا منّة منه، بل يراها التزاماً دينياً وأدبياً وقانونياً تحكم سلوكه وبالتالي تقرر سلامة تصرفه بإذن الله، ولهذا يقول بعض الفلاسفة إن المثل الأخلاقية في الإنسان تنحصر في ثلاثة: (الخير والعدل، الارتباط الفكري، القواعد الآمرة)، ولا أظن أن هذه الثلاثة بحاجة شرح أو تفسير.
وبالمناسبة أورد هنا ما أشارت إليه أختنا وكاتبتنا القديرة الدكتورة خيرية السقاف في زاويتها (لما هو آت) بالعدد رقم 13630 في 7-2-1431هـ حينما قالت: (كل علاقة تقوم على حفظ الذات الإنسانية في ضوء شراكة الحياة مع أي فوارق واختلافات تكون علاقة سليمة ينعم في وجودها الإنسان)، وهذا ما نلمسه في تصريح معالي الشيخ خالد التويجري بأنه شريك للجميع في الحياة والعمل، وإنما يعمل من أجلهم ولا أحد فوق القانون بما في ذلك شخصه الكريم بالرغم من درجة قربه من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود يحفظه الله ويرعاه، كرئيس لديوانه الملكي وسكرتيراً خاصاً له، وهي رسالة نتمنى أن تصل لكل مسؤول.
إن من يشعر الناس حينما يكونون في حضرته بأنهم عظماء، فهو بلا شك إنسان عظيم، فمن أبرز صفات العظماء وأصحاب التأثير الإصغاء إلى الآخرين، فقد أثبت علماء النفس الاجتماعي أن الاستماع الجيد للناس ليس بالضرورة أن يقنعهم أو يغير رؤيتهم، ولكنه يقوي ويزيد من أواصر المحبة والتقارب بينهم على كافة الأصعدة سواء الروحي أو العاطفي أو غيره، فأسعد القلوب هي التي تنبض وتعمل وتتفاعل من أجل الآخرين، لأنها تختصر المسافات وتلغي أية حواجز أو عقبات أو عراقيل بينهم.
أخيراً وليس آخراً يحضرني قول شهير للكاتب الياباني نوبواكي نوتو هارا حينما قال: (الإنسان بحاجة إلى النقد من الخارج والداخل مهما كان موقفه أو وظيفته الاجتماعية أو الهيئة التي ينتمي إليها، فإن غياب النقد يؤدي إلى الانحطاط حتى الحضيض)، كما يقول مدرب فن القيادة روبن شارما: (تأتي السعادة من خلال التحقيق التدريجي لهدف يستحق العناء)، وبما أن التقصير حسب ما هو متعارف عليها شرعاً من طبيعة الإنسان، فإن النقد الهادئ الصحيح المبني على أسس شرعية التي لا ولن تصدر إلا عن وعي وإدراك واتزان هو ما ينشده معالي خالد التويجري، لتحقيق الهدف، بل الأهداف بإذن الله التي تستحق العناء.
أخيراً وليس آخراً أيضاً من تعلو همته سيطول همه، والسنابل المليئة بالقمح والخير هي المنحنية للناس، فذاك هو خالد التويجري والذي هو بكل صراحة ووضوح رجل عظيم بكل المقاييس.
المستشار القانوني عضو اتحاد المحامين العرب